أفردت الصحف العربية اليوم، الأربعاء 18 كانون الثاني، مساحات للحديث عن المفاوضات بين النظام والمعارضة السورية، المزمع عقدها في العاصمة الكازاخية أستانة، 23 كانون الثاني الجاري، لبحث وقف إطلاق نار شامل وإيجاد حل سياسي في سوريا.
أستانة.. إحراج للمعارضة
ونبدأ من مقال الكاتب السوري أنور البني في صحيفة “الحياة” اللندنية، بعنوان “إحراجات المعارضة السورية على عتبة مفاوضات أستانة”.
ويستعرض فيه حالة الحرج الذي وقعت به المعارضة السورية، في ظل المتغيرات الدولية الراهنة.
ويتساءل الكاتب “هل يكمن السبب وراء ما تعانيه المعارضة السياسية من إحراج وتردد، في حالة الحصار المطبقة على مشروع التغيير السوري وما تعرض له من غدر وأضرار وتشوهات؟، أم فشلها في الالتحام بالثورة ونيل ثقة أبنائها نتيجة أمراضها الذاتية وتغلغل النزعات والمصالح الأنانية في صفوفها؟، أم الأمر ناجم عن رهاناتها الخائبة وتراكم أخطاء قصر النظر في قراءتها الأحداث، وعجزها عن تفعيل دورها السياسي وتحمل المسؤولية لتصويب ما يكتنف مسارها من مثالب وعثرات؟!”.
واعتبر البني أن “هدف قيادة الكرملين من دعواتها إلى مؤتمرات ومفاوضات، بدءًا من مؤتمر موسكو إلى مؤتمر أستانة وبينهما اجتماعات جنيف وفيينا، ليس إيجاد حل حقيقي يهدئ النفوس ويرضي مطامح الناس، بل ربح مزيد من الوقت لتمكين السلطة وإضعاف المعارضة وخلق مزيد من الخلافات والانقسامات بين صفوفها، بما في ذلك إقصاء الهيئة العليا للتفاوض أو تهميشها، كمقدمة لتأهيل طرف مطيع يشارك في تكريس حل سياسي جديد لا يقوم على المرجعيتين القانونية والأممية..”.
وخلص الكاتب إلى أن “المعارضة السورية في وضع لا تحسد عليه، وإذ يرى البعض أن دورها قد استهلك وانتهى وأن عليها الاستقالة كي لا تغدو عنوانًا للخيبة والفشل والإحباط، يرى آخرون أن قدرها اليوم هو القبض على جمرات الثورة وحمايتها من العبث والتشويه والتغييب، وتسخير إنتاجها النقدي، سياسيًا وثقافيًا، لاستخلاص الدروس والعبر مما جرى، ما يمكّن المؤمنين بالخيار الديمقراطي خوض غمار الخلاص من محنة الاستبداد، بأقل الأخطاء والآلام”.
فرصة لإحلال السلام
من جهته، اعتبر الكاتب السعودي توفيق السيف، أن مباحثات أستانة هي فرصة مواتية لإحلال السلام في سوريا، شريطة قبول النظام السوري بالمعارضة واعترافه بسيطرتها على أراضٍ في سوريا وعدم محاولته اقتحامها، مقابل تخلي المعارضة عن جبهة “فتح الشام” وتوحيد قرارها السياسي.
وقال السيف في مقال بصحيفة “الشرق الأوسط” إنه “في طرف السلام تهيمن لغة مختلفة، كما تولد مصالح مختلفة، ويبرز تبعًا لها رجال آخرون غير الذين أنتجهم وأبرزهم ظرف الحرب. مؤتمر الأستانة يشكل خطوة تمهيدية لمؤتمر جنيف، أو ربما مؤتمر دمشق، الذي سيرسم النهاية الفعلية للحرب الأهلية”.
وشدد الكاتب السعودي على أن “نجاح مفاوضي أستانة، يولد دينامية سياسية جديدة، من بين انعكاساتها المتوقعة تراجع دور المفاوضين الحاليين فى المؤتمر المقبل، سواء عقد فى جنيف أو دمشق.. ثمة أطراف كثيرة ترقب تصاعد الدخان الأبيض، كي تحدد موقعها وحصتها فى أي اتفاق جديد، وليس بالإمكان تجاهلهم جميعًا”.
مسار بديل عن جنيف
أستانة ينذر بما هو أسوأ، وفقًا لما صرّح به عضو الهيئة السياسية في الائتلاف المعارض، عقاب يحيى، فهو تغليب دور العسكر على الساسة، ومحاولات روسية لتبديل مسار جنيف.
وقال يحيى في حوار مع صحيفة “العرب اللندنية” إن “تحويل مهام الفصائل العسكرية إلى طرف سياسي، أمر يحمل دلالات خطيرة كثيرة، بالنظر إلى أن تلك الفصائل يفترض أن لا علاقة لها بالشأن السياسي التفاوضي، وليست صاحبة خبرة، وأهل اختصاص في مسار التفاوض والقرارات الأممية وعراقيل مفاوضات جنيف 1 و2، وملابسات تفسير القرارات الأممية، وبما يعني أن النوايا معقودة لخلخلة مؤسسات المعارضة وتغليب العسكري على السياسي”.
ورأى يحيى أن “الروس يحاولون جعل أستانة مسارًا خاصًا بديلًا عن مسار جنيف، ولهذا استبعدوا عقده تحت رعاية الأمم المتحدة، ولم يوجّهوا دعوات للولايات المتحدة، ولا لدول إقليمية ذات نفوذ في الشأن السوري كالسعودية وقطر، ويبدو أنه لن يدعوا حتى المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا”.
وخلص المعارض السوري إلى أن “المحاولات الروسية ستفشل، فلا روسيا ولا غيرها باتوا يستطيعون الابتعاد عن إعلان جنيف ومؤتمرات جنيف دون موافقة دولية شاملة”.
وافقت معظم الفصائل السورية المشاركة في اجتماعات أنقرة على الذهاب إلى “أستانة”، كذلك سرّبت صحف النظام أسماء وفده المشارك، بينما تجاهلت موسكو رفض إيران دعوة الولايات المتحدة الأمريكية، فيما بدا أن تحضيرات انعقاده شارفت على نهايتها.