ذهبت مجموعة من أمهات وزوجات معتقلي داريا صباح الثلاثاء 8 أيار 2012، إلى المحامي العام الأول لتقديم طلبات إخلاء سبيل للمعتقلين، وذلك انطلاقًا من حقهم القانوني في المطالب بالكشف عن مصير المعتقلين، الذين تجاوزت مدّة اعتقالهم في الأفرع الأمنية ستين يومًا دون إحالتهم إلى القضاء، أو محاكمتهم وتوجيه تهمة محددة لهم.
وكانت النتيجة أن تم احتجازهن في مكتب المحامي العام لمدة لأكثر من نصف ساعة، وأجري معهن تحقيق شكلي من قبل المحامي العام لمعرفة المنظّم الرئيسي لهن، ومما أثار نقمة المحامي العام هناك ورجال الأمن الذين كانوا منتشرين في بهو القصر العدلي أنهم شاهدوا بحوزة النسوة دفترًا مصممًا بطريقة فنية طُبع فيه أسماء معتقلي داريا مع صورهم الشخصيّة وتاريخ الاعتقال، وكذلك العمر والحالة الاجتماعية لكل منهم.
وأعرب المحامي العام عن قلقه حيال ما يجري في داريا، وعبر بصريح العبارة «أبناؤكم عندنا فلا تحاولوا أن تستفزونا بهذه الحركات حتى تضمنوا سلامتهم»، فقد أصبح بنظرهم من يطبّق القانون فإنه يقوم بحركات استفزازية، وحاول مرارًا أن يعرف من صمم هذا الدفتر، وأكّد لنا أن التي ستتبنّى إحضار الدفتر فلن تخرج خارج عتبة القصر، إلا إلى أحد الأفرع الأمنيّة، وألقى محاضرة طويلة بالنسوة عن أخطاء المتظاهرين، ومن يتستّر خلفهم لتحقيق مآربه الشخصيّة، وأن هناك أفرادًا سيئين بين النسوة أنفسهن، أو من خارج المجموعة هم الذين غررّوا بهؤلاء النسوة -على حد تعبيره- وطلبوا منهن أن يفعلن ذلك.
ثم أكّد أن طلبات إخلاء السبيل هذه لا تقدّم شيئًا، إذ يتم إرسالها إلى وزير العدل، ليطّلع عليها بعينه الساهرة التي لا تنام، ثم ليحوّلها إلى الأفرع الأمنية المحدّدة.
لينهي المحامي العام هذا الاحتجاز بمشهد أخير يكمل به مسلسله الذي اصطنعه لنفسه، ليرينا شهامته التي كادت تفقأ أعيننا لشدة شفافيته في التعامل مع الموضوع، فأمر الحاجب أن يطلب أحد أفراد الشرطة «حصرًا» وليس عناصر الأمن الحضور إلى مكتبه، وريثما حضر الملازم أول طلب منه أن يخرج مع النسوة إلى باب القصر العدلي الرئيسي، وبشكل مجموعات صغيرة، فلا يخرجوا من باب واحد خوفًا من فتنة قد جئن لافتعالها داخل القصر العدلي، ثم أصر ألا يرافقهن عناصر الأمن لأنه بذلك لن يضمن سلامتهن من الأمن في الخارج، وكأن كل فرع أمن أو حتى كل عنصر أمن دولة بحد ذاته له قوانينه التي لا تنطبق على الفرع الآخر، وشهامته المصطنعة لم تسمح له أن يتركهن هكذا بل أعطاهن رقم هاتفه وهاتف مكتبه ليتصلوا به بعد أسبوع من تاريخ تقديم الطلب ، فيخبرهم «هاتفيًا» عن النتيجة، وقال لنا إن تكلم معكم أحد من رجال الأمن فأخبروه فقط بأنكن كنتن عند المحامي العام واتصلن بي فورًا.
عذرًا منك سوريا، وسامحينا لأن كرسي النصيحة فيك يعتليه جاهل، وكل خوّان فيك يدّعي أنه شهم يناضل.