عنب بلدي – العدد 82 – الأحد 15-9-2013
يعاني سكان الغوطة الغريبة، كغيرهم من المدن والقرى السورية الأخرى من تواجد الحواجز الأمنية عند مداخل ومخارج المناطق الخاضعة لسيطرة النظام وضمنها.
وبعد الضربة الكيماوية التي تعرضت لها الغوطتان، وتصعيد العمليات العسكرية من جهة الثوار، لجأ النظام إلى إلزام سكان بعض المناطق بسلوك طرق معينة، وإغلاق بعض المنافذ المؤدية لتلك المناطق.
كما هو الحال في الحسينية الملاصقة لمنطقة خان الشيح، والخاضعة لسيطرة الثوار، حيث تم إغلاق طريق الحسينية-خان الشيح الذي كان الأهالي يسلكونه للذهاب إلى داخل العاصمة دمشق وبعض مناطق الريف الأخرى لشراء احتياجاتهم اليومية.
تقول أم يوسف (50 عامًا) وهي نازحة من داريا إلى الحسينية: «كنا نذهب بسيارتنا الخاصة من الحسينية مرورًا بحاجزيها وصولًا إلى منطقة خان الشيح، ومن ثم مزارعها، وبعدها إلى زاكية والكسوة، وأحيانًا نتابع طريقنا إلى دمشق، بينما الآن لا يسمح لنا بالمرور إلا سيرًا على الأقدام من قبل الحاجز بـ 2 كم وبعده بنفس المسافة.
لم يعد هذا الطريق مستخدمًا عند سكان المنطقة نظرًا لخطورته ووجود القناصة عليه، ولعدم قدرتهم على حمل ما يجلبونه على أكتافهم كل تلك المسافة، فلجأوا إلى طريق آخر.
تقطع أم هاني (42 عامًا) نازحة من مدينة داريا، مسافة 3 كم سيرًا على قدميها للوصول إلى أول حافلة تقلها إلى حيث تريد الذهاب، تمر بحاجز الحسينية الأول وحاجز ال 86 لتصل إلى اوتستراد السلام، تنتظر بعض الوقت لوصول أول حافلة، تركب الحافلة التي ستمر على أربع حواجز أخرى على هذا الطريق، لتصل إلى مفرق جديدة عرطوز، وهناك عليها عبور حاجزين، وعندهما ترتسم علامات الترقب على وجوه الركاب الذين ينتظرون ما سيخبرهم به السائق، فإما أن تمنع الحافلة من العبور، وعليهم عندها أن يستقلوا حافلة أخرى، وإما أن يسمح له بالوصول إلى محاذاة سوق «قمرين سنتر» وهنا سيمرون على حاجز جديدة البلد وحاجز «البحرة-الأحمد» لينتظروا حافلة جديدة متجهة إلى دمشق، فتسير بهم على طريق «الفصول الأربعة» الواقع على الجهة الغربية لمدينة داريا ومعضمية الشام، وذلك بعد إغلاق طريق الأربعين.
وعلى طريق الفصول الأربعة تمر الحافلة بعدة حواجز (الرئيسي/المقابل لمسكان الضباط – المروحة – صالة السفير – قطاعة الخولاني – الفصول – نهاية الفصول – القطة) لتتابع داخل مدينة صحنايا وتمر بأربعة حواجز أخرى ( الوهاب – الكازية – الطيارة – المدخل الرئيسي/القوس)، لتبدأ بعدها رحلة الوقت على اوتوستراد درعا الدولي. فالحواجز الثلاثة الموجودة عليه، ليست حواجز تفتيش، وإنما حواجز «تجميع للسيارات» كما يقول بعض الركاب، وما إن تقطع الحافلة الحواجز الثلاثة حتى تصل إلى «نهر عيشة» طرف أول خيط العاصمة.
تقول أم هاني أنها أتت إلى دمشق لتلقي العلاج في المشفى ولأن المشافي الموجودة في المنطقة التي تقيم فيها «غالية، وقلت بتحكم ببلاش لأنو الوضع المادي ما بيسمح».
أم هاني لن تحمل لأولادها، في طريق العودة، الحلويات الشامية و»الفروج» الذي تمنت ابنتها الصغيرة أن تفاجئها أمها به، بل ستحمل معها بعد رحلتها التي استغرقت أكثر من نصف النهار، بعض الخبز من أفران دمشق، لأن مادة العيش الأساسية عندهم باتت لا تصل إليهم إلا بكمية قليلة جدًا.
وما زالت أم حسن وأم هاني وغيرهن من نساء تلك المنطقة، مستمرات في الذهاب والإياب بين اليوم والآخر، للسعي وراء لقمة عيشهن، ولقضاء حاجتهن نيابة عن أزواجهن، الذين لا يقومون بهذه المهمة خوفا من الاعتقال، يستمرون متحدين كل تلك الظروف بإرادة حياة لم تكسرها كل تلك الضغوطات.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :