عنب بلدي – خاص
شهدت مدن وبلدات جبل الزاوية في ريف إدلب خلال الأيام الماضية، تطورات متسارعة تمثلت بتمدد فصيل “جند الأقصى“، المبايع لجبهة “فتح الشام“، على حساب حركة “أحرار الشام الإسلامية” في المنطقة، مستغلًا التوتر الذي حدث إثر المواجهات بين الجبهة و“الأحرار” في خربة الجوز.
حتى عصر السبت 21 كانون الثاني، سيطر “جند الأقصى” على مقرات وحواجز الحركة في كل من قميناس، حزارين، إبلين، بلشون وإبديتا، من بينها الحاجز الرئيسي، بينما يحاول التوسع في المنطقة، “وما زال عناصر الجند يتحركون”، وفق قول المتحدث الرسمي باسم الحركة، أحمد قرة علي، لعنب بلدي.
وأكد قرة علي أن “جند الأقصى” يشنون هجومًا واسعًا في المنطقة، “مستغلين المشاكل في خربة الجوز”، نافيًا الأنباء التي تحدثت عن الوصول لاتفاق بين الطرفين يقضي بوقف إطلاق النار، وتسليم الأسرى بينهما، إضافة إلى انسحاب الجند من المناطق التي دخلتها، وتسليم كافة الأسلحة التي استولت عليها.
أحداث خربة الجوز
القصة بدأت حين سيطرت جبهة “فتح الشام”، على جميع المقرات والحواجز التابعة لـ”الأحرار” في قرية خربة الجوز، بريف إدلب الغربي، مساء الخميس 19 كانون الثاني، وأعادتها في اليوم الذي يليه، وهذا ما استغله “الجند”.
وأكد “أبو يوسف المهاجر”، الناطق العسكري باسم حركة “أحرار الشام”، أن “فتح الشام” أعادت جميع المقرات والحواجز ومعبر خربة الجوز، موضحًا أن الخلاف انتهى، من خلال محكمة معبر الخربة ومنطقة دركوش وما حولها، “وسُلّم الشخص المسيء إلى المحكمة”.
ووفق مصادر مقربة من الحركة، فقد اعتقلت الأخيرة مجندًا لمصلحة “فتح الشام”، يحمل الجنسية العراقية واسمه “أبو مجاهد”، والمسؤول عن عمليات سلب أسلحة وذخائر للحركة، وفصائل أخرى في “الجيش الحر”.
عقب هدوء الأجواء في خربة الجوز، بدأ “جند الأقصى” هجومه في جبل الزواية، ورصد مراسل عنب بلدي في ريف إدلب، استنفارًا من حواجز “فتح الشام” قرب تفتناز، والتي عززت من عناصرها، بينما نشر “الجند” حواجز باسم الجبهة، وبدؤوا باعتقال عناصر الحركة.
الناطق العسكري، “أبو يوسف المهاجر”، أكد أن التوجه الحالي للحركة “سيكون لاستعادة السيطرة على المقرات”، موضحًا أن “بعض خلايا الجند هاجمتها”، ودعا، في حديثٍ إلى عنب بلدي، إلى الفصل في مسائل مختلفة أبرزها أن “كتلة الفصيل الموجودة في سرمين بإدلب هي من بايعت فتح الشام، أما العناصر المنتشرون في ريف حماة لم يبايعوها إطلاقًا”.
“أحرار الشام” تغازل “فتح الشام“
ولفت “أبو يوسف المهاجر” إلى أن “أبو محمد الجولاني”، المسؤول العام للجبهة، “أخبر الحركة منذ فترة أنه غير قادر على ضبط جند الأقصى وأبلغنا بهذه المسألة”، معتبرًا أن ما يحدث الآن “ربما يكون بالتنسيق مع فتح الشام، ولكن أن يكون جميعه باسم الأخيرة فهذا غير صحيح”.
“فتح الشام” أعلنت قبولها بيعة فصيل “جند الأقصى”، في تشرين الأول الماضي، ضمن شروط أعلنها المتحدث باسمها، حسام الشافعي، وأبرزها أن الانضمام جاء “بعد قبولهم بمحكمة شرعية، وتسليم المتورطين ومن ترفع دعوى ضدهم، وحل الجند واندماجهم كاملًا داخل فتح الشام وتبني سياستها كاملة”.
وحول توجيه اللوم لـ “فتح الشام” التي قبلت البيعة، أشار “المهاجر” إلى أن “الأمر ليس كما يشاع، فجبهة فتح الشام احتوت الجند بناء على طلب عدة أطراف، ومن ضمنها الأحرار، ولكنّها لم تمنعنا من استئصال الجند”.
ولفت الناطق العسكري باسم الحركة إلى أن “الوقت الذي حدثت فيه تلك المسألة كان حساسًا، بسبب المعارك في كل من حلب وحماة، كما أن الحسم تأخر من قبلنا، لذلك كان لا بد من إنهاء المشكلة بأي طريقة وهذا ما حصل”.
تحذيرات سابقة من تصرفات “الجند“
القيادي السابق في “جبهة النصرة” (فتح الشام حاليًا)، صالح الحموي، حذّر عقب قبول البيعة، مما وصفه “التستر على أعمال جند الأقصى”، مؤكدًا أن “الجند مازالوا يقيمون معسكرات في سرمين، ويضخون فيها كل أنواع التكفير”.
وقيل حينها إن “جند الأقصى”، انضم لـ”فتح الشام” اسميًا فقط، دون تغيير أي منحى في السياسة التي انتهجها منذ تشكيله عام 2013.
قائد الحركة في ذلك الوقت، مهند المصري (أبو يحيى)، دعا في كلمة مصورة خلال الأحداث، إلى استئصال “الجند”، وقال إن فتح الشام “آوت وحمت تلك الشرذمة النجسة”
بينما رد الشافعي عليه بقوله “عذرًا أيها الشيخ الكريم، فإننا لم نقبل بيعة (شرذمة نجسة) بل مجاهدين أطهار سمع الجميع بصولاتهم في معركة تحرير إدلب”.
وسقط خلال تلك المواجهات عشرات القتلى من “أحرار الشام”، و”جند الأقصى”، جراء اقتتال استمر نحو أربعة أيام في محافظة إدلب تحديدًا، إلى أن عاد الهدوء مع انضواء “الجند” تحت راية “الجبهة”.
ويلوم معارضون “فتح الشام” وقاداتها بسبّب ضمهم لـ “الجند”، الذين يصفهم كثيرون بـ”ذوي السمعة السيئة والمجرمين”، متهمين الجبهة بأنها “المسؤول الأول عما يجري هذه الأيام في إدلب”.