محبوب الجماهير و”ماجيكو” الفراعنة على قائمة الإرهاب
يرحلون من بلادهم أو ينفون منها، تستقبلهم بلدان أخرى لتقدر مكانتهم وتضعهم في مكانهم الصحيح، في بلادنا العربية من الطبيعي أن يحصل هذا على جميع المستويات، فشروط أن تكون ناجحًا تبدأ من ولائك المطلق لرأس الهرم ولا تنتهي عند أصغر ضابط أمن.
في تاريخ كرة القدم جرت العادة أن تكرم الدولة لاعبيها على ما قدموه لبلدهم خلال سنوات عطائهم، وقدم تجعل منهم في المستقبل بعد الاعتزال مسؤولين رياضيين أو قد يتصدرون شاشات التلفزة لنقل خبرتهم الكروية عبر برامج رياضية مختلفة، ولكن رغم شعبيتهم الكبيرة لا تجد بعض الحكومات أي مانع من نبذهم وحرمانهم من دخول البلاد وإلصاق التهم بهم.
قضية النجم المصري محمد أبو تريكة هي الأخيرة والأكثر إثارة للجدل، إذ وضعته السلطات المصرية على قائمة الإرهاب، بقرارٍ من قبل محكمة جنايات القاهرة الأسبوع الماضي برفقة 1500 شخصية أخرى.
ما هو سبب إدراج أبو تريكة؟
وأوضحت محكمة الجنايات في تفاصيل حكمها، أن إدراج النجم المصري على قائمة الإرهاب بعد تأكيد انتمائه لجماعة “الإخوان المسلمين” في مصر، مؤكدةً تلقي الجماعة تمويلًا ماديًا للقيام بعمليات إرهابية، وأعمال عنف ضد مؤسسات الدولة، من عدد من الشركات المعروفة في مصر، يعود بعضها لمحمد أبو تريكة.
وجاء في قرار المحكمة، بحسب تصريح المستشار محمد حامل الجمل، رئيس مجلس الدولة سابقًا، أن الحكم الصادر سيمنع أبو تريكة من السفر وستترقب الجهات الأمنية وصوله، ومن الوارد القبض عليه عند وصوله من الخارج.
وأضاف محامي أبو تريكة أن القرار صدر خلسة، دون إتاحة الفرصة له للدفاع عن موكله، معتبرًا أن القرار ينال من دولة القانون، إذ لم يتم استدعاء اللاعب من أي جهة قضائية، ولم توجه له أي تهمة، كما تم إعلامه بالخبر عن طريق إحدى الصحف.
واستند قرار المحكمة على قانون الكيانات الإرهابية، الذي أصدره الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، بغياب مجلس النواب، والذي وافق عليه بعد صدوره دون مناقشة، ويرمي القانون إلى وضع أي شخص أو مؤسسة أو جمعية أو حركة أو حزب على قائمة الإرهاب، والتحفظ عليهم من دون استدعائهم أو سماع الدفاع عنهم، بإجراءات بسيطة وسهلة.
تضامن عربي: القرار إرهاب بحدّ ذاته
وأثار القرار انتقادات عديدة في الأوساط المصرية والعربية والعالمية، إذ يحظى النجم المصري بشعبية كبيرة تخطت مصر والعالم العربي، وهبّ مشاهير الرياضة العرب لمؤازرة ومساندة أسطورة كرة القدم المصرية، تقدمهم وزير الرياضة التونسي السابق طارق ذياب، الذي أبدى تعاطفه الكبير مع اللاعب واصفًا إياه بأنه أنظف وأنبل وأشرف الناس، كما شارك الإعلامي القطري محمد سعدون الكواري في حملة الدفاع عن أبو تريكة، عندما وصفه بأنه قصة نجاح إنسان ستبقى خالدة في التاريخ، كما أنه من أفضل ما أنجبت الرياضية العربية.
بينما وصف أيمن جادة المقدم والمذيع السوري الشهير القرار بأنه “إرهاب فكري بحد ذاته”، وذهب المعلق الجزائري الشهير حفيظ دراجي، في تعليقه على وضع أسطورة الأهلي القاهري على قوائم الإرهاب إلى أبعد من ذلك بكثير، لافتًا إلى أن أبو تريكة شرّف مصر والعرب، وأسعد عشاقه بأخلاقه قبل مهاراته الكروية، أضاف أنه يجب أن نقرأ على الدنيا السلام عندما يصنف الكابتن محمد أبو تريكة إرهابيًا.
وعلى صعيد المراسلين، فقد كتب أشرف بن عياد، المعروف بتغطيته الواسعة لأخبار قطبي الكرة الإسبانية، برشلونة وريال مدريد، عبر حسابه الشخصي في “تويتر”، “أحبك يا نجم النجوم”. كما أرفق المراسل الرياضي الشهير حسين ياسين، المختص بمتابعة الكرة الإيطالية، صورة تجمعه مع أسطورة كرة القدم المصرية.
الصحافة العالمية تُساند “زيدان مصر“
إلى ذلك، تفاعلت وسائل الإعلام العالمية على نطاق واسع مع قرار السلطات القضائية، إذ عنونت صحيفة “ماركا” الإسبانية “زيدان الكرة المصرية.. من نجم الأهلي إلى إرهابي”.
أما مواطنتها صحيفة “آس” الإسبانية، فقد لفتت إلى أن محمد أبو تريكة، الذي توج بالميدالية البرونزية مع النادي الأهلي في بطولة كأس العالم للأندية عام 2006، أصبح على قائمة “الإرهابيين” في مصر الممنوعين من السفر.
ويرى مراقبون أن أسطورة كرة القدم المصرية لا يزال يدفع ثمن مواقفه السياسية المناصرة للشعوب العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، إذ كشف مطلع عام 2008 عن قميص كُتب عليه “تعاطفًا مع غزة”، خلال احتفاله بهدفه في شباك السودان، على هامش مشاركة الفراعنة في نهائيات كأس الأمم الأفريقية.
كما أوصى نجم الأهلي القاهري بوضع قميص “تعاطفًا مع غزة” في كفنه بعد وفاته، علاوة على إظهاره قميص “نحن فداك يا رسول الله”، انتصارًا للرسول صلى الله عليه وسلم، ردًا على الرسوم الكاريكاتير الذي نشرته صحف دنماركية.
ويحظى أبو تريكة بشعبية جارفة وجماهيرية هائلة في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، حيث تُجمع عليه الشعوب العربية، والتي أطلقت تضامنًا معه على تويتر، هاشتاغ #أبوتريكة_مش_مجرم، الذي انتشر بشكل كبير عقب صدور القرار من السلطات المصرية.
من هو “الماجيكو“؟
لاعب فريق النادي الأهلي ومنتخب مصر لكرة القدم، اسمه بالكامل محمد محمد أبو تريكة ولد عام 1978 في قرية ناهيا بمحافظة الجيزة لأسرة متواضعة، وتخرج من قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة القاهرة.
بدأ ممارسة كرة القدم في شوارع ناهيا وشارك في العديد من الدورات الرمضانية حتى التحق بنادي الترسانة وهو في الثانية عشر من عمره، ثم انتقل إلى الدوري الممتاز، وانضم إلى النادي الأهلي في موسم 2003.
وأسهم في تحقيق العديد من الإنجازات والألقاب كان أبرزها فوز الفريق ببطولتين متتاليتين للأندية الإفريقية أبطال الدوري، كما ساهم في حصول الفريق على برونزية أندية العالم في اليابان عام 2006.
أحرز أبو تريكة العديد من الأهداف المهمة والحاسمة في مسيرته الكروية، سواءً مع المنتخب المصري أو النادي الأهلي، منها هدفه في نهائي دوري أبطال أفريقيا أمام الصفاقسي التونسي الذي منح اللقب للأهلي، كما أنه صاحب هدف الفوز بكأس الأمم الأفريقية لعام 2006. وأيضًا أحرز في بطولة الأمم الأفريقية سنة 2008 ثلاثة أهداف، كان من بينها هدف في مرمى منتخب الكاميرون في النهائي لتفوز مصر بالبطولة.
حصل أبو تريكة على جائزة الكاف لأفضل لاعب إفريقي داخل القارة أربع مرات وهو صاحب الرقم القياسي لها.
ويعد أبو تريكة، حتى الآن، الهداف التاريخي لدوري أبطال أفريقيا برصيد 33 هدفًا، وكذلك يعد الهداف التاريخي لديربي القاهرة برصيد 13 هدفًا، وهو يعد أيضًا واحدًا من ضمن نادي “فيفا” المئوي وواحد من ضمن نادي المئة برصيد 105 أهداف.
وفي عام 2014 تم اختيار أبو تريكة من قبل “فيفا” ضمن أفضل لاعبي كأس العالم للأندية في تاريخها، وتم اختيار هدفه في هيروشيما كأفضل هدف في تاريخ كأس العالم للأندية.
وفي عام 2014 اختار “كاف” (الاتحاد الرياضي الإفريقي) أبو تريكة كسفير للكرة الإفريقية.
وفي 2016 تم تصنيف أبو تريكة ضمن قائمة أساطير كرة القدم من قبل الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاء كرة القدم.
وفي أيار 2016 تم تكريمه من قبل “فيفا” ضمن مجموعة من أساطير كرة القدم في حفل كونغرس الفيفا 66 في المكسيك.
تشبه جماهيره أسلوبه في اللعب في مركز خط الوسط المتقدم أو المهاجم الثاني بأسلوب النجم الفرنسي زين الدين زيدان، ويعمل منذ اعتزاله في 2013 محللًا لدى قنوات “بي إن سبورت” الرياضية في قطر.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :