عنب بلدي – العدد 81 – الأحد 8-9-2013
يتابع السوريون ما يجري داخل أروقة السياسة الأمريكية أكثر من الأمريكيين أنفسهم، يتابعون بقلق وعناية بالغين أي تصريح لأي سيناتور، ويحصون أعداد الأصوات المؤيدة والمعارضة والمترددة والتي تميل لأحد الخيارات دون الآخر.
انقسم السوريون في كل شيء -للأسف- بين مؤيد ومعارض، ولكنهم جميعًا هذه المرة متفقون أن أوباما بات الأكثر تأثيرًا على مجرى الأحداث في الساحة السورية، وهو ما جعل رئيس مجلس الشعب السوري يوجه رسالة عاجلة للكونغرس يناشدهم فيها التصويت ضد التدخل العسكري في سوريا.
لقد دخل السوريون -بعد قرار الضربة- في متاهة التخوين وتحميل المسؤوليات، ليس فقط بين المؤيدين والمعارضين، بل بين ضحايا النظام أنفسهم. فالأمريكي القادم هو نفسه الداعم لإسرائيل في وجه الفلسطينيين، والغازي للعراق العربي، ومحتل أفغانستان الإسلامية، هو نفسه قاتل المئات –بل الآلاف- من الأبرياء في حروبه. لكنه هذه المرة -كما في الظاهر- يقف مواجهة نظام الأسد الذي لم يشبع من دماء السوريين طيلة سنتين ونصف، ولم يستطع أحد إيقاف مشروعه التدميري لسوريا وللمنطقة. يقف في وجهه لمصالحه، التي تتقاطع هذه المرة -ربما- مع مصالح السوريين.
لا يتحمل الثوار بأي حال من الأحوال المسؤولية عن هذه الحالة التي وصل إليها السوريون، المسؤولية بالدرجة الأولى تقع على النظام السوري الذي دمر البلاد في سبيل بقاء الأسد على رأسها وإن كانت أكوامًا من الخراب، والمسؤولية في الدرجة الثانية تقع على جماهير المؤيدين الذين وزعوا الحلوى فرحًا باستهداف الغوطة الدمشقية بالسلاح الكيماوي وقتل أطفالها، وأطلقوا الحملة تلو الأخرى في رجاء بشار الأسد أن يفني المناطق المعارضة عن بكرة أبيها، وهاهم اليوم يطلقون حملات جديدة (شعبية وإعلامية)، يتوعدون فيها العالم بإدخاله في حرب عالمية ثالثة بدفع واضح من النظام الذي لا تتوقف شهيته عن القتل والتدمير والتخريب.
الرحمة لأطفال سوريا الأبرياء، الذين أيقظوا بنومة موتهم القاسية، ضمائر العالم المتخاذل.