جريدة عنب بلدي – العدد 15 – الأحد – 13-6-2012
الدكتور عزت شربجي، طبيب ندر أن تجد أمثاله، علمٌ وحياء وأخلاق وإخلاص، كافأه الأسد الأب بأن منعه من دخول وطنه خمسة عشر عامًا قضاها في فرنسا بعيدًا عن أهله ووطنه.. عانى فيها مرارة الغياب القسري والحنين الذي يفتك بالأكباد…
في بلاد الغربة، عمل طبيبًا مخبريًا متخصصًا ولقي شهرةً واسعة وحقق مكاسب كبيرة، وحين أصدر حافظ الأسد قرارًا بالعفو عن المبعدين السياسيين، لم يتوانَ لحظة في لملمة أشيائه والعودة إلى سوريا الوطن…
ترك خلفه شهرته في عمله ونجاحه الذي حققه هناك، رمى خلف ظهره كل مغريات العيش «المرفّه» وعاد إلى حضن الوطن الذي طالما أحبه وحلم بالعودة إليه، عاد ليحقق نجاحًا أوسع بين أهله وأبناء بلده…
وورث الأسد الابن عرش أبيه وتابع مسيرة والده القمعية والرجعية… فكان أن أبعد أسامة، ابن الدكتور عزت عن الوطن أيضًا، وقدّر عليه هو الآخر أن يكمل مشوار الغربة والإبعاد القسري عن وطن تعلم حبه وعشقه منذ نعومة أظفاره..
عانى الدكتور عزت في سنوات عمره الأخيرة من مرض عضال وكان يسافر إلى فرنسا لتلقي العلاج، وعندما اندلعت الثورة السورية، عاوده اشتداد المرض عليه فاضطر للذهاب إلى فرنسا مرة أخرى لتلقي العلاج.. فكان نفيًا من نوع آخر…
في هذه الفترة، توقفت شركات الطيران الأجنبية وأغلقت أبواب السفارات، حاول أبناؤه الموجودون في سوريا إكمال أوراقهم لرؤية أبيهم في فرنسا وباءت كل محاولاتهم بالفشل إذ لم يتمكنوا من مغادرة سوريا، وفي أيامه الأخيرة هناك، حاول العودة إلى سوريا كي يمضي آخر أيامه في وطنه وبين أهله وكانت المأساة أن لم يجد شركات طيران تعيده إلى سوريا إلا شركة الطيران السورية.. وكان أن منعه الأطباء من مغادرة المشفى على متن أية طائرة لا تحوي تجهيزات طبية وخاصة «الأوكسجين» لمعاناته من مشاكل في التنفس والرئة. ولأن إصلاحات الأسد على الجو سبقت إصلاحاته على الأرض بأشواط وأشواط… فإن الطائرات السورية غير مزودة بأجهزة أوكسجين طبية لذلك كان من الصعب جدًا وصوله إلى سوريا فتوفي في المنفى بعيدًا عن أمه وأبيه… بعيدًا عن أبنائه وأخوته… بعيدًا عن الوطن…. كان ذلك يوم الثلاثاء 1 أيار 2012.