عنب بلدي – العدد 82 – الأحد 15-9-2013
مرة جديدة يخسر الشعب السوري رهانه على المجتمع الدولي، ليكتشف أنه ليس أكثر من ورقة تسوى به مصالح الدول العظمى في العالم. فالأمريكيون لا يتحركون لمحاربة الأسد نصرةً للإنسانية المهدورة في البلد العريق، أو لحفظ ماء وجه العالم «المتحضر»، وعندما يفكرون في التحرك، لا يخفون دوافعهم بحماية أمنهم القومي -المتمثل في أمن إسرائيل- من أسلحة الأسد الكيماوية، والروس من جانبهم لا يريدون أن يخسروا نفوذهم في المنطقة، أو يفرطوا في زبونهم السخي طيلة عقود، والذي يفرغ أسلحتهم في صدور الآلاف من الأبرياء. النظام السوري بدوره استمر بدون كلل في مسلسل إجرامه اليومي بحق الشعب الطامح للحرية، ولم يعبئ لأية تهديدات -حقيقة كانت أم شكلية- لأنه يفهم لعبة المصالح الدولية جيدًا. وعندما تصل المأساة في سوريا إلى ذروتها، يجتمع الجانبان الروسي والأمريكي في دولة غربية ويقرران التغاضي عن مسلسل القتل الدائر منذ أكثر من سنتين مقابل ضبط الأسلحة الكيماوية التي قد تهدد أمن الأمريكيين القومي، في استهزاء صارخ بجميع القيم الإنسانية والحضارية. السوريون، الذين تعلقت آمالهم لأسابيع، بتحرك دولي قد ينهي معاناتهم، وجدوا أنفسهم من جديد وحيدين في مواجهة آلة القتل والتدمير، بعيدًا عن أية مسؤولية دولية -أخلاقية أو قانونية- تجاه دمائهم، وأعادتهم مهزلة الدول «المتحضرة» إلى الحقيقة التي لا مفر منها، وهي أن إسقاط النظام لن يكون إلا من الداخل. قدر السوريون أن ترد أيديهم كلما مدوها للمجتمع الدولي، قدر السوريين أن يحكوا ظهورهم بأظافرهم، قدرهم أن يستمروا في نضالهم الذي خطوا بدايته بأظافر أطفال درعا. لا مفر للسوريين بعد كل هذا التخاذل الدولي من أن يلتّفوا حول مشروعهم الوطني الجامع، وأن يتخلوا عن فكرة دعم الخارج التي أدخلت ثورتهم في نفق مظلم طويل. الثورة السورية تمر بمنعطفات خطيرة ولكنها بثبات أبطالها وتضحياتهم قادرة على تخطي هذه المنعطفات وإكمال طريقها نحو الحرية التي ستنتزعها بأيديها وأيديها فقط.