د. أكرم خولاني
تحدثنا في العدد الماضي عن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) وأعراضه، وذكرنا أنه حالة نفسية تبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة، وتجعل الطفل غير قادر على السيطرة على تصرفاته. فنجده كثير الحركة، ومندفعًا، ولا ينصاع للأوامر، وهو في حالة التهاء دائم بالأشياء الصغيرة، ويعاني صعوبة في التركيز والإصغاء وأداء الواجبات، كما يواجه المصاب بهذه الحالة صعوبة في الاندماج بالبيئة المحيطة سواء في المدرسة أو البيت.
ويحتاج تشخيص هذه الحالة إلى فحص طبي وتقييم نفسي دقيقين، لاستبعاد الحالات المرضية الأخرى، ومن ثم البدء بالعلاج الذي يكون مزيجًا من تعديل السلوك وتغيير أنماط الحياة واستشارة الأطباء لوصف الأدوية.
كيف يتم تشخيص الإصابة باضطراب ADHD
تم تقسيم الحالة إلى أنواع متعددة، ولكلّ منها قواعد التشخيص الخاصة به، وهي:
- فرط الحركة والنشاط: في هذه الحالة تكون أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه موجودة بنسبة متفاوتة، ولكن يغلب عليها علامات وأعراض فرط الحركة.
- قلة الانتباه وضعف التركيز: في هذه الحالة تكون أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه موجودة بنسبة متفاوتة، ولكن يغلب عليها علامات وأعراض قلة الانتباه.
- اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه: في هذه الحالة تكون أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه موجودة لكلا الحالتين. ومعظم الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يعانون من هذا النوع.
أعراض نقص الانتباه
- ضعف الذاكرة وكثرة النسيان في النشاطات اليومية.
- تشتت الذهن بسهولة وعدم الانتباه للتفاصيل والنسيان والانتقال الدائم من نشاط إلى آخر.
- صعوبة التركيز في أمر واحد.
- سهولة تشتيت انتباهه بالمؤثرات الخارجية.
- الشعور بالملل من أداء نشاط واحد بعد بضع دقائق فقط، ما لم يكن هذا النشاط ممتعًا.
- صعوبة في تنظيم المهمة التي يقوم بها أو النشاط.
- الفشل في استكمال عمل ما أو تعلم شيء جديد.
- ارتكاب أخطاء تدل على عدم الاهتمام عند تنفيذ المهام، كالواجبات المدرسية، وفقدان الأغراض في كثير من الأحيان (مثل الأقلام الرصاص) اللازمة لإنجاز المهام أو الأنشطة.
- تجنب أو رفض المشاركة في النشاطات التي تحتاج إلى تركيز وجهد فكري.
- ظهور المريض كأنه لا يصغي عند الحديث معه.
- الاستغراق في أحلام اليقظة.
- صعوبة معالجة المعلومات بسرعة ودقة كالآخرين.
- عدم اتباع التعليمات والأوامر.
أعراض فرط النشاط
- كثرة الكلام، وهي علامة مميزة.
- التململ والضجر في المقاعد، يحرك يديه أو قدميه.
- التحدث بصورة مستمرة.
- الحركة المستمرة، وملامسة أي شيء أو اللعب بكل شيء تقع عليه أيدي المريض.
- صعوبة الجلوس في نفس المكان لفترة طويلة.
- صعوبة أداء المهام أو الأنشطة بسكون، كالجلوس بهدوء عند تناول الطعام أو عند الاستعداد للنوم.
- الركض واللعب والتسلق حتى في الأوقات غير المناسبة أو الأماكن الخطرة.
- يضايق الأطفال الآخرين، ويقوم بتخريب لعبهم أو نشاطهم.
- يجد صعوبة في اللعب، أو مشاركة الآخرين في الأنشطة التي يقومون بها بهدوء.
- الفوضوية
- التصرف بسذاجة
أعراض الاندفاع
- الاستعجال في الحديث والرد وعدم الانتظار.
- الإجابة على السؤال قبل اكتماله.
- مقاطعة الآخرين كثيرًا.
- الإدلاء بتعليقات غير ملائمة وإبداء المشاعر دون ضبط النفس والتصرف دون اعتبار للعواقب.
- صعوبة في انتظار دوره.
- شعور بالإحباط لأتفه الأسباب.
قواعد التشخيص
يشخص النوع الذي يغلب عليه النشاط الحركي الزائد عندما: تشير ستة أعراض أو أكثر إلى النشاط الحركي الزائد والاندفاع، بينما تشير أقل من ستة أعراض إلى وجود نقص انتباه.
يشخص النوع الذي يغلب عليه نقص الانتباه عندما: تشير ستة أعراض أو أكثر إلى وجود نقص انتباه، بينما تشير أقل من ستة أعراض إلى زيادة النشاط الحركي والاندفاع.
من المرجح ألا يعاني الأطفال المصابون بهذا النوع من الاضطراب أو من عدم القدرة على أداء الأعمال الموكلة إليهم أو من صعوبة في مجاراة أقرانهم، فربما يجلسون في هدوء، ولكن دون أن يكونوا منتبهين لما يفعلون، ولذلك قد يهمل هذا الطفل، وقد لا يلاحظ أولياء الأمور والمدرسون أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عليه.
يشخص النوع الذي يجتمع فيه النشاط الحركي الزائد والاندفاع مع نقص الانتباه في آن واحد عندما: تظهر ستة أعراض أو أكثر من نقص الانتباه وستة أعراض أو أكثر من النشاط الحركي الزائد والاندفاع.
وتشير الأكاديمية الأمريكية لطب نفس الأطفال والمراهقين (AACAP) إلى ضرورة الالتزام بالمعايير التالية قبل تشخيص حالة الطفل على أنها اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه:
- يجب أن تظهر السلوكيات الدالة على هذا الاضطراب قبل سن السابعة.
- يجب أن تستمر هذه السلوكيات لمدة ستة أشهر على الأقل.
- يجب أن تعوق الأعراض أيضًا الطفل إعاقة حقيقية عن مواصلة حياته بصورة طبيعية، في مجالين على الأقل من المجالات التالية من حياته: في الصف، وفي ساحة اللعب، وفي المنزل، وفي المجتمع، وفي البيئات الاجتماعية.
كيف يمكن العلاج؟
ليس هناك علاج شاف يزيل الحالة، وقد تتزامن مع اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه اضطرابات أخرى مثل القلق والاكتئاب، وهذا يؤدي إلى تعقيد عمليتي التشخيص والعلاج بشكل كبير، ولكن هناك عدة طرق علاجية يمكن من خلالها التحكم في الأعراض المرضية وتشمل: 1. العلاج الدوائي 2. العلاج السلوكي 3. العلاج الغذائي.
العلاج الدوائي:
تعتبر الأدوية المنشطة والأدوية المهدئة، العلاجات الدوائية الأوسع انتشارًا لمعالجة اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الأطفال، وهي تشمل:
- ميثيل فينيدات (متوفر تجاريًا باسم ريتالين Ritalin وكونسيرتا Concerta )
- دكستروأمفيتامين- أمفيتامين ( متوفر تجاريًا باسم أديرأول Adderall)
- دكستروأمفيتامين ( متوفر تجاريًا باسم ديكسيدرين Dexedrine)
تسهم هذه الأدوية في تحسين الأعراض بشكل كبير عن طريق زيادة مستويات الناقلات العصبية التي تعزز الشعور بالرضا والسعادة، مثل الدوبامين والنورأدرينالين، ولكن يجب استخدامها بحذر لأنها يمكن أن تؤدي إلى الإدمان، كذلك يجب الانتباه إلى أن استخدامها يمكن أن يؤدي إلى حالة من تحمل الدواء، التي تعني قلة تأثير الدواء في المريض.
أما الأدوية المهدئة فتستخدم للأطفال الذين لا يجدي معهم نفعًا العلاج بالأدوية المنشطة، أو للأطفال الذين تظهر لديهم آثار جانبية جراء تناول الأدوية المنشطة، وتشمل هذه العلاجات نوعين فقط:
- أتوموكسيتاين (متوفر تجاريًا باسم ستراتيرا)
- جوانفاسين (متوفر تجاريًا باسم إنتونيف).
- كذلك تستخدم أدوية أخرى للعلاج، وتشمل:
- بعض مضادات الاكتئاب، مثل مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة.
- كاتابريس Catapres، كلونيدين Clonidine، تينيكس Tenex.
العلاج السلوكي:
وهو استخدام طرق مبتكرة لتعزيز التصرفات الجيدة لدى الطفل في سن مبكرة ونبذ الخاطئة، كإيجاد أساليب لتحسين الأداء الدراسي، أو التدريب على التفاعل مع البيئة الاجتماعية وتعلم آدابها وقوانينها، ويمكن تحقيق أفضل النتائج من هذه العلاجات شرط ضمان التعاون المشترك والتام، بين المدرسين، والأهل، والمعالِجين والمستشارين أو الطبيب النفسي.
وأكثر الطرق فعالية تكون من خلال مساندة التعديل السلوكي بالعلاج الدوائي.
العلاج الغذائي: هنا يتركز العلاج على تغيير نمط الغذاء الذي يتناوله الطفل، بالامتناع عن تناول الأطعمة التي يعتقد بأنها تسبب فرط النشاط، مثل السكريات والكافيين، بالإضافة إلى الأطعمة المعروفة بأنها تثير الحساسية، مثل القمح والحليب والبيض، والامتناع عن تناول الملونات الغذائية الاصطناعية والمضافات الغذائية.
وكذلك توجيه الطفل للطعام المفيد، كالخضار والفواكه واللحوم البيضاء والأسماك، إضافة إلى ضرورة إدخال عسل النحل في غذائه اليومي.
يمكن استخدام بعض الأعشاب، مثل شقائق النعمان والجينكو والجينسنغ، في علاج هذه المشكلة لأثرها في تخفيف الاضطرابات العصبية.