أسباب العودة السريعة للتنظيم إلى تدمر
براء الطه
ثلاثة أشهر كانت كفيلة أن تُمكِنَ القوات السورية والروسية والقوات الرديفة من بَسط سيطرتها على عاصمة الصحراء السورية.
لكن ما جرى خلال الأيام الماضية أعاد خلط الأوراق، حيث تمكنت قوات تنظيم “الدولة” من إحكام السيطرة على المدينة، ما دفع القوات الروسية إلى تفجير مخازن الأسلحة والقاعدة العسكرية الروسية التي تم تجهيزها في المنطقة خوفًا من وقوعها بيد قوات التنظيم.
الهجوم المباغت والانسحاب إلى البيضة الشرقية أو(إعادة الانتشار كما تسميه دائمًا القوات النظامية السورية) كان أسرع من الهجوم عينه، كلا الوضعين (الهجوم والانسحاب) طرح عدة رؤى كان أكثرها رواجًا هو أن القوات النظامية سلمت تدمر باتفاق مع التنظيم.
لا يمكن الإجابة على هذا السؤال إلا اذا عرفنا الوضع الميداني للمدينة.
من المعلوم أن تدمر تقع في البادية السورية، وأقرب مركز إمداد لها هي مدينة حمص السورية والتي تبعد عنها مسافة 160 كيلومترًا، وهي مسافة لسيت بالسهلة لاستقدام المؤازرات العاجلة إضافة إلى المساحات الشاسعة التي يجب على القوات أن تغطيها، عن طريق نقاط لا يتعدى عديد عناصر كل منها في أفضل الأحوال الخمسين عنصرًا، خاصة أن معركة حلب وما يدور فيها حتّم على القوات النظامية سحب العناصر من الجبهات لتعزيز معركة حلب على حساب بقية المناطق.
ما سُرِب عن العملية هو أن قوات التنظيم شنت هجوم من ثلاث محاور المحور الشمالي الغربي وهو حقل المهر، والمحور الشرقي ابتداءً من أراك، والمحور الجنوبي الغربي ابتداءً من الصوانة الشرقية ومفرق الصوانة، عن طريق استقدام أرتال ضخمة وصلت الى آلاف المقاتلين، وهو ما ما يعيد طرح عدة تساؤلات جدية عن الحرب العالمية على التنظيم والتي تدور رحاها في سوريا والعراق.
فلو أجرينا مقارنة بسيطة بين عدد الضربات والطلعات الجوية التي تلقاها العراق في حرب 2003 وبين الضربات الجوية التي تلقاها التنظيم حاليًا، سنجد أن الحرب على الإرهاب اليوم مجرد ادعاء لا تطبيق له على أرض الواقع.
لم تستطع النقاط العسكرية لقوات النظام السوري والقوات الروسية صد الهجوم، خاصة أنه جرى ضرب هذه النقاط في وقت واحد، فلم يكن هناك إلا الانسحاب أمام هذا الزخم الضخم من العديد والآليات المفخخة (مصادر أكدت وقوع 15 عملية من هذا النوع)، لإعادة رص الصفوف والبدء بهجوم على المواقع التي خسرتها القوات.
عين التنظيم حاليًا على مطار “T4” (الطياس) وهو أحد أكبر القواعد الجوية في سوريا حيث يحتوي على قرابة 54 هنكارًا، إضافة إلى عدد من أسراب الطائرات المتطورة والمدرعات الحديثة إضافة الى وجود رادارات قصيرة المدى متطورة، وقد سيطر التنظيم على الكتيبة المهجورة والتي تقع شمال غرب قاعدة طياس الجوية.
لم يقدم التنظيم على هذه المعركة إلا بعد التأكد من أن معركة الرقة لن تكون في جدول أعمال قوات “سوريا الديمقراطية” في هذه المرحلة من العمليات، لذلك كان العديد الأكبر لقواته المستقدمة هو من محافظة الرقة، وسط انشغال القوات السورية والقوات الرديفة لها بمعارك حلب.
السيطرة على تدمر سوف تبعد القوات السورية عن مدينة الطبقة بسبب التعزيزات التي سوف ترسلها لإعادة المناطق التي خسرتها في تدمر، والتي لن تطول إعادة بسط السيطرة عليها، خاصة بعد تجهيز “الفيلق الخامس”.
لا شك أن قوات الجيش والقوات الرديفة ارتكبت خطأً فادحًا تتحمل عواقبه حاليًا، إذ كان يجب عليها أن تتابع التقدم باتجاه أراك والسخنة بعد سيطرتها على تدمر.
وأخيرًا فإنه من المستحيل أن تقدم هذه القوات (الجيش) على تسليم مناطق تكبدت العناء الشديد للسيطرة عليها، وخاصة تدمر ولما أعطته من دفعة معنوية إبان السيطرة عليها قبل عدة أشهر.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :