باص الكرامة
عنب بلدي – العدد 82 – الأحد 15-9-2013
نور محمد – عنب بلدي
باص الكرامة مشروع تأهيلي-إبداعي يستهدف بشكل أساسي -في هذه المرحلة- الأطفال النازحين في المدارس في بعض قرى ريف إدلب، إذ يقوم الفريق بزيارات دورية للمدارس التي يتجمع فيها النازحون.
يتكون فريق «باص الكرامة» من خمسة أعضاء، يزورن 6 مدارس أسبوعيًا، وينظمون فيها دورات تستمر لمدة ثلاث ساعات في اليوم الواحد، محاولين التركيز على قرابة 300 طفل، من عمر سنة إلى إحدى عشرة سنة.
الهدف الأساسي لـ «باص الكرامة» هو تحويل المدرسة من مكان «نزوح مرحلي»، إلى «مكان إنتاجي»، إذ تشوهت عدة مفاهيم ومسلّمات لدى الأطفال، بعد أن أصبحت المدرسة الملاذ الآمن عوضًا عن المنزل؛ فـ «المدرسة هي منزلي ومدرستي ومكان لعبي، بالإضافة إلى أنه مكان الشعور بالأمان من القصف» وفق مايا، مؤسسة المشروع، ويحاول القائمون على المشروع الوصول إلى ذلك من خلال تفريغ صور العنف التي خبرها السوريون، والتعبير عنها بأدوات فنية وعبر الكتابة، وصولًا إلى إنتاج نشاطات تعبيرية مرئية أو فنية أو مسرحية هادفة تعرض على الأطفال، بالإضافة إلى أغاني تفاعلية.
ومع انقطاع التيار الكهربائي بشكل دائم تقريبًا، وانعدام إمكانية التواصل الاجتماعي بين القرى، تُخرج هذه النشاطات الأطفال من الواقع اليومي الذي يعيشونه، وتعطيهم تجربة مغايرة للمشاهد التي تتكرر أمام أعينهم وعلى مسامعهم.
ويتم اختيار هذه العروض المصورة والأغاني بعناية كبيرة حتى لا تحتوي على مشاهد تعزز الصراع أو العنف لدى الأطفال.
كما توجه بعض الفيديوهات للأهالي الذين يتواجدون خلال زيارة الفريق، تهدف إلى توجيه رسالة توعوية للأهل بطرق التعامل مع أطفالهم.
وبالإضافة إلى النشاطات التوعوية يحاول الفريق البدء بنشاطات تعليمية، إذ بدأت إحدى المدرسات بمرافقة الفريق في زياراته، وتعليم الأطفال بعض المواد الأساسية، في خطة لإضافة باقي المواد المتبعة في منهاج شبكة حراس لحماية حقوق الإنسان. وتردف مايا بأن القائمين على المشروع يسعون إلى «تعزيز ثقافة حقوق الطفل والعمل على خلق لجان حقوق الطفل في المناطق التي نزورها»، مشيرة إلى أنه «عمل شاق» خصوصًا في هذه المرحلة التي تمر بها سوريا.
وتشير مايا إلى أن الفريق يلمس تحسنًا في سلوك الأطفال ومستواهم التعليمي، فـ»مريم» مثلًا فتاة في الحادية عشرة من قرية حيش، «لم تكن تحضر عروضنا في البداية ولم تحضر دروس الأبجدية التي نرعاها في الصباح»، لأنها «تخجل كونها كبيرة في العمر ولا تعرف القراءة أو الكتابة»، لكنها اليوم «تلعب مع أطفال المعرة الذين كانت تتشاجر معهم على الدوام»، كما أنها أصبحت «تقرأ وتكتب وتنتظر دروس الأبجدية بشغف، لا بل طلبت مني الحضور لأدرسهم اللغة الإنكليزية».
لم تكن طريق المشروع معبدة، فبعد أن بدأ بفكرة صغيرة -بعد عرض ارتجالي في كفرنبل-، يواجه الآن عدة مصاعب أبرزها القصف المستمر على قرى ريف إدلب، حيث يحاول الفريق سبر المكان واختيار نقطة آمنة للاختباء من القصف، وتوجيه الأطفال للجوء إليها في حال الخطر، وهذا ما دعا أيضًا لعرض فيديوهات توعوية لطرق الاختباء من القصف وكيفية بناء الأقبية، ولم تخفِ مايا الصعوبة في اختيار الكادر المناسب والنظام الداخلي في حالة الحرب، ومحاولة الالتزام به.
كما واجه الفريق عند بدايته بعض التردد وقلة في الثقة من قبل الأهالي، لكن بفضل «الاستمرار في العمل والمتابعة، كسبنا ثقة الأهالي ودعمهم».
«باص الكرامة» يعمل بشراكة شبكة حراس لحماية حقوق الطفل، لكنه يحاول التواصل مع باقي المشاريع والعمل في استراتيجية واحدة؛ تقول مايا: «نحاول مدّ جسور التحالف مع رفاقنا وزملائنا في المجال نفسه، آملين أن نطور عملنا في حقل الدعم النفسي للأطفال»، للوصول بذلك لـ «بناء سوريا قوية ومتماسكة بأجيال متكيفة مع المحيط والواقع الجديد، وقادرة على الإنتاجية المعرفية في ظروف قاهرة».
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :