عجوز يضطر للعيش في سجن
“دار السلامة” ترعى شؤون أربعة مسنين فقط شمال حلب
عنب بلدي – خاص
داخل بناءٍ صغيرٍ من غرفتين وفُسحةٍ سماوية، يعيش اليوم أربعة مسنين في “دار السلامة” قرب مدينة اعزاز شمال حلب، في ظل مقومات بسيطة يقدمها القائمون على الدار، التي تخلو المنطقة من مثيلاتها.
انتقلت “دار السلامة” للمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، في أيار الماضي، إلى بنائها الجديد مقابل مشفى “الهلال الأزرق الدولي للإغاثة والتنمية”، داخل مخيم “باب السلامة”، بعد أن قدّم كادرها البسيط خدماته لعدد قليل من المسنين، على مدار قرابة سنتين ونصف، في بناء آخر.
من المسؤول عن الدار؟
ويقول نزار نجار، مدير الدار، لعنب بلدي، إن كادرها المكون من شخصين يتقاضيان “راتبًا بسيطًا”، يهتمان بأربعة مسنين، منهم معوق جسديًا وذهنيًا، وليس لهم أي معيل (اثنان من حمص، وآخر من تل رفعت، والرابع من مدينة حلب)، موضحًا أن الدار تعاني من شح الدعم، “ينقطع عنا الدعم البسيط أساسًا كل فترة، آخرها حاليًا فنحن لم نحصل سوى على 500 دولارٍ أمريكي منذ أربعة أشهر”.
بدأ العمل في الدار قبل أكثر من عامين بمساعدة الدكتور عبد العزيز عطورة، من مدينة حلب ويحمل دكتوراه في الشريعة الإسلامية، وفق نجار، ويشير إلى أنه كان يجمع الدعم من تجار المدينة ويرعى مشاريع عدة من ضمنها الدار، “إلا أن أخباره انقطعت عنا منذ أكثر من ثمانية أشهر”.
مهمة كادر الدار تقديم الدواء والطعام لكل مسنٍ في وقته، إضافة إلى الاهتمام بنظافتهم، وفق مديرها، الذي يؤكد “لم أعد أستطيع استقبال مسنين في الدار لأن المكان ضيق ونحن بحاجة إلى توسعته”.
ينظر نجار (52 عامًا) بعين معرفته بخصوص ما يجري في المنطقة، باعتباره نائب مدير مخيم “باب السلامة”، ويشير إلى أنه وصل إلى مرحلة يفكر بالتخلي عن الدار، “بعد أن صار العبء كبيرًا علي وعلى الكادر”، لافتًا إلى وجود عشرات النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 80 و90 عامًا دون معيل في المخيم، “ولهذا فإن التوسعة ضرورية ليكون هناك كادر يشرف عليهن وعلى من هم في مثل حالتهم”.
لا تملك إدارة المخيم مردودًا ماديًا للقيام بالمشروع، كما يرى نجار، فمنظمة هيئة الإغاثة الإنسانية التركية “IHH”، تدعم الإدارة فقط لخدمة الأهالي، ويعتبر مدير الدار أن المشروع “إنساني بحت وخاصة أن المنظمات أو الجمعيات وحتى قادة الفصائل العسكرية، لا يكترثون بهذه الفئة”.
الأهالي يدعمون إنشاء دور للمسنين
عنب بلدي استطلعت آراء الأهالي في ريف حلب الشمالي، ودعا عددٌ منهم إلى إنشاء دور لرعاية المسنين، في ظل غيابها عن المنطقة، ويقول أسامة نعسان إن المعارك جعلت الكثير من الأشخاص بلا معيل ومنهم كبار السن، معتبرًا أنهم بأمس الحاجة للرعاية النفسية والجسدية، “فإنشاء الدور ضرورة ملحة، وعلى كافة المنظمات الإغاثية المسارعة لدعم الأمر”.
ويرى عبد القادر محمد أن فئة كبار السن مهملة ومنسية، واصفًا العمل ضمن “دار السلامة” بأنه “متواضع فهي صغيرة ولا تحوي على مقومات كافية للعيش بشكل جيد”.
بينما يعتبر محمد الأحمد، أن دور المسنين “لا تقل أهمية عن دور رعاية الأيتام”، لافتًا إلى “ضرورة إنشاء دورٍ يقوم عليها كادر متخصص ورحيم”.
لم ترصد عنب بلدي أي مشروع مشابه في المنطقة على اتساع رقعتها، ويؤكد الدكتور محمد لقحيني، مدير مشفى “الأهلي” في اعزاز، غياب دور كبار السن، “يوجد فقط مشفىً للأمراض العقلية بداخله حوالي مئتي نزيل، كما أن المنطقة بكاملها خالية من دور العجزة”.
يختم مدير “دار السلامة” حديثه بقصة عايشها “جاءنا أحد المسنين العام الماضي، بعد أن كان داخل سجن، ليس لمعاقبته ولكن لأنهم لم يجدوا مكانًا يمكن أن يسكن فيه ويحصل على الرعاية، وهذه قصة من مئات أخرى نعيشها هنا”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :