tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 81 – الأحد 8-9-2013
80
«الله لا يرجعكن على بلادكم، ليضلوا زوجاتنا متل الساعة»
هذا ما اعتادت فتيات سوريات على سماعه في بلاد النشامى.. الأردن..
تقف راما (23 عامًا) على تقاطع طرق في أحد شوارع عمّان لتستقل سيارة أجرة إلى عملها، الذي يبعد 45 دقيقة عن مكان إقامتها في العاصمة الأردنية، بعد أن تركت مدينتها في ريف دمشق مرغمة قبل ستة أشهر. تنظر إلى من حولها، وترمق بحزن طلاب الجامعات وهم يهرعون إلى محاضراتهم يحملون كتبهم وكراساتهم، وتتحسر على جامعتها التي تركتها في سنتها الثالثة.
لقد اضطرت راما إلى العمل في الأردن كي تعيل نفسها وابنها، ذو الخمسة أعوام، بعد أن نزحت مع عائلة زوجها المعتقل، والذي لا يزال يقبع في سجون النظام منذ عامين. «لم أكن أنوي النزوح من منزلي وقد أصررت على البقاء فيه إلى أن أتت قوات النظام  وأجبرتنا على إخلائه ليقوموا باحتلاله».
تعاني راما وبعد ثلاثة أشهر من استلامها لعملها من مشاكل عدة في البيئة الجديدة، فصغر سنها عرضها لمضايقات كثيرة، ابتداءً بسائقي التكاسي وانتهاءً بمن تلاقيهم في عملها، خاصة أولئك الذين يعلمون أن زوجها معتقل.
«الرجال الأردنيون باتوا يغيظون زوجاتهم بالنساء السوريات، حيث يعتبرون أن المرأة السورية، متزوجة كانت أم عزباء، أجمل وأكثر أناقة من المرأة الأردنية، ويقولون أنها  تهتم بزوجها وبراحته، على عكس المرآة الأردنية» ، تقول راما. ثم تذكر موقفًا حصل أمامها مع سائق تكسي كان يقلها لأحدى زيارات الدعم النفسي التي تقوم بها بشكل يومي، إذ رن هاتف السائق فنظر إليها وقال لها «هذه الغولة».
تعجبت راما من عبارته هذه، إلا أنها فهمت أنه يقصد زوجته حين تابع حديثه على الهاتف مهددًا بالزواج من إحدى السوريات إن لم تطع أوامره. وبعد أن أنهى مكالمته نظر إليها مرة أخرى وقال لها: «الله لا يرجعكم على بلادكم لنضل نشوف وجوه حلوة، ويضلوا زوجاتنا متل الساعة».
وتضيف راما: لست الوحيدة التي أتعرض لمثل تلك المواقف، فقد فتعرضت صديقتي هند المتزوجة، والتي تبلغ من العمر 20 عامًا، لمضايقات أيضًا، ففي أحد المرات سألها سائق تكسي يناهز عمره الخمسين عامًا: « سورية؟» ثم أمطرها  بوابل من الأسئلة قبل أن يقول لها «أريد أن أخطب فتاة سورية»، ولما أخبرته بأنها متزوجة قال لها «يا خسارة، لو لم تكوني متزوجة لما افلتك من بين يدي»، ولم يكف طوال الطريق عن طلب رقم هاتفها بحجة نيته تقديم المساعدة لها.

غصون (26 عامًا) تروي حادثة مشابهة مع سائق التكسي أثناء ذهابها إلى عملها. سألها السائق: «من فين من سوريا؟» فأجابته باختصار «من الشام» ثم صرفت وجهها عنه، لكنه استمر بالحديث معها «أنا بتابع المسلسلات السورية متل باب الحارة، لهجتكم كتير حلوة، بيقولوا ولي ع آمتي ابن عمي.. ولي على طولي». نظرت إليه وهزت رأسها، ومن ثم تابع حديثه لوحده، وعندما وصلت إلى مكان عملها مدت يدها لتحاسبه وتغادر السيارة، لكنه فاجأها بقوله: «ما بنزلك حتى تقوليلي: حاضر ابن عمي»؛ رمت غصون النقود ونزلت بسرعة مغلقة باب السيارة بعنف.
سوريات أخريات يذكرن أنهن يتعرضن للعديد من المواقف المشابهة في الأردن، وقد أجبرت كثيرات منهن على وضع النقاب في محاولة للهروب من هذا الواقع المزعج، وبعضهن صرن يتحدثن باللهجة الأردنية ليبعدوا عن أنفسهن المضايقات التي باتت تسبب لهن عذابًا نفسيًا، بينما آثرت نساء أخريات البقاء في بيوتهن على أن الانخراط في مجتمع غريب يحاصرهن بالكلمات وبالنظرات المريبة وطلبات الزواج، لتضاف إلى عذابات نزوحهن آلام الغربة والعزلة عن المجتمع.
وتشير إحصاءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة إلى أن عدد السوريين الذين نزحوا إلى الأردن نتيحة تصاعد العنف في بلادهم قد تجاوز النصف مليون، معظمهم من الإناث اللاتي تتراوح أعمارهن بين ال 18 وال 59.
ومع انتشار ظاهرة استغلال اللاجئات السوريات من قبل الأردنيين والخليجيين، قامت مجموعات من النشطاء بحملات توعوية وحقوقية أبرزها حملة «لاجئات لا سبايا» التي تتوجه إلى النازحين لتعريفهم بمخاطر هذه الزيجات تحت أي مسمى كانت، دينيًا أم اجتماعيًا، وإلى رجال الأعمال لحثهم على القيام بدورهم الإنساني وواجبهم الأخلاقي ومسؤولياتهم الاجتماعية. كما يعمل القائمون على الحملة على التواصل مع الجهات الحقوقية المعنية للحد من انتشار هذه الظاهرة.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.