إدلب – زين كنعان
أمسى أهالي محافظة إدلب على أنغام حفل زفاف الشاب خالد تقالة، من مدينة داريا، والذي دخل قفص الحياة الزوجية، الجمعة 9 كانون الأول الجاري، بعد أن أقنع خطيبته بالخروج مع أهله في بلدة خان الشيح “باعتبارها فرصة لن تتكرر”، على حد وصفه.
زفّ أهالي مدينة داريا المهجرون عشرات الشباب منذ وصولهم إلى الشمال السوري آب الماضي، في محاولة للبحث عن الاستقرار والاندماج في مجتمعهم الجديد، وتدارك ما فاتهم خلال أربع سنوات من الحصار، وسط صعوبات مختلفة تقف عائقًا في طريقهم.
زواجٌ وصعوبات
“مصائب قوم عند قوم فوائد”، يقول تقالة (26 عامًا) لعنب بلدي، الذي يرى أن الفائدة الوحيدة من التهجير، هي جمع مقاتلي المدينة بأهلهم بعد سنوات من الفراق، قضوها داخل مدينتهم المحاصرة، موضحًا “أقنعت خطيبتي بالخروج مع أهلي رغم أنها كانت على وشك التخرج من الجامعة في دمشق، وأصبحت اليوم معيلًا لثلاث عائلات والدي وزوجتي وعائلة أخي”.
يحاول الشاب التأقلم مع وضعه الجديد، ويؤكد أنه عانى كثيرًا في تأمين مسلتزماته “حصلت على بعض المساعدات العينية التي لا تكفي”، معبرًا عن استيائه “من طريقة عمل المنظمات الإغاثية، التي تضع جل اهتمامها على بعض القرى فقط، بينما يحرم نازحون آخرون من المساعدات، باعتبارها توزع حسب أماكن الوجود وليس وفق الحاجة”.
يحكي الشاب محمد حجازي (24 عامًا) قصته لعنب بلدي، موضحًا أنه لم يستطع رؤية خطيبته التي كانت تعيش في جديدة عرطوز، وتبعد كيلومتراتٍ قليلة عن داريا، طيلة أربع سنوات، حتى وصل إلى الشمال السوري وتزوج فور وصول خطيبته إلى ريف إدلب، مع مهجري معضمية الشام، في 19 تشرين الثاني الماضي.
“لم أضع في حساباتي أبدًا بأن اللقاء سيكون بهذه الطريقة”، يقول حجازي، لكنه يستدرك “لم تكتمل فرحتي فقد اضطررت للسكن في إحدى قرى ريف إدلب، التي تتعرض للقصف المكثف يوميًا، ما اضطرني إلى البحث عن مكان آخر للسكن”.
ويشير الشاب إلى أنه طلب مراتٍ عدة من إدارة مخيم “عطاء”، الذي يضم أهالي داريا، غرفة يستقر فيها حين تزوج ريثما يستقر وضع عمله، “إلا أنهم رفضوا رغم أني طلبت غرفة عائلة هاجرت إلى تركيا”، إلى أن وجد شقة في مدينة إدلب.
السجل المدني يوثق حالات الزواج
توافق أهالي داريا في الشمال السوري، على اللجنة المنتخبة، وباشرت عملها مطلع تشرين الثاني الماضي، تزامنًا مع إيقاف مهام “لجنة الطوارئ”، التي شكلها المجلس قبل خروج الأهالي من داريا، لترتيب إجراءات استقبالهم في الشمال السوري. |
تواصلت عنب بلدي مع سعيد قاسم، مسؤول السجل المدني لأهالي داريا في الشمال السوري، وقال إن السجل وثق ما يقارب 40 حالة زفاف، و34 خطبة لشباب المدينة، منذ وصول العوائل إلى الشمال السوري وحتى اليوم، ثلاثة منهم تزوجوا من محافظة إدلب.
ويرى قاسم أن العدد يدل على محاولة شباب المدينة، الاندماج والاستقرار والتأقلم مع الوضع الجديد الذي يعيشونه، “لبدء حياة أسرية حرموا منها لسنين، وسط صعوبات كبيرة تواجههم، ويحاولون التغلب عليها من خلال الاعتماد على بعض المعونات الإغاثية والمساعدات من المنظمات”.
يقول عضو لجنة تسيير أمور الأهالي في الشمال السوري، زياد جمال الدين، إن اللجنة تحاول دائمًا تخصيص وجبات ومعونات طوارئ، “لمساعدة الشباب المقبلين على الزواج، وتقديم ما نستطيع تقديمه”، مشيرًا في حديثه إلى عنب بلدي “يقدم الفصيل المسؤول عن الشاب أيضًا معونات مادية، ويساعدونه في الحصول على سكن”.
ويلفت جمال الدين إلى أن أهالي داريا، المقيمين في بلدة جرجناز، “تمكنوا من الاندماج مع أهالي القرية وكسب محبتهم، فلدى الأهالي القدرة على كسب الصداقات وحب المساعدة الذي زاد من ثقة سكان البلدة”، وهذا ما ظهر من خلال عقد قران ثلاثة شباب من داريا على فتيات من البلدة.
يعيش شباب داريا الفرحة بشكل يومي، إلا أنها تبقى منقوصة مع بعدهم عن مدينتهم، كما يقولون، ورغم أن الحملة على المدينة لم تمنع الشباب من الزواج، إلا أن العشرات من الخاطبين أجلوا زفافهم، معتقدين أن الانتظار لن يطول، حتى تم الأمر ولكن بعيدًا عن مدينتهم.