شهد ريف حلب الشمالي متغيرات ميدانية كبيرة خلال الأشهر القليلة الفائتة، فانتقلت عشرات البلدات والقرى من سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى فصائل “الجيش الحر” المشاركة ضمن غرفة عمليات “درع الفرات” المدعومة تركيًا، لتعاود مخافر النواحي عملها من جديد بعد توقف دام عامين.
زارت عنب بلدي مخفر شرطة ناحية صوران في ريف حلب الشمالي، والتقت رئيس المخفر، الرقيب عمر ويسي، وتحدثت إلى عنصر من المخفر، وقيادي في الجيش الحر، وعدد من الأهالي في المنطقة، للوقوف على طبيعة عمل الشرطة وفعاليتها في صوران وقراها.
ماذا تعمل شرطة صوران؟
تقع بلدة صوران في ريف حلب الشمالي، وخضعت مدة عامين تقريبًا لسيطرة تنظيم “الدولة”، قبل أن يستعيدها “الجيش الحر” منتصف تشرين الثاني الماضي، ويعود مخفر الشرطة فيها لمزاولة عمله.
وأوضح الرقيب ويسي، المنشق عن شرطة النظام السوري عقب انطلاق الثورة، أن عملهم ينحصر في “تنظيم السير على الطرقات العامة، ومساعدة الأهالي في المنطقة بكل شيء يحتاجونه، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وفق تعاون جيد مع الجيش الحر”.
يعتبر مخفر صوران من أوائل المخافر التي تشكلت في حلب، إذ تأسس في تشرين الأول 2012، أي بعد ثلاثة أشهر من تأسيس قيادة الشرطة في حلب الحرة، وإعلانها من المدينة الصناعية في حلب، قبل أن تستعيدها قوات الأسد.
وقال رئيس المخفر “بداية التشكيل واجهنا صعوبات مع بعض الفصائل العاملة، وبعد فترة وجيزة تم التعاون بين جميع الأطراف وقبول الوضع مهنيًا، لأن معظم العناصر منشقون عن النظام”.
وعن آلية عمل السجون، أوضح ويسي أنها موجودة في كل مركز ناحية، وتابع “في كل مركز شرطة هناك نظارة للموقوفين تحت إشراف القضاء الشرعي، وبعدها يحالون لقضاء النيابة لعامة في اعزاز، ومن ثم إلى سجن المدينة لقضاء فترة محكوميتهم”، مشيرًا إلى أنها تدار تحت إشراف قيادة الشرطة الحرة.
يتبع لناحية صوران 23 قرية، ويضم مخفرها 25 عنصرًا، مزودين بسيارة واحدة ودراجتين ناريتين، إلى جانب معدات قال رئيس المخفر إنها محدودة، وأضاف “نتطلع إلى فاعلية أكبر، وتزويد العناصر بآليات ومعدات تكنولوجية لازمة لجودة العمل”.
الشرطي محمد توفيق، المنشق أيضًا عن النظام السوري، والموظف في الشرطة الحرة منذ ثلاث سنوات، أوضح لعنب بلدي أن عمله ورفاقه يتجلّى في حل النزاعات بين المواطنين، والحفاظ على أملاكهم، وتقديم المخالفات إلى القضاء المختص، وأضاف “حاليًا نعمل على توثيق الضبوط وإجراء الكشوفات اللازمة على المنازل المهدمة والمتضررة أثناء وجود داعش في المنطقة”.
وعن الصعوبات التي تواجه عمل الشرطة، اكتفى الشرطي محمد توفيق بالقول “إن أي عمل مهني سيواجه صعوبات، مثل الممانعة عند جلب أحد المطلوبين”، لكن “يوجد تفهّم بتقدير جيد من قبل الفصائل العسكرية والمواطنين”، بحسب تعبيره.
علاقة تعاون مع “الجيش الحر”
الشرطة و”الجيش الحر” مكونان لا يمكن الاستغناء عنهما في المناطق “المحررة”، بحسب ما أوضح مسؤول الحواجز العسكرية في صوران، بكري أبو إسلام.
وقال القيادي في “الجيش الحر” لعنب بلدي “هناك تعاون كبير بين العسكر والشرطة الحرة، وتحدث أحيانًا مؤازرات بين الجانبين، ونحن ندعمهم لأنهم يعملون على خدمة الأهالي في الريف الشمالي، من حيث السرقات والشكاوى والمشاكل المختلفة، ونعمل على إحداث حواجز مشتركة بين الجانبين لقدرتهم على ضبط الأمور بشكل أكبر”.
وأشار أبو إسلام إلى أن عناصر الشرطة لديهم خبرة في ضبط النواحي الأمنية في المنطقة، معتبرًا أنهم خيار بديل عن الجيش الحر في هذه الناحية “نحن لا نملك خبرات مثلهم في الأمور المدنية والأمنية.. هو جهاز فعال لكن ينقصه الدعم”.
آراء الأهالي بجهاز الشرطة
حملت آراء الأهالي، التي استطلعتها عنب بلدي في منطقة صوران، وجهات نظر إيجابية تجاه أداء جهاز الشرطة، فقال أحدهم “إن وجود الشرطة الحرة ضرورة ملحة، لأنه يقع على عاتقها نشر الأمن والأمان في المنطقة، وتحد من السرقات والجرائم، وتعيد الحقوق المسلوبة لأهلها، في ظل الفراغ الأمني في المنطقة”.
بينما رأى آخر أن “أداء الشرطة الحرة حاليًا جيد، ولكنه يحتاج إلى القليل من التنظيم وتحمل المسؤولية بشكل أكبر… أقترح إقامة معسكرات خاصة لتدريب العناصر ليكتسبوا مهارات أكبر في مجالهم”، كما “يفضّل أن يتبع هذا الجهاز لمؤسسة القضاء، ليكون أداة تنفيذية لها”.
وأشار مواطنون آخرون إلى أن الأهالي يرتاحون ضمنيًا للتعامل مع الشرطة الحرة بشكل أكبر من “الجيش الحر”، لطبيعة “قربهم من المدنيين، وعدم ظهورهم بمظاهر غير لائقة”، ويتعاملون وفق “منهجية ومهنية واضحة، على عكس التصرف العنيف أحيانًا لعناصر الجيش الحر”.
تابع قراءة ملف: الشرطة “الحرة” في سوريا.. رجال دون صافرات
– مشاريع شاركت فيها الشرطة “الحرة” في حلب وإدلب
– لتعزيز النموذج المجتمعي.. برنامج “أمان وعدالة” يدعم الشرطة “الحرة”
– شرطة حلب “الحرة” تجربة تنشط منذ ثلاث سنوات
– الشرطة تمارس وظيفتها في ظل فراغ أمني بريف حلب الشمالي
– الشرطة الحرة في إدلب.. تنسيق مع المجالس ولا علاقة بالعسكر
– الشرطة “الحرة” في الغوطة تتشتت بين الفصائل
– مجلس “مشلول” وهيئات تغرّد منفردة.. حمص “الحرة” تفتقر لجهاز الشرطة
– مخافر “فقيرة” وصاحب السلاح “سلطان” في درعا
– لقراء الملف كاملًا في صفحة واحدة: الشرطة “الحرة” في سوريا.. رجال دون صافرات