جريدة عنب بلدي – العدد 15 – الأحد – 13-6-2012
بدأنا في المقال السابق بالحديث عن الآثار التي تركتها العقوبات العربية-الغربية المفروضة على سوريا بهدف الضغط على النظام وتجفيف منابعه لإضعافه والحد من قدراته-التمويلية بالدرجة الأولى- على متابعة أنشطته وتمويل عملياته. وتحدثنا عن الأثر المباشر للعقوبات الاقتصادية على قطاع النفط السوري والخسائر التي تحققت نتيجة هذه العقوبات في هذا القطاع والتي قدرت بـ 3 مليار دولار خلال الاشهر السبعة الماضية.
واليوم نتحدث عن آثار أخرى -غير مباشر- حققتها العقوبات على القطاع النفطي.
لم تشمل العقوبات الغربية على النظام اية قيود على مستوردات سورية من النفط ومشتقاته -العقوبات النفطية شملت الصادرات وبعض الأعمال المرتبطة بالتنقيب والاستخراج إضافة إلى إدراج الشركة العامة للنفط على قائمة العقوبات- إلا أنه ورغم ذلك فإن النظام يواجه صعوبات عدة في عقد صفقات لاستيراد احتياجاته من المشتقات النفطية. ويعود ذلك إلى سببين رئيسيين مرتبطين بالعقوبات المفروضة على سورية وهما النقل والتحويلات المصرفية.
ففي مجال النقل تحجم العديد من الدول أو شركات الشحن والنقل الدولية عن شحن البضائع إلى سورية ومن ضمنها النفط وذلك خوفًا من أن تشملها العقوبات في حال كانت البضاعة المنقولة أو المستورد في سورية من الأفراد المشمولين بقوائم العقوبات.
وكذلك الحال بالنسبة للتعاملات المصرفية حيث ترفض العديد من البنوك التعامل مع المصارف السورية أو إجراء أية تعاملات مالية إلى سوريا أو فتح اعتمادات لصالح عقود تصدير إلى سورية وذلك –أيضا- خشية أن تطالها العقوبات المفروضة لاسيما وأن معظم المصارف السورية الحكومية مدرجة على قوائم العقوبات.
ففي تقرير لها نقلت صحيفة الحياة اللندنية –الأربعاء 09 أيار 2012- عن مصدر ملاحي أن ميناءي بانياس وطرطوس لم يستقبلا أية شحنة من زيت الغاز الذي يمكن تسويقه كوقود ديزل وذلك خلال الأسابيع الأربعة الماضية، بعدما نقلت عن مصادر أخرى أن سورية تواجه توقفًا في واردات الديزل مما يعني توقف الوقود اللازم لتشغيل المركبات الثقيلة ومن بينها دبابات الجيش.
وتعليقًا على أزمة الغاز الاخيرة فقد أعلن أحد المسؤولين في وزارة النفط أن الوزارة غير قادرة على استيراد الغاز وذلك ليس نتيجة عدم وجود دولة نستورد منها الغاز بقدر ما أنها تتعلق بالبواخر والشركات الناقلة التي ترفض نقل الغاز إلى سوريا.
وكان وزير النفط في حكومة النظام قد أشار سابقًا (كانون الثاني 2012) إلى أن الوزارة تجري مفاوضات مع عدة دول وشركات حول توقيع عقود نفطية لتعويض العقود الأوربية المتوقفة إلا أن جميع تلك المفاوضات تواجه صعوبات في تأمين وسائل النقل وفتح الاعتمادات المالية المطلوبة.
إن ذلك كله يعطي دلالات حول آثار العقوبات على النظام سواء ما هو مباشر كنقص الموارد المالية وانعدام أو نقص الاحتياجات لتشغيل قوات النظام (كعدم توفر الوقود اللازم لتحريك دبابات النظام) أو بشكل غير مباشر من خلال النقص بعض السلع الأساسية (التي ينبغي على النظام في اي دولة أن يقوم بتأمينها كإحدى مهامه الاساسية).
إن هذا النقص في السلع الأساسية سيؤدي إلى تململ في المجتمع وفي قطاع الأعمال على حد سواء مما يعني ضغوطًا إضافية من الداخل على النظام والتي قد تصل إلى مرحلة اسقاط النظام من الداخل – وهذا أحد أهداف العقوبات-. إلا أن هذا النقص سينعكس سلبًا على حياة الأفراد والمواطنين وهذا التأثير سيكون مباشرًا وقد يكون شديدًا في بعض الحالات. وهذا ما سنتوقف عنده في مقال مقبل.
يتبع…..
المازوت والغاز .. شبح الأزمة من جديد