حلب – عنب بلدي
لم يكن يوم 24 آب 2016 عاديًا عند أهالي مدينة جرابلس، فالحياة اليومية عادت إلى المدينة بكافة نواحيها الاقتصادية، والتجارية، والاجتماعية، بعد سيطرة فصائل “الجيش الحر”، وطرد مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” منها.
وفي الفترة التي تبعت السيطرة على المدينة، أزالت الفصائل الألغام والمخلفات المتفجرة المزروعة في الأراضي المحيطة بها، وخاصة على ضفاف نهر الفرات المار في الأراضي الزراعية، إذ منع التنظيم سكان المنطقة خلال فترة سيطرته من الاقتراب من النهر، كما منع صيد الأسماك، بعد أن كانت المردود الأول لبعض السكان، ومكانًا للتسلية والاصطياف.
عاد سكان جرابلس لمزاولة صيد السمك من النهر، والذي يحظى بثروة سمكية جيدة تغطي احتياجات قرى ومناطق ريف حلب الشرقي والشمالي، وتتخطى أحيانًا لتغطي بعض المناطق القريبة.
مصدر رزق وتجارة رابحة
يتّجه عددٌ من سكان جرابلس، والقرى القريبة منها التابعة للريف الحلبي، لصيد الأسماك من نهر الفرات، كمصدر رزق وتجارة لقيت رواجًا خلال الأشهر القليلة الماضية، سواء في أسواق المدينة والمحلات المخصصة لبيعها، أو من خلال السيارت الجوالة التي تجوب القرى البعيدة.
عنب بلدي تحدثت مع الشاب أحمد، أحد الصيادين وبائعي الأسماك في المدينة، وأشار إلى أن الثروة السمكية في نهر الفرات غنية في الوقت الحالي، الأمر الذي يدفع بعض الأشخاص للتوجه إليه وصيد الأسماك، ليتم فيما بعد تنزيلها إلى السوق.
ولا تقتصر المنطقة التي تماشي النهر في المدينة، على صيادي السمك فقط، فقد غدت مكانًا يرتاده أهالي ريفي حلب الشمالي والشرقي، والأهالي القادمين من قرى الريف الأخرى، بغرض التسلية والترويح عن النفس، بعد عدة سنوات من حرمان القدوم إليها.
محلات للبيع وأسعار متفاوتة
عبد القادر أحمد، أحد صائدي السمك وبائعيه، يعتمد على صيد السمك كأحد موارد الرزق بالنسبة له، ويقول لعنب بلدي “يؤمن النهر كمية لا بأس بها من الأسماك النهرية، والتي تباع بكثرة في المنطقة، الأمر الذي جعلها كمهنة جيدة لمن يتقن صيد السمك”.
وتختلف أنواع الأسماك التي يتم اصطيادها وتختلف أسعارها، إذ يرتبط كل نوع منها بسعر خاص، يحدد بعد نقلها إلى محلات البيع في السوق.
وتواصلت عنب بلدي مع أحد البائعين في السوق، للوقوف على أنواع الأسماك، ومدى الإقبال الشرائي عليها من قبل الناس.
يقول البائع محمد العابد “لا يوجد سوق للسمك في جرابلس، بل يقتصر البيع على محلات متفرقة في شوارع المدينة”.
وتتفاوت أسعارها، بحسب العابد، بين 600 ليرة سورية، حتى 1500، فسمك الكارب يباع بـ 1000، أما المعروف بأم حميدي الخشن يشتريه الأهالي بـ 850، بينما الناعم من النوع نفسه بـ 500 ليرة سورية”.
إضافةً إلى ذلك يتراوح سعر سمك الجري بين 1000 ليرة و1200، عدا عن البوري بـ 700، والكرسين بـ 1500، في حين يبلغ ثمن الكيلو الواحد من السلموني 1300 ليرة.
مخاطر أثناء الصيد
ينقسم نهر الفرات عند دخوله مدينة جرابلس ومروره بأراضيها، إلى قسمين بين نفوذ قوات سوريا الديمقراطية، وفصائل “الجيش الحر”، إذ يفصل النهر مدينة جرابلس عن منطقة الشيوخ التي تسيطر عليها “قسد”.
مدير المكتب الإعلامي في مدينة جرابلس، أبو قصي الكجك، أوضح في حديث إلى عنب بلدي أن عملية الصيد التي يقوم بها أهالي الريف الشمالي تتم في الضفة الغربية لنهر الفرات، كون الضفة الشرقية منه تحت سيطرة القوات الكردية.
وأشار مدير المكتب إلى أن الضفة الغربية من النهر أحيانًا تكون مرصودة ناريًا من قبل حزب الـ”pkk”، ما يسبب خطرًا على الصيادين، والسكان القادمين إلى المنطقة بغرض التسلية والاصطياف.
ورغم الرصد الناري على الضفة المقابلة للنهر، إلا أنه لم تُسجل أي حالات بين الصيادين والمدنيين في المنطقة، وكثير من المدنيين مازالوا حتى الآن يرتادون المنطقة.
لم تكن سيطرة تنظيم الدولة على مدينة جرابلس عسكريةً فقط، بل جمّد مناحي وسبل الحياة كافة، مستندًا بذلك إلى قوانين سنّها وألزم الجميع باتباعها، لكن خروجه العام الماضي دفع الأهالي إلى استعادة ما خسروه خلال فترة سيطرته، بل دفعهم لإيجاد نظام جديد، لتعود الأسواق إلى المدينة من جديد، والحركة التجارية والاقتصادية، وتغدو كعاصمة تجارية جديدة أُنشئت في الشمال السوري.