إصرار تركي على دخول “الباب” رغم الخسائر “القاسية”
عنب بلدي – خاص
شهدت مدينة الباب في ريف حلب الشمالي، معارك واشتباكات عنيفة منذ إعلان فصائل “الجيش الحر” المنضوية في غرفة عمليات “درع الفرات” المدعومة من تركيا بدء معركة السيطرة على المدينة الخاضعة لسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية”، في 9 كانون الأول الجاري.
المعارك والخسائر التي مني بها الطرفان، كشفت أن طرد التنظيم من المدينة والسيطرة عليها لن يكون سهلًا، بعدما توقع محللون عسكريون أن دخول الفصائل إلى المدينة سيكون خلال أيام، على غرار مدينة جرابلس المحاذية للأراضي التركية شرق حلب والتي سيطرت الفصائل عليها خلال يومين، في آب الماضي.
معارك كر وفر بين الطرفين
فصائل “الجيش الحر” سيطرت، الأربعاء الماضي، على جبل عقيل ومستشفى “الحكمة” غرب المدينة، كما أحكمت سيطرتها على الطريق الرئيسي الواصل بين الباب ومدينة حلب، لتضيق الخناق على تنظيم “الدولة الإسلامية” من المحورين الشمالي والجنوبي.
ولأهمية جبل عقيل الكبيرة كونه يشكل تلة حاكمة مطلة على معظم أحياء الباب، ما يصعّب من وجود عناصر التنظيم داخلها، شن التنظيم هجومًا معاكسًا، تمكن فيه من استعادة الجبل والمستشفى بعد انسحاب الفصائل.
وتحدثت عنب بلدي إلى رئيس المكتب السياسي في لواء “المعتصم”، مصطفى سيجري، المشارك في المعارك، وقال إن المعارك مستمرة “نفرض شبه حصار كامل على المدينة، ولم يبق للتنظيم خط انسحاب إلا باتجاه الرقة”.
وأكد سيجري أن الفصائل تواجه مقاومة “شرسة جدًا”، لافتًا إلى أن التنظيم “جعل من المدنيين دروعًا بشرية ومنعهم من مغادرة المدينة، بعد أن نقل مقراته ومستودعاته إلى أقبية منازلهم”.
وناشدت القيادة العامة لمدينة الباب وريفها، أهالي المدينة الالتزام بالنداء الأخير، والخروج من المدينة والتوجه إلى الريف والقرى المجاورة مؤقتًا، حتى تكتمل عملية تحرير المدينة من تنظيم “الدولة الإسلامية”، لأنها “ستكون خطيرة عليهم في حال بقائهم في المدينة في الأيام المقبلة”.
خسائر كبيرة لتركيا
المعارك على أطراف الباب تسببت بأكبر خسارة منيت بها أنقرة منذ بدء عملية “درع الفرات” في سوريا، في آب الماضي.
الخسارة كانت مقتل 16 جنديًا تركيًا وجرح 33 آخرين، وفق وزارة الدفاع التركية، الخميس الماضي، لتكون أكبر خسارة بشرية للجيش التركي في سوريا، إضافة إلى عربات ومعدات عسكرية تابعة للقوات التركية، استولى عليها التنظيم بعد استعادته السيطرة على جبل عقيل.
كما نشر التنظيم إصدارًا مرئيًا يظهر حرق جنديين تركيين وهما على قيد الحياة، بعد اختطافهما، الشهر الماضي، بحسب الجيش التركي.
الموقف التركي عقب مقتل الجنود كان أكثر إصرارًا على مواصلة العملية حتى طرد التنظيم، إذ قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن “قلوبنا تتألم لأجل شهدائنا، ولكن يجب علينا أن نعلم بأن هذه الأراضي تحتاج لشهداء لتكون وطنًا لنا”.
من جهته، أكد رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، الخميس الماضي، أن “المعركة في الباب هي معركة وجود بالنسبة لتركيا، ومهمة ضد الإرهاب وستتواصل داخل البلاد وخارجها، ويمكن أن يسقط لنا شهداء”.
المدنيون ضحايا الطرفين
وبين الإصرار التركي على دخول المدينة ودفاع التنظيم عنها، كان المدنيون القاطنون داخلها ضحايا القصف، إذ قتل وجرح عشرات المدنيين جراء غارات جوية وقصف بري مكثف من قبل الجيش التركي عليها.
وأحصت تنسيقية مدينة الباب، مقتل 91 مدنيًا وجرح 45 آخرين، جراء قصف تركي براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة خلال يومي 21 و22 كانون الأول الجاري.
وأظهرت الإحصائية، التي نشرتها التنسيقية في “فيس بوك”، عوائل كاملة قضت بالقصف، أبرزها: 27 شخصًا من عائلة شلاش، 13 شخصًا من عائلة عصفور، 13 شخصًا من عائلة عابو، ستة أشخاص من عائلة نعمة.
ولم تعقّب تركيا على أنباء مقتل مدنيين في “الباب” جراء القصف البري والجوي، فيما لم تتأكد عنب بلدي من الإحصائية من طرف ثالث.
المعارك العنيفة تكشف مدى أهمية المدينة الاستراتيجية لكلا الطرفين المقاتلين، فالباب تعتبر أكبر وأهم مدينة للتنظيم في ريف حلب الشمالي، في حين تعتبر المدينة استكمالًا لخطة تركيا في إقامة منطقة آمنة وإنهاء “خطر” إقامة “دولة كردية” على حدودها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :