أحمد الشامي
حين نقارب مجزرة الكيماوي في الغوطة فإننا نجنح لاستقراء موقف سياسي أو عسكري وراءها، لكن خبرتنا مع نظام العصابة في دمشق تدعو لالتزام الحذر وللبحث عن مغزى المجزرة ربما خارج اﻷطر المعهودة.
إن أخذنا بعين الاعتبار الطبيعة المافيوية لنظام اﻷسد الذي تحول من مافيا عائلية إلى تحالف عصابات طائفية تبقى عصابة آل اﻷسد أكثرها قوة وتماسكًا، نستطيع أن نستشرف وجهًا خفيًا لما حصل في الحادي والعشرين من آب الماضي.
بعدما استعمل النظام الكيماوي بشكل تكتيكي ومحدود في العشرات من المواقع، انتقل النظام أو جهات نافذة فيه، إلى استعمال الكيماوي كسلاح إبادة شامل رغم «ترجي» الرئيس اﻷسمر له أن يستعمله بتقنين لكي لا «يتشرشح» سيد البيت اﻷبيض.
من أخذ قرار استعمال الكيماوي صبيحة ذاك اليوم هو السيد الحقيقي للنظام في دمشق فسلاح يوم القيامة هذا هو «الجوكر» الوحيد في يد النظام ومن يتحكم به هو السيد المطاع من قبل الجميع. ككل عصابة، تبقى الكلمة الفصل لمن يحمل المسدس وهو، على ما يبدو، الشقيق الرهيب لبشار، ماهر، بحسب بعض المصادر.
معرفتنا بأخلاق ماهر وعنفه اللامحدود، حتى داخل بيته، تدفعنا للظن بأن السفاح الشقيق أراد، ليس فقط إبادة الثوار المتواجدين في الغوطة و1400 مدني وطفل معهم، لكنه وجّه أيضًا رسالة لمن يهمهم اﻷمر، أنه «مجنون ويفعلها» وهذه استراتيجية معروفة لدى العصابات لابتزاز الضحايا وترهيبهم. على عكس ما يظن البعض فقد نجحت هذه الاستراتيجية في إرعاب الرئيس اﻷسمر وهو بالضبط هدف الرسالة الموجهة أيضًا إلى «المعلم» في إسرائيل.
بعد الرسالة التهادنية التي أرسلها «رامي مخلوف» في بداية الثورة ومؤداها «أن أمن إسرائيل من أمن النظام» جاء «ماهر» ليري الدولة العبرية «العين الحمراء» بدليل أن صواريخ «فلق2» اﻹيرانية الصنع ومداها يصل حتى 90كم هي التي استعملت في قصف «عين ترما». هذا يعني أن لدى النظام التكنولوجيا اللازمة ﻹرسال صواريخ محملة برؤوس كيماوية فوق المدن اﻹسرائيلية «واللبيب من اﻹشارة يفهم».
الرسالة وصلت على ما يبدو إلى تل أبيب ويبقى انتظار النتائج.