ساعات قليلة تفصل عن بدء جولة جديدة من المحادثات بين طرفي الصراع في سوريا، لكن هذه المرة في العاصمة الكازاخستانية (أستانة)، بحضور دولي وأممي، وغياب دول لطالما لعبت دورًا بارزًا في القضية السورية وكان لها حضور في المحادثات السابقة.
مشاورات ولقاءات سياسية وتحليلات سبقت اجتماع أستانة، الذي ينطلق الاثنين المقبل 23 كانون الثاني، في ظل عدم التكهن بنتائجه بسبب وجود نقاط خلاف كبيرة بين وفدي الصراع، أهمها الالتزام بوقف إطلاق النار.
الوفود المشاركة
قائمة الوفود المشاركة تختلف عن قائمة المحادثات السابقة في جنيف التي حضرتها أغلب الدول المعنية بالشأن السوري، فالدول المشاركة تقتصر، بحسب ما أعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على روسيا وتركيا وإيران، كدول ضامنة للاتفاق.
وأعلنت الأمم المتحدة أن المبعوث الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، سيترأس وفدها إلى اجتماع أستانة، في حين تحدثت أنباء عن مشاركة المبعوث الأمريكي إلى سوريا، مايكل راتني.
وإلى جانب الدول أعلن النظام السوري أن ممثله في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، سيرأس وفده إلى الاجتماع، ومستشار وزير الخارجية أحمد عرنوس، والسفير في موسكو رياض حداد، وعضو مجلس الشعب المحامي أحمد الكزبري.
لكن اللافت كان مشاركة مسؤول الاستخبارات الجوية في دمشق، محمد رحمون، إضافة إلى وجود مسؤول “قوات الدفاع الوطني” (المدعومة إيرانيًا).
أما وفد المعارضة السورية فضم شخصيات عسكرية من عدة فصائل مقاتلة بالمرتبة الأولى، إضافة إلى شخصيات حقوقية وسياسية.
ويرأس الوفد رئيس الجناح السياسي لـ “جيش الإسلام”، محمد علوش، الذي شارك في محادثات جنيف السابقة، وكان موضع خلاف مع روسيا التي أعلنت عن عدم معارضتها لمشاركته في أستانة.
ولكن اللافت هو إعلان حركة “أحرار الشام الإسلامية” عدم حضورها الاجتماع لأسباب عديدة منها “محاولة منع الصدام الداخلي بين المؤيدين والمعارضين للمؤتمر، فيكون موقف الحركة سدًا أمام التخوين والتكفير لمن ذهب، وسدًا أمام عزل فتح الشام ومن رفض المؤتمر، وهذا لا يتحقق إلا بموقف عدم الذهاب”.
أربع نقاط في المحادثات
وقال رئيس “التجمع الوطني الحر للعاملين في مؤسسات الدولة السورية”، القاضي خالد شهاب الدين، الذي يشارك باسم “الهيئة العليا للمفاوضات”، كمستشار قانوني تقني للوفد، إلى جانب قائمة سياسية وقانونية، إن وفد المعارضة سيركز على أربع نقاط رئيسية، في مباحثات أستانة.
وأوضح شهاب الدين، في حديث إلى عنب بلدي، أن وفد المعارضة سيركز في المباحثات على “تطبيق خطوات بناء الثقة التي نص عليها قرار مجلس الأمن رقم 2254، أولها وقف إطلاق النار والتزام الجانب الروسي بالضمانات التي قدمها حوله.
كما ستشمل المباحثات اتخاذ خطوات فاعلة لفك الحصار عن المدن والبلدات السورية، وإطلاق سراح المعتقلين، ثم الانتقال لمناقشة الحل السياسي في جنيف، وفق بيان جنيف واحد، والقرار 2254 والقرارات ذات الصلة.
اتهامات متبادلة قبل المحادثات
محادثات أستانة تختلف عن سابقاتها في السنوات الماضية، كونها تجري للمرة الأولى تحت رعاية تركيا الداعمة لفصائل المعارضة، وإيران وروسيا أبرز داعمي النظام السوري.
كما تختلف بالوفود المشاركة كونها يغلب عليها الطابع العسكري أكثر من السياسي، ما يعني أن الهدف الأساسي من المحادثات هو تثبيت وقف إطلاق النار بين الطرفين الذي بدأ في 29 الشهر الماضي، وتخلله الكثير من الخروقات من قبل قوات النظام السوري خلال الفترة الماضية.
تصريحات متبادلة بين الأطراف واتهامات سبقت الاجتماع، كان أبرزها اتهام روسيا لإيران بتعقيد المحادثات بسبب رفضها لمشاركة أمريكا، في الوقت الذي تؤيد موسكو مشاركتها.
كما صرح رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في مقابلة مع قناة يابانية، أن المحادثات ستؤدي إلى تخلي الفصائل المشاركة عن سلاحها، والانضمام إلى “المصالحات” في سوريا، ليرد عليه، أسامة أبو زيد، المشارك ضمن الوفد عبر حسابه في “تويتر”، بأن “تصريح بشار بأن الأستانة مفاوضات مع إرهابيين لإلقاء السلاح، دليل أنه آخر من يعلم بأن روسيا وقعت على وثيقة تعترف بالثوار وبأنهم ليسوا إرهابيين”.
المحادثات سبقتها آراء متعددة في الشارع السوري، بين متفائل حول نتائجها وبين اعتقاد البعض بأنها ستكون كسابقاتها من مفاوضات جنيف، أما الطرف الثالث فقرر انتظار المحادثات ونتائجها عوضًا عن التكهن قائلًا لـ”ننتظر ونرى”.