من حلب إلى إدلب.. تعاضدٌ اجتماعي تخلله بعض الاستغلال
إدلب – طارق أبو زياد
توجه أهالي أحياء حلب الشرقية إلى ريفها الغربي ومحافظة إدلب، وفق اتفاقية قضت بتفريغ المدينة من المعارضة وتسليمها للنظام السوري، وسارعت المنظمات الإغاثية والفصائل العسكرية لمساعدة المهجرين، من تأمين للطرقات إلى تأمين مراكز الإيواء والإطعام وغيرها.
لكن الأعداد الكبيرة للمهجرين، وخروجهم في فترة قصيرة جدًا، فاق قدرة الجهات المعنية لاستيعاب الأعداد الضخمة، فكان لا بد للأهالي من مساعدة إغاثية في العملية.
تنوعت مبادرات الأهالي، من تأمين المنازل إلى السعي لفرشها، وتفاوتت بين التبرع بقطعة قماش وتقديم منزل بأكمله، إلا أنه لم يكن في حسبان الكثيرين ضرورة تأمين حافلات وشاحنات لنقل المهجرين من منطقة الراشدين على أطراف حلب، وتوزيعهم على البلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة في الشمال الخارج عن سيطرة النظام.
فشهدت العملية عشوائية كبيرة، ونداءات من قبل “المراصد العسكرية” لمن يملك شاحنة أو سيارة عادية، بضرورة التوجه إلى “الراشدين” والمساعدة في عملية الإجلاء.
نقل بالمجان من حلب إلى حيث يريدون
قصي عز الدين، سائق “ميكرو باص” من بلدة البارة، يعمل به على خط جبل الزاوية- باب الهوى في ريف إدلب، تحدث لعنب بلدي عما ساهم به حينما سمع نداءات الإغاثة “بمجرد سماعي للنداء أوقفت عملي مباشرة، وتوجهت باتجاه حلب، وكان هناك الكثير من السيارات تتجه بنفس وجهتي دون أي تنسيق لإغاثة أهلنا”.
وأضاف الشاب “شعرت أن النداء موجه لي خصوصًا، وأنه جاءني رحمة من عند الله، فكنت أشعر بالذنب لأنني لم أقدم شيئًا لمساعدة أهالي حلب، وها قد جاءت الفرصة لكي أشارك في تخفيف المعاناة”.
عند كل مفرق قرية وبلدة في ريف إدلب، كانت السيارات تتوافد باتجاه حلب، وصل عز الدين إلى منطقة (إيكاردا) في ريف حلب الجنوبي، ونقل عائلة إلى مدينة إدلب، فهناك أقرباء لهم، ولم يساعده الوقت ليعود وينقل عوائل أخرى “لكن ضميري قد ارتاح قليلًا”، بحسب تعبيره.
وتابع قصي حديثه “عملي هو نقل الناس، وهناك الكثير ممن يعملون بمهنتي تقاضوا أجرة مادية من مهجري حلب في الراشدين، مع مراعاة تخفيف الأجرة أو تقاضي ثمن الوقود فقط، فكانت مبادرات رائعة من الأهالي للوقوف إلى جانب النازحين”.
“مازوت” مجاني لإجلاء الأهالي
مازن حمراوي، النازح من مدينة حمص إلى ريف إدلب، تحدث لعنب بلدي عن مبادرة لأحد الأشخاص، تبرع فيها بمادة “المازوت” لمالكي السيارات والحافلات، ممن يود مساعدة منكوبي حلب.
وقال حمراوي لعنب بلدي “هناك الكثير من الأشخاص الذين يملكون سيارات ويريدون المساعدة، ولكن تكاليف الوقود لم تكن متوفرة، وسمعت تعميمًا على القبضة اللاسلكية أن هناك شخصًا قد تبرع بالمازوت لمن يريد أن ينقل أهالي حلب، وفعلًا تأكدنا من وقوف شخص بالقرب من جسر أريحا يملأ خزانات الوقود لمن يريد التوجه إلى حلب، وساهم في إغاثة المهجرين بطريقته”.
وأشار مازن إلى سلبيات هذه المبادرة، “ربما هناك أشخاص ضعيفو النفس، يدّعون أنهم سيساعدون حلب، ويقومون بسرقة المازوت المقدم، ولكن هذا الأمر لا يمكن ضبطه وكل شخص هو وأخلاقه”، بحسب تعبيره.
الاستغلال حاضرٌ أيضًا
رصدت عنب بلدي حالات معدودة للاستغلال السيئ لمهجري حلب، من قبل “ضعاف النفوس”، بحسب ما وصفهم الشاب خالد الحموي، النازح من مدينة حماة إلى بلدة بنش في ريف ادلب.
وقال الحموي “كنت حاضرًا لحظة وصول أهالي حلب، وهناك بعض الأشخاص (المشلحين) استغلوا أهالي حلب العزل، والذين خرجوا مع أغراضهم الشخصية وخسروا كل ما يملكون داخل حلب، عن طريق طلب مبالغ من المال، ليقوموا بإيصالهم إلى وجهتهم”.
ليست هنا الفاجعة، بحسب الشاب، إذ أكد حدوث حالات استحواذ على المقتنيات والأغراض من الأهالي، كتعويض عن أجرة التوصيل “هذا أخذ غسالة وذاك طلب هاتف جوال وغيرهم من تفنن في الاستغلال بوحشية كبيرة.. وافق الحلبيون على الطلبات فهم مكسورون ولا قوة لهم”.
تحولت إدلب إلى قبلة للمهجرين والنازحين قسرًا من مدنهم وبلداتهم شمال وجنوب سوريا، لكن الفوضى المرافقة لهذه الحالة، تتطلب حلولًا من الهيئات المدنية والعسكرية المشرفة على إدارة شؤون المحافظة، منعًا لحالات الاستغلال المتكررة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :