مخاوف على مصير أكثر من 200 مريض

أدوية السلّ في الغوطة الشرقية تبدأ بالنفاد 

المكتب الطبي في دوما وما حولها - 2016 (أرشيف عنب بلدي)

camera iconالمكتب الطبي في دوما وما حولها - 2016 (أرشيف عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – الغوطة الشرقية

“أخشى أن تسوء حالة طفلي مجددًا”، يتخوّف سمير برهوم على حياة ابنه أحمد، الذي يبلغ تسع سنوات، وهو مصاب بكتل درنية سلية، ظهرت في رقبته قبل أكثر من عام.

ويعزو الأب مخاوفه إلى تكرار انقطاع أدوية السل عن الغوطة الشرقية، كما هو عشرات الحالات التي تعاني من المرض داخل الغوطة.

حتى السبت 14 كانون الثاني، لم تدخل أدوية السل إلى الغوطة، بعد نفاد عددٍ منها من شعبة الهلال الأحمر في دوما، نهاية كانون الأول من العام الماضي (قبل شهر)، ما يضع حالة الطفل أحمد وغيره أمام خطر التدهور، في حال استمر الانقطاع ومنع النظام السوري دخولها إلى الغوطة.

ليست المرة الأولى التي يُعاني منها أحمد، إذ يتحدث والده عن تدهور حالته العام الماضي، وحينها منع النظام دخول الأدوية، مشيرًا إلى أنه يحصل على الغذاء النوعي المطلوب من بعض الجمعيات كجمعية الصحة الخيرية، ولكن ذلك لا يكفي فالطفل بحاجة لإتمام جرعاته من الدواء حتى يُشفى.

 التدرّن أو السل، عدوى جرثومية تسبِّب من الوفيات في العالم أكثر ممّا تسبّبه أي عدوى أخرى، ويقتل السل حين يصبح فعّالًا 60% من المرضى غير المعالجين، بينما تُشفى أكثر من 90% من الحالات المشخصة في حال عولجت، وفق خبراء صحة في الغوطة.ويُصنّف السل بأنه يحتاج علاجًا طويل الأمد، وتشرف على منحه الجمعية العامة لمكافحة السل، التي تتبع للأمم المتحدة، وتوثق أسماء المرضى وتضع برامج العلاج، ليس فقط في سوريا، وإنما في جميع أنحاء العالم.

المرضمضبوطولكن يُخشى من انتشاره

تكثر حالات الإصابة بالسل في المناطق المحاصرة، وفق الدكتور سيف خبية، الخبير الصحي في المجلس المحلي لمدينة دوما، ويقول لعنب بلدي إن هذه الحالات مثبتة بالخزعة (اختبار طبي يعتمد على عينة من خلايا أو أنسجة) والتشريح المرضي، لافتًا إلى أن “العدد الحقيقي يفوق العدد المشخص ربما بعدة أضعاف، بسبب وجود عدد كبير من الحالات الكامنة التي لم تشخص بعد”.

يُلاحظ اليوم انتشار السل خارج الرئوي، الذي لا ينقل المصاب به العدوى للآخرين، وهو الشكل الأقل خطورة من الرئوي، بحسب خبية، الذي يُحذّر من انتشار كبير للمرض، في ظل وجود العوامل المساعدة كسوء التغذية، وغياب التعقيم الجيد للمواد الغذائية، خاصة مشتقات الحليب، وصعوبة تشخيص المرض إلا في المراحل المتقدمة، والأهم غياب لقاحات السل وندرة الأدوية النوعية للتدرن.

رغم تخوّف الخبير الصحي إلا أنه أكد أن “المرض مضبوط إلى الآن”، مستطردًا “لكن يُخشى من انتشاره فاللقاحات والأدوية النوعية محصورة بالمستوصفات التابعة للنظام أو منظمة الصحة العالمية”.

لم تدخل أدوية علاج السل إلى الغوطة الشرقية منذ أكثر من عام، وكانت حينها عن طريق منظمة الهلال الأحمر، بينما سجّل الأطباء في الغوطة 224 حالة تدرن قيد العلاج، ويقول خبية إن كل مريض يحتاج لأخذ الدواء لفترة تتراوح بين ستة وتسعة أشهر.

 تطوّر عصية السل نفسها بشكل دائم، رغم أنها جرثومة ضعيفة، وبالتالي لو أخذ المريض علاجه على مدار شهرين وأوقفه، سيمنحها وقتًا لتطور نفسها ضد العلاج، ولن تستجيب له في حال إكماله.

بين سبع وعشر حالات جديدة شهريًا

انقطعت كمية من الأدوية النوعية للسل حاليًا، وفق الدكتور أنس، عضو المكتب الطبي الموحد في مدينة دوما وما حولها، والذي تخوّف، في حديثٍ إلى عنب بلدي، من أن تطوّر عصية السل مناعتها ضدّ الأدوية التي يستخدمها المرضى، “ما يزيد من سوء حالتهم ويؤثر على الناس في الغوطة، فالأمر لن تظهر نتائجه قريبًا، إذ لا تظهر المضاعفات إلا على المدى الطويل”.
يُشخّص المكتب الطبي من سبع إلى عشر حالات جديدة شهريًا، وفق الطبيب، الذي يؤكد أنه لا إحصائية دقيقة لأعمار المصابين “لكن معظمهم من الشباب”، موضحًا “هناك نوعان من الدواء الثنائي والرباعي، والمتوفر فقط هو الثنائي حاليًا”.

كما سُجلت بعض الحالات المشكوك بها خلال الفترة الماضية، ويشير الدكتور أنس إلى أن المكتب لم يتمكن من إجراء الفحوصات الكاملة، “إلا أن الصور الشعاعية لبعض الحالات أظهرت إمكانية الإصابة بالسلّ الدخني، ولكنّ التشخيص المرضي بالصور الشعاعية، لا تقبل به جمعية مكافحة السل كدليل إثبات، بل تحتاج لتوثيق الإصابة عن طريق القشع أو الخزعات من المريض”.

ساهم الحصار بشكل مباشر في ازدياد أعداد المصابين بالسل في الغوطة الشرقية، إذ أجبرهم على الجلوس في الأقبية، وهي الأمكنة الرطبة والمفضلة لعصية السل، بعيدًا عن أشعة الشمس، عدا عن التغذية السيئة وضعف المناعة.

ويحذر الأطباء من إمكانية تفشي المرض بصورة أكبر، في حال لم تتدخل الأمم المتحدة وترسل كميات من الأدوية لعلاجه.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة