مطار المزة العسكري من مذكرات المعتقل أحمد جمال الدين – 2

  • 2013/09/08
  • 3:18 م

أحمد خبر خلال اعتقاله مدة طويلة وسائل التعذيب التي استخدمت بحقه وحق معتقلين آخرين عاينهم وشاركهم لحظات الألم، عند دخولهم إلى الزنزانة بعد ساعات من التحقيق يذوقون خلالها شتى أنواع العذاب.

يشرح أحمد، من مشاهدته، وسائل التعذيب كـ «الضرب بالعصي الخشبية والكهربائية، وبالهراوات، وأخمص البندقية على كل أجزاء الجسم، والتعذيب بالكهرباء، وحمام المياه الباردة في البرد القارس، والحرمان الدائم من الطعام والشراب والمياه وسرقة الوجبات اليومية المخصصة للمعتقلين»، إضافة إلى حرمان «المعتقل من الثياب الداخلية والصابون ومسحوق الغسيل طيلة اعتقاله»، فيما يبقى «قسم كبير من المعتقلين بثيابهم الداخلية ليل نهار نتيجة تمزق ثيابهم أثناء التحقيق».

ويردف أحمد «كذلك من وسائل التعذيب صفعات الكهرباء، وإطفاء السجائر وجمرات النرجيلة على جسم ووجه المعتقل، في جوّ يسوده المرض الدائم دون وجود أدوية إلا ما ندر، وقد مُنع توزيعها في الفترة الأخيرة»، كما «يتم إغلاق فتحات التهوية، لخلق مزيد من الأجواء الخانقة في الزنزانة».

استشهاد المعتقلين تحت التعذيب صار حالة معتادة في سوريا لكن أحمد أفادنا بردة فعل قوات الأمن، «عندما يموت أحد المعتقلين، يخلعون ملابسه ويبقونه بقطعة داخلية واحدة فقط ويلفونه بالنايلون، ويؤخذ إلى جهات مجهولة، أو إلى مقبرة نجها -حسب زعمهم- «، بعد أن يُترك عدة أيام في الزنزانة، فيما  «ترمى جثث بعض الشهداء على الحواجز، وآخرون يدفنون في المقبرة الجديدة في مطار المزة العسكري» في إشارة إلى دفنهم بمقابر جماعية، و»يكتب على الجثة اسم صاحبها بعد سؤال المعتقلين بنفس الزنزانة، دون أن يتم تدقيق الأسماء أو تمحيصها». مفسرًا بذلك توارد أسماء المعتقلين للأهل بأن ابنهم قد استشهد، لكن الحقيقة هي خطأ بطريقة إثبات المتوفى.

وأشار أحمد إلى تصفية عدة حالات  لمرضى أو مصابين تحت التعذيب أثناء نقلهم إلى المشفى العسكري، أو فور وصولهم إليها.

أكثر طريقة تستعمل مؤخرًا «الشبح»، إذ يُعلّق المعتقل من يديه أو من قدميه، ويبقى مرتفعًا عن الأرض، حتى لا يستند إليها، ويبدأ ضربه وهو «مشبوح ومطمش العينين»، أو يترك عدة أيام على هذه الحالة، ليفقد معها أي إحساس بوجوده، إضافة إلى «الفلقة» دون تمييز بين كبير وصغير، مريض أو معافى، ومع «كل مشهد من التحقيق مسلسل كامل من الشتم والكلمات النابية».

أما الطعام فهو عقوبة بحد ذاته، فقد «سئمنا الزيتون من الشجرة إلى المستهلك لشدة مراره، وكذلك الشوربة التي تشبه كل شيء إلا الشوربة، والرز والبرغل»، ومع كل وجبة «تحليل كامل لاقتصاد سوريا في الخارج، حسب كمية الدسم».

ويصف أحمد الحالة داخل الزنزانة «نتلقف المعتقل لحظة وصوله، أو لحظة عودته من التحقيق والعقوبة، ونداوي جراحنا بالكلمة الطيبة التي لا نملك غيرها… نستذكر ما حفظنا من القرآن الكريم، ونتبادل بيننا كلٌ حسب ما حفظ، ونصلي سرًا وبأعيننا، لأن بيننا من مهمته إيصال ما يجري وبما نتكلم إلى المحقق، ونحتفل بأعياد ميلاد بعضنا بعبارة «كل عام وأنت حر».

لا يغيب عن بال أحمد المشهد كلما دق الباب أحد العناصر ونادى باسم أحد المعتقلين «إفراج»، حينها يركض جميع من في المهجع ويعطونه عنوان بيوتهم وما يستذكرون من أرقام هواتف ليطمئن ذويهم.

ويختم أحمد حديثه بأن تجربة الاعتقال تكون عند المعتقلين أفضل حالات الصداقة والأخوة وأمتنها «نكوّن صداقات ما كان لنا أن نلتقي هؤلاء الأشخاص لولا السجن، فرب سجن أخرج رجالًا ولم يقهر رجولتهم».

مقالات متعلقة

فكر وأدب

المزيد من فكر وأدب