طرق جديدة تصل مدينة الرقة مع محافظات سوريا
عنب بلدي – ضياء عودة
بعد سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على الرقة مطلع عام 2014، وإعلانها “عاصمة للخلافة”، بدت الصورة أنها المدينة التي انقطعت بشكل كلي عن باقي المحافظات الأخرى.
إلا أنه رغم فصلها بشكل تام من قبل التنظيم، بقيت بعض حالات النقل منها وإليها سواء للسفر أو نقل البضائع، إما عن طريق أساليب التهريب المتبعة في عددٍ من المناطق، أو الطرق النظامية التي تتعدى حواجز النفوذ.
فما هي الطرق التي كانت تربط المدن والمحافظات السورية مع الرقة، وكيف تحوّلت بعد سيطرة تنظيم “الدولة”؟
أوتوستراد العدوي كان أولى المحطات
إذا كنت تعيش في دمشق، تلحظ إشارات الاستفهام بين السوريين، حول صيحات سائقي البولمانات المتجهة إلى مدينة الرقة حتى بدايات عام 2015، متسائلين عن طريقة السفر، خاصة مع ظروف التدقيق الأمني من قبل تنظيم “الدولة” والنظام السوري، وعن السياسة التي يتبعها النظام السوري وأجهزته الأمنية مع هذه الحالات، سواء في تعامله مع المسافرين المغادرين إلى الرقة أو بالعكس، أو مع السائقين العابرين والمتخطين مناطق الطرفين المتناحرين.
عنب بلدي تحدثت مع أحد سائقي البولمانات الذين كانوا يقلون المسافرين إلى مدينة الرقة العام الماضي، وشرح خط سير الطريق الذي يسلكه مع المسافرين، ويبدأ من أولى نقاطه في أوتوستراد العدوي بمدينة دمشق، متجهًا إلى مدينة تدمر مرورًا بالضمير في منطقة القلمون، ليدخل مدينة البوكمال، ومن ثم إلى مدينة الرقة.
يقول السائق عزام (اسم مستعار) “جميع المسافرين الذين توجهوا آنذاك إلى الرقة، من النساء والأطفال وكبار السن، قاصدين العاصمة دمشق إما للعلاج في المستشفيات، أو للبحث عن أبنائهم المفقودين في الأفرع الأمنية في دمشق، إضافة للحصول على الأوراق الثبوتية من الدوائر الرسمية لحكومة النظام”.
“دمشق- الرقة.. خط سريع مباشر”، عبارة تكتب على اللافتات التي يحملها سائقو البولمانات على أوتوستراد العدوي، وعلى الرغم من كونها ظاهرة غريبة في الفترة السابقة خاصة في قلب العاصمة الخاضعة لسيطرة النظام السوري، المعروف بقبضته الأمنية والعسكرية القوية، إلا أنها أصبحت اعتيادية آنذاك، بحسب عزام.
يتعرض المسافرين قبل انطلاقهم من الكراج في دمشق للعديد من أساليب التفتيش والتدقيق الأمني، يضيف السائق، حيث تركزت أماكن تموضع البولمانات المتجهة إلى الرقة بالقرب من بولمانات القدموس السياحية التي تقل المسافرين العسكريين والموالين إلى مدن الساحل السوري.
التفتيش كان يتم على فترات زمنية متقاربة، عن طريق دوريات تابعة لمجموعات الدفاع الوطني والأمن العسكري، التي تقوم بـ “تفييش” هويات المسافرين، واقتيادهم إلى المفرزة الصغيرة على الأوتوستراد، وتسألهم عن مدينة الرقة وعناصر التنظيم بشكل خاص.
وعن كيفية تعامل عناصر المفرزة الأمنية مع السائقين، يشير السائق إلى أنه “في كل رحلة من وإلى الرقة، يتقاضى عناصر المفرزة الأمنية مبلغًا من المال، لقاء تسهيل أمور السفر واستعجال الانطلاق من الكراج مباشرة”.
دمشق حمص ثم البوكمال طريق ما قبل تدمر
بعد الانطلاق من كراج العدوي في العاصمة دمشق، تبدأ الرحلة الفعلية للمسافرين، لكنهم معرضون للعديد من المخاطر، خاصة مع وعورة الطريق والخوف من استهداف الحافلة، بعد عدة استهدافات طالت حافلات، كان آخرها في مدينة السخنة بريف حمص، وراح ضحيتها 15 مدنيًا من أهالي مدينة الرقة.
وبعد الوصول إلى تدمر، يتجه المسافرون إلى مدينة السخنة الخاضعة لسيطرة التنظيم، لينتقلوا منها إلى البوكمال، ثم الانطلاق إلى الرقة بشكل مباشر.
الطريق الذي تحدث عنه السائق عزام، أغلق بعد سيطرة قوات النظام السوري على مدينة تدمر في آذار الماضي، واستعادتها من قبل التنظيم في كانون الأول الجاري.
فمع سيطرة قوات النظام السوري على تدمر، أصبح من المستحيل مرور أي باص نقل للركاب، إلا لبعض الحالات القليلة من شاحنات البضائع التي تمر برشاوى مالية تدفع لعناصر “الدفاع الوطني”.
عنب بلدي تحدثت مع الناطق باسم حملة “الرقة تذبح بصمت”، محمد الصالح، الذي أوضح أنه “عند دخول المسافرين مناطق تنظيم الدولة قادمين من مناطق النظام السوري عندما كان طريق مدينة تدمر سالكًا، يدقّق التنظيم في هوياتهم، إلا أن المسافرين الذين يتبع نفوسهم لمدينة الرقة ودير الزور لا يتم التدقيق عليهم بشكل كبير، سوى الأمور التي تتعلق بـ (العساكر) والانضمام لقوات النظام السوري”.
اعزاز- حلب بديلًا
انقطعت كافة الطرق المؤدية إلى مدينة الرقة مؤخرًا من مناطق النظام السوري، بعد معارك تدمر والمناطق التي تحيط بها في السخنة وحقول الشاعر وجزل.
هذا الانقطاع التام للطرق، سبب مشاكل للأهالي في الرقة، خاصة مع وجود العديد من الحالات المرضية المزمنة التي تحتاج للعلاج وإجراء العمليات الجراحية، والتي تفتقدها مدينة الرقة.
وأوضح الناطق باسم الحملة أن “المدنيين اتجهوا إلى سلك طريق الرقة- اعزاز، وبعدها مرورًا بمنطقة عفرين التي تسيطر عليها الوحدات الكردية، ليدخلوا مناطق النظام السوري في مدينة حلب، وبعدها إلى مدينة دمشق”.
الصالح أشار أن الطرق السابقة التي كان يستقلها المسافرون من مدينة الرقة أغلقت مؤخرًا بشكل تام، ليصبح الطريق الوحيد السالك لأهالي مدينة الرقة، هو طريق مدينة حلب مرورًا بمنطقة اعزاز التي تسيطر عليها فصائل “الجيش الحر”.
وتحدثت عنب بلدي مع سامر، وهو أحد سائقي الشاحنات في مدينة جرابلس، وأكد أن “جميع المسافرين باتجاه مدينة الرقة القادمين من مدن جرابلس واعزاز، لا يطلب منهم أي إجراء أمني من قبل تنظيم الدولة، كونهم داخلين إلى أرض الخلافة ومرحبًا بهم”.
سامر أشار إلى أن “التنظيم يطلب من المسافرين الذين يودون الخروج من مناطقه، تصريحًا وموافقات وورقة خروج تبين السبب، كون المناطق التي ينوون السفر إليها تحت سيطرة (المرتدين)”، بحسب توصيف التنظيم.
وبالرغم من القبضة الأمنية التي يتبعها تنظيم الدولة في المناطق التي تقع تحت سيطرته، إلا أن هناك العديد من الشاحنات التجارية التي تدخل البضائع بشكل شبه يومي، بحسب السائق، حتى أصبح الطريق بين مدينة جرابلس التي سيطرت عليها فصائل “الجيش الحر” مؤخرًا، طريقًا تجاريًا يرتبط بشكل مباشر مع مدينة الرقة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :