الخانوق.. حالة مقلقة للأهل لكنها نادرًا ما تكون خطيرة
د. أكرم خولاني
يصاب بعض الأطفال في فصل الشتاء بنوبة مفاجئة لسعال نباحي شديد مع بحة وضيق نفس، هذه النوبة توقظ الطفل من نومه في منتصف الليل، لذلك يصاب الأهل بالقلق والخوف الشديد على حياة طفلهم، فنجدهم يسرعون به إلى قسم الطوارئ في المشفى أو إلى أقرب طبيب، مع أن هذه الحالة نادرًا ما تكون خطيرة، وتتحسن عادة خلال أيام من الراحة والرعاية في المنزل، وهي ما يسمى بالخانوق أو التهاب الحنجرة أو الكروب الحنجري Croup – Laryngitis.
ما هو مرض الخانوق
هو مرض شائع في مرحلة الطفولة، تسببه عدوى فيروسية، يحدث فيها تورم وانتفاخ داخل الحلق وخاصة في الحبال الصوتية وأنسجة الحنجرة والرغامى، مما يؤدي بدوره إلى حدوث سعال يشبه النباح، وبحة صوت، وضيق تنفس.
يشاهَد الخانوق في فصل الشتاء والخريف، ويصيب الأطفال من عمر 3 شهور إلى 6 سنوات، مع ذروة حدوث بعمر سنتين، ونادرًا ما يصيب البالغين، وهو يصيب الذكور أكثر من الإناث، مع وجود قصة عائلية في 15% من الحالات.
ما أسباب الخانوق؟
- قد يحدث الخانوق بسبب إنتان فيروسي، خصوصًا فيروس نظير الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي RSV.
- قد يحدث بسبب تشنجي، دون أي عدوى، وعادة ما يترافق بوجود استعداد للحساسية التنفسية عند الطفل.
- في حالات نادرة يحدث الخانوق بسبب عدوى جرثومية، وبشكل أساسي جراثيم العنقوديات.
كيف تتظاهر الإصابة؟
في الشكل التشنجي يستيقظ الطفل فجأة في منتصف الليل وهو مصاب بسعال نباحي شديد مع بحة في الصوت وضيق في النفس، تتراجع الأعراض خلال ساعات، ويبقى بحة صوتية مع سعال خفيف، وقد تتكرر النوبة في الليلتين التاليتين بشدة أخف، ولا يحدث ارتفاع في درجة الحرارة، وقد يتكرر هذا النوع من الخانوق عدة مرات في الشتاء الواحد.
أما في الشكل الفيروسي فيكون الالتهاب في هذه الحالة شديدًا، ويصيب الرغامى أيضًا، ويبدأ بعد رشح عادي يستمر 1-3 أيام، ويتطور تدريجيًا حتى يصاب الطفل بسعالٍ نباحي، ويظهر صوت مميز يسمع خلال الشهيق يسمى الصرير، ويظهر الصرير عند البكاء أو السعال إذا كان الخانوق معتدلًا، أما إذا أصبح بحالة أسوأ فقد يسمع الصرير أيضًا عند النوم أو الاسترخاء، وقد ترتفع درجة الحرارة لتصل إلى 40 درجة مئوية، وفي حالات قليلة قد تكون الإصابة شديدة لدرجة حدوث ضيق النفس والزرقة، غالبًا ما تسوء الأعراض في الليل، وتستمر عادة لعدة أيام (وسطيًا 7-10 أيام) ونادرًا لأسابيع.
وفي الشكل الجرثومي تكون الصورة السريرية مشابهة للشكل الفيروسي مع ترفع حروري شديد وترقّ سريع لانسداد الطرق التنفسية، وهي حالة خطيرة تستدعي القبول الإسعافي في المشفى.
كيف يتم التشخيص؟
يتم التشخيص عن طريق الأعراض والعلامات (القصة المرضية والفحص السريري)، وفي حالات قليلة يتم إجراء صورة شعاعية بسيطة للعنق حيث يظهر في 50% من الحالات تضيق في المجرى الهوائي تحت مستوى لسان المزمار مع استدقاق (بشكل رأس قلم الرصاص).
كذلك يمكن إجراء تعداد دم عام عند الشك بالالتهاب الجرثومي، حيث نجد ارتفاعًا بالكريات البيض على حساب العدلات.
وفي الحالات التي لا يكون فيها التشخيص واضحًا قد يتم إجراء تنظير الحنجرة المباشر في غرفة العمليات.
ويجب تمييز التهاب الحنجرة عن التهاب لسان المزمار، حيث يحدث التهاب لسان المزمار في عمر 5 الى 6 سنوات، وينتج عن عدوى بالمستدميات الزلية في منطقة لسان المزمار وفوق الحبال الصوتية، ويكون الطفل بحالة سيئة، ولديه حرارة عالية، وحس اختناق، وزرقة، وسيلان لعاب شديد، وقد يتورم لسان المزمار ويسد المجرى التنفسي مسببًا اختناق الطفل، لذا فإن هذه الحالة تتطلب إسعافًا فوريًا.
ما هي خيارات العلاج؟
لا بد أن نؤكد أن هذا المرض يتطلب اهتمامًا خاصًا عند المصابين بعمر 3 أشهر وحتى 3 سنوات، حيث يكون قطر مسالك التنفس صغيرًا وتؤدي الوذمة لانسداد بارز في مجرى التنفس.
ومبدئيًا يتم العلاج في المنزل في معظم الحالات حيث يكون الخانوق خفيفًا، ويرتكز العلاج على تهدئة الطفل، واستنشاق هواء رطب من جهاز الإرذاذ، أو بوضع الطفل في الحمام وجعل الماء الساخن يتدفق بحيث يصبح جو الحمام مشبعًا بالبخار ويتم الجلوس مع الطفل لمدة نصف ساعة على الأقل في غرفة الحمام، كذلك يساعد التعرض للهواء الليلي البارد أو السير بالسيارة والنوافذ مفتوحة على التخلص من السعال النباحي والصرير، ويجب تكرار العملية عدة أيام في المساء قبل نوم الطفل، كما يمكن إعطاء خافضات الحرارة عند ارتفاع الحرارة.
لكن يجب إسعاف الطفل إلى قسم الطوارئ بالمشفى في الحالات التالية:
- الطفل يعاني من صعوبة شديدة في التنفس، ويبذل جهدًا أثناء التنفس (صدره أو بطنه ينسحبان للداخل أثناء التنفس)، ولا يستطيع التكلم بسبب ضيق النفس.
- الرذاذ البارد لا يوقف الصرير خلال 15 دقيقة.
- وجود ارتفاع شديد في الحرارة.
- وجود سيلان لعاب، ورفض للطعام والشراب.
- وجود زرقة في الشفاه.
- يبدو على الطفل السبات العميق (نعاس شديد) أو العصبية (غريب الأطوار جدًا).
في المستشفى يتم قياس إشباع الأوكسجين في الدم، وفي بعض الأحيان فحص غازات الدم (لقياس مستوى الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون)، ويتم إعطاء سوائل عن طريق الفم أو التسريب الوريدي، وإعطاء أوكسجين حسب الحاجة، ويتم إجراء استنشاق الأدرينالين في الحالات المتوسطة أو الشديدة ( صرير على الراحة)، أو عند وجود مظاهر عسرة تنفسية، يدوم تأثيره لمدة 4 ساعات تقريبًا، لذلك يجب مراقبة الطفل 3 – 4 ساعات بعد الإرذاذ، للتأكد من بقاء تنفسه هادئًا.
وما يزال علاج الخانوق بالسترويدات (ديكساميتازون أو بريدنيزولون) مثيرًا للجدل، ولكنه يخفف من التهاب جدار المسالك التنفسية ويمنع تطور الحالة إلى مراحل شديدة، ويمكنه تقصير مدة المرض.
أما في حال تأكد أن السبب هو إنتان جرثومي فيجب إعطاء المضادات الحيوية الوريدية (فانكومايسين).
وتتطلب حالات الإنتان الجرثومي وكذلك الحالات الشديدة جدًا التي يتطور فيها قصور تنفسي (انخفاض أوكسجين الدم وارتفاع ثاني أكسيد الكربون) إجراء التنبيب الرغامي الإسعافي (إدخال أنبوب من خلال الأوتار الصوتية) لإجراء تنفس اصطناعي في غرفة الطوارئ.
أخيرًا.. نشير إلى أن الفيروسات التي تسبب الخانوق معدية، لذلك يجب إبقاء الطفل في المنزل، وبعيدًا عن الرضع، وعدم إرساله إلى الحضانة أو المدرسة، إلى أن تختفي الحمى ويتوقف السعال النباحي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :