الحصار والقصف يصلحان الشرخ الاجتماعي في دير الزور
برهان عثمان – أورفة
الحصار ونفاد المواد الأساسية والقصف المستمر، نقاط عدة تجمع بين أهالي الأحياء الخاضعة لسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية”، وبين الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام السوري كالجورة والقصور وهرابش.
فأكثر من 100 ألف مدني في مناطق النظام يعانون من نفاد المواد الغذائية والأساسية، بسبب الحصار الشديد الذي يفرضه تنظيم “الدولة”، يتخلله قصف شبه يومي بالمدافع والهاون والقذائف الصاروخية والشحنات المتفجرة المحمولة جوًا، الأمر الذي دفع الأهالي في مناطق التنظيم إلى التضامن، ولو ضمنيًا، خوفًا من رد فعل التنظيم، مع أبناء مدينتهم.
تعاطف ونبرة مختلفة جديدة في مناطق التنظيم
في الآونة الأخير ظهرت نبرة جديدة لم يكن يسمع بها سابقًا في مناطق التنظيم، حول أحوال المدنيين في مناطق النظام، ما يظهر تعاطفًا بين الأهالي في شطري المدينة بعد انقسام حاد أصاب المجتمع في دير الزور منذ سنوات، تحول فيه إلى مجتمعات متباينة في الرأي بحسب القوة المسيطرة على كل منها.
الشاب خليل، من دير الزور، أكد أن أغلب سكان المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم، كانوا سابقًا يتجنبون الحديث عن معاناة المدنيين في مناطق النظام، ويعتبرونه من المحرمات، وربما يتهم من يطرحه بشتى التهم من العمالة وغيرها، لكن الحصار الخانق والقصف الذي تتعرض له مناطق النظام، غيرت مواقفهم وأبدوا تعاطفهم مع الأهالي هناك.
وأشار خليل، في حديث إلى عنب بلدي، أن الصوت الخافت بدأ يعلو في مناطق التنظيم، نتيجة السياسة التي يتبعها مع مدنيي الأحياء المحاصرة الذين لا يريدون شيئًا سوى العيش بأمن وسلام.
كلام خليل أكده بعض الأهالي الذين تواصلت معهم عنب بلدي في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم، لكنهم لم يفصحوا عن أسمائهم لأسباب أمنية، مشيرين إلى أن الحديث عن مظلومية المدنيين في مناطق النظام وصل إلى مناطق سيطرة التنظيم، رافضين ما قام به عناصر التنظيم من إدخال آليات ثقيلة إلى الأحياء الواقعة تحت سيطرته لقصف الأحياء المحاصرة.
بتول، التي تقطن في مناطق التنظيم، أرجعت تعاطفها مع الأهالي المحاصرين إلى معرفة مرارة القصف، قائلةً “تعرضنا للقصف ونعرف مرارة ذلك، كما نعرف صعوبة فقد الشخص لآخر من عائلته أو قريب له ولا نتمنى أن يذوقه غيرنا “.
أسباب التعاطف
أسباب كثيرة ساهمت في زيادة تعاطف الأهالي في مناطق التنظيم مع أهالي الأحياء المحاصرة، منها الصور الصادمة التي تخرج من مناطق الجورة والقصور وهرابش، بحسب سعيد، المقاتل السابق في صفوف “الجيش الحر”، وهو من أبناء دير الزور، متسائلًا “متى كان أبناء مدينة دير الزور ينامون في الشوارع، مشردين أو باحثين عن كسرة خبز أو جالسين في مقاعد المدرسة في ثياب ممزقة، وبلا أحذية يسيرون بأقدام حافية على شوارع غطاها الصقيع باحثين عما يسد رمقهم”.
سعيد أكد أن هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى الإشفاق على الأهالي في مناطق النظام، أبرزها غلاء الأسعار وشح المياه وقلة الغذاء وانعدام الطبابة اللازمة، وقدوم فصل الشتاء الذي يحتاج إلى مواد خاصة به، إضافة إلى قصف التنظيم المستمر، فضلًا عن حملات الدهم والتفتيش والاعتقالات المستمرة من قبل قوات النظام.
وختم سعيد حديثه بأن قصص الألم تسرد في دير الزور دون توقف ويتداولها الأهالي بشيء من الاعتياد “لم يبق لنا سوى الصبر، الله يهونها”، على حد تعبيره.
وبين تشدد تنظيم الدولة ومعاناة الأهالي من قبل النظام، ينتظر أهالي دير الزور يومًا يجمع شتات أهالي المدينة من جديد، عقب تصدع “للمجتمع الديري” منذ عدة سنوات.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :