ترامبيات
محمد رشدي شربجي
أصبح “الكابوس” حقيقة في النهاية، دونالد ترامب رئيس للولايات المتحدة الأمريكية أعظم دولة في العالم المعاصر. لم تعد كذلك بحسب ترامب الذي يريد أن يجعلها عظيمة مرة أخرى.
الديمقراطية التي عمرها أكثر من 225 عامًا، يحكمها رجل عنصري كاره للإسلام والمكسيكيين وغيرهم، ومتحرش بالنساء ومتهرب من الضرائب.
دونالد ترامب هو “كابوس” لأنصار الديمقراطية الليبرالية وإنسان فوكوياما الأخير، أما لنا، نحن القابعين في قعر العالم، فترامب هو كابوس جديد لن يكون بحال أشد من كابوس باراك أوباما.
من الصعب التنبؤ بما ستكون عليه سياسة ترامب في العالم، فالمتطرفون أمثاله يستطيعون بمهارة أن يقيموا فصلًا واضحًا بين الشعارات المجهزة للاستهلاك الداخلي وحشد الأنصار، وبين التعامل مع واقع سياسي دائم التعقيد، وغالبًا ما صرح ترامب بالشيء ونقيضه خلال دقائق، ما ترك العالم في حيرة تزداد مع كل تصريح جديد.
ولكن ما بدا من خطاب القسم الكارثي أول أمس يظهر بوضوح نقطتين أساسيتين في نظرته للعالم، وقد أبقاهما قائمتين على مدى حملته الانتخابية، عداء الإسلام، وهو ما يعبر عنه بتعبير “القضاء على الإسلام المتطرف”، واتباع سياسة حمائية، وهو ما يعبر عنه بقوله “أمريكا أولًا”.
لا يقيم ترامب تمييزًا واضحًا بين إسلام متطرف وآخر غير متطرف، وقد صرح ريكس تيلرسون، مرشح ترامب لمنصب وزارة الخارجية، أن الإدارة القادمة ستضع جماعة “الإخوان المسلمون” على قائمة الجماعات الإرهابية، “جنبًا إلى جنب مع تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية”، مع أنه لم يثبت منذ عقود أن الجماعة، التي يكفرها تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، كان لها علاقة تنظيمية بأي عملية إرهابية من قريب أو من بعيد.
إن إقدام ترامب على خطوة كهذه، هو عمليًا قناعة عالمية أن نهج حافظ الأسد في حماة، والسيسي في رابعة العدوية، هو النهج الأفضل للتعامل مع شعوب المنطقة.
الكارثة الأخرى هي اتباع أمريكا لسياسة حمائية، ما يعيد التذكير مرة أخرى بذات السياسات التي اتبعتها أمريكا إبان الكساد الكبير 1928، وهو ما ترك العالم حينها بلا نظام يسعى فيه الجميع لحماية نفسه على حساب أمن الآخرين، ما أفسح المجال لصعود النازية في أوروبا حتى وصلنا إلى الحرب العالمية الثانية.
في إحدى خطاباته اتهم ترامب باراك أوباما بأنه المسؤول عن ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، هذا كلام صحيح، لكن ما لم يقله ترامب أن أوباما مسؤول عن ظاهرة ترامب نفسها أيضًا، فالرئيس الحائز على جائزة نوبل للسلام، ترك العالم أكوامًا من الخراب.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :