اتفاقات تحت الطاولة.. وعين النظام تتجه شرقًا
براء الطه
الغرب السوري أو ما يُعرف بسوريا المفيدة شارف تقريبًا على الانتهاء، فما جرى مؤخرًا في حلب فرضته طاولة التفاوض قبل أن تفرضه البنادق على الأرض، وذلك لا ينفي حجم القوة التي استخدمتها مختلف الأطراف لفرض الرؤية التي تشاء.
كان يجب الانتباه إلى الزيارة التي قام بها وزير الخارجية التركي، إلى إيران قبل “تسليم” القسم الشمالي من الأحياء الشرقية، وكذلك تصريحات وزير الخارجية القطري التي قللت من أهمية سيطرة الجيش على حلب وأن للمعارضة المسلحة القدرة على إعادة السيطرة فيما بعد، فكل هذا جرى قبل عملية التسليم. وكأن الأمر قدر صدر بانتهاء اللعبة في هذا الجزء من الجغرافيا السورية.
هنا يجب أن نطرح سؤالًا يتبادر إلى ذهن أي متابع للشأن السوري، ماذا بقي للمعارضة وهل من جوائز ترضية؟
من المسلمات أن الملف السوري تقلص بين كل من روسيا وأمريكا، اللتين تحتم عليهما مقتضيات المصلحة إرضاء الدول الإقليمية التي في صف كل منهما. الروس حققوا أهم الأولويات على حساب المعارضة المدعومة إقليميًا، لكن بقي أن يقدم الراعي الأمريكي جوائز ترضية للدول الإقليمية الحليفة، وفي الجغرافيا السورية لن تُقدّم هذه الجوائز إلا في الشرق، وخاصة في محافظة دير الزُّور، ذات المخزون النفطي السوري الأول، ليكون لها أوراق تفرض فيها رؤيتها مستقبلًا، فكيف سيتم ذلك، وماهو السيناريو الواضح للشرق؟
في التاسع من الشهر الحالي تم الإعلان عما سمي بحشد الجزيرة والفرات وهي قوات من أبناء المنطقة تكون رديفة للجيش في حربه ضد تنظيم الدولة في دير الزور، وستكون قاعدة انطلاقها هي تدمر تحضيرًا لبدء العمليات باتجاه السخنة كمرحلة أولى، في هذه المرحلة وما سيتبعها من مراحل ستكون مهمة الحشد هي خط إسناد خلفي بينما تُترك مهمة الاقتحام والسيطرة على قوات النخبة من الجيش وقوات صقور الصحراء ذات التدريب الروسي التي كانت رأس حربة في عملية السيطرة على تدمر.
حصة الجيش من دير الزور لن تكون أقل من المدينة بالكامل، يسبق ذلك توسيع حامية المطار لتصل إلى قرية البوعمرو كأقل تقدير.
أما ريف دير الزور فسيكون للمعارضة المدعومة إقليميًا، كجائزة ترضية بأقسامه الشمالية والشرقية والغربية.
ويجب أن تتزامن تحركات الجيش وبدء اقتحام المدينة مع تحركات لقوات جيش “سوريا الجديد”، انطلاقًا من الجنوب وتحديدًا منطقة التنف باتجاه البوكمال، ليبدأ تساقط القرى والبلدات تباعًا باتجاه مدينة الميادين، إضافة إلى تحركات الفصائل مدعومة تركيًا لتتجه من مدينة تل أبيض باتجاه منطقة أبو خشب بعد تفاهم مع قوات “سوريا الديمقراطية” على تأمين خط إمداد لها، وهنا يكون الخيار مفتوحًا لوجهة المعارضة (شرقا أو غربًا)، لأن المنطقة ستكون جاهزة للتسليم، وهذا حقيقة ما يجب على التنظيم القيام به والانسحاب باتجاه الأراضي العراقية التي خبرها وعرف تضاريسها وتفاصيلها جيدًا، حتى من ناحية الحاضنة الشعبية التي يمتلكها. ولا ننسى أن أساس نشأة التنظيم عراقية صرفة، بغض النظر عن أن الشريان السوري كان هو شريان الحياة في معاركه العراقية ما بعد إعلان الخلافة.
هذه المنطقة هي ما يجب أن تُعوِّل عليه المعارضة وتضعه أساسًا لتكون شريكًا غير مستثنى من الحل في سوريا.
*التركيز مرتان على مصطلح “التسليم” لم يكن عبثيًا، لأنه واقع ملموس منظور. مقارنة بسيطة بين حلب وداريا كافية لإثبات ذلك.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :