أعراس الحصار والقصف.. عشرون زواجًا في دوما أسبوعيًا
عنب بلدي – الغوطة الشرقية
ما إن يهدأ هدير الصواريخ والقذائف التي تتساقط لساعات بشكل شبه يومي على مدن وبلدات الغوطة الشرقية، حتى تنطلق جموع السيارات مطلقة “زماميرها”، لتعلن بدء حياة جديدة لعريس من شباب الغوطة، رغم انتهاء حياة آخرين في اليوم ذاته، في مشهدٍ تكرر مرارًا خلال السنوات الخمس التي مضت من عمر الثورة.
لا يرى أغلب أهالي الغوطة الشرقية رابطًا بين القصف وضرورة تأخير الزواج بسببه، وتحاول عنب بلدي من خلال التقرير، عرض نماذج من آراء أهالي مدينة دوما، والوقوف على بعض حالات الزواج التي جرت مؤخرًا، واختلافها عما كانت عليه في وقت سابق.
يقول الشاب ناصر الرحال (35 عامًا)، من سكان دوما والذي تزوج قبل ثلاثة أشهر، إن الضغوط اليومية سواء كانت القصف أو غيره، لا يفترض أن تكون مرتبطة بقرار الزواج، مشيرًا في حديثه إلى عنب بلدي “ارتبطت وانفصلت لظروف خاصة قبل فترة وقررت الزواج حاليًا، وأنصح الشباب بالزواج في حال كانوا قادرين على ذلك”.
عشرون عرسًا أسبوعيًا في دوما وحدها
تضج شوارع مدينة دوما بالأفراح حوالي عشرين مرة أسبوعيًا، وفق الشيخ حسين محمد السطلة، الذي اعتاد عقد القران قبل الثورة ومازال، ويقول لعنب بلدي إن عدد الشباب العازبين كان أكثر قبل سنوات، إلا أن المتزوجين زادوا خلال الفترة الماضية، وسط تسهيلات في المهور.
يتراوح مقدمُ ومؤخرُ الزواج في دوما، بين 100 إلى 150 ألف ليرة سورية، ويشير السطلة إلى أن المبلغ تراوح قبل الثورة بين 50 و 75 ألفًا “حسب الاتفاق”.
وبينما كان الفرد يتزوج بين 25 و27 عامًا، انخفضت أعمار المتزوجين من الشباب، ويؤكد الشيخ أنه عقد مؤخرًا قران شاب بعمر 17 عامًا، على فتاة بعمر 14 عامًا.
تعدد الزوجات ظاهرة تنتشر في دوما
“أزوج أسبوعيًا بين ثمانية وعشرة أشخاص وهناك غيري يعقدون قران آخرين”، يوضح حسين محمد السطلة، مقدرًا عدد من يتزوجون في دوما أسبوعيًا بحوالي عشرين شخصًا، ويشير إلى أن حالات تعدد الزوجات زادت بشكل كبير عما كانت عليه سابقًا، عازيًا السبب إلى “زيادة عدد زوجات الشهداء والأرامل في الغوطة، ودوما على وجه الخصوص”.
ووثق السطلة أكثر من حالة لأشخاص تزوجوا من اثنتين أو ثلاث نساء، لافتًا إلى حالات وخلافات موجودة بين الأزواج، “هناك حالات طلاق وخلافات نواجهها كل فترة، ولكننا نرسلهم إلى المحكمة الشرعية ودائرة السجل المدني، ووندخل أحيانًا في الصلح”.
محمد الصالحاني (45 عامًا) متزوج قبل الثورة، وتزوج الأسبوع الماضي من أخرى، يعتبر في حديثٍ إلى عنب بلدي، أن الحياة ستستمر “فنحن لا نعرف إلى متى سيستمر الوضع”، مشيرًا “الزواج مكلف ولكن الشروط فيما سبق كانت كثيرة، أما اليوم فهناك تسهيلات كثيرة”.
ويروي السطلة إحدى القصص التي مرت معه، عندما سجّل أحد الأشخاص لديه موعدًا بعد خمسة أيام ليعقد قرانه، إلا أن أخاه قتل في القصف في اليوم التالي، ورغم ذلك يكمل الشيخ “بعد خمسة أيام، من ضمنها أيام العزاء، أتممنا عقد الزواج”.
السجل المدني في دوما يوثق حالات الزواج
لمعرفة أعداد المتزوجين، توجهت عنب بلدي إلى دائرة السجل المدني في مدينة دوما، والتي توثق عقود الزواج وتسجلها، ووصل العدد إلى 1494، منذ بداية العالم الجاري حتى السبت 3 كانون الأول.
وتدرجت أعداد عقود الزواج خلال السنوات الثلاث الماضية، ووصلت في عام 2013 إلى 1070 عقدًا، لتزداد خلال عام 2014 إلى 1310، وتصل في العام الذي يليه إلى 1448 عقدًا، وفق دائرة السجل المدني.
تقول “الكوافيرة” منال سالم من مدينة دوما، إن الزواج لا يتوقف في أصعب الظروف، وتؤكد لعنب بلدي أن عملها نشط بعد الثورة أكثر مما كان عليه قبلها، رغم صعوبة الظروف وسوء الأوضاع المادية لمعظم الأهالي.
تقول سالم ”اليوم ورغم القصف أستقبل عروسًا أو اثنتين في اليوم الواحد، وينشط العمل في فصلي الربيع والصيف”.
ويرى أهالي الغوطة الشرقية أن الحياة ستستمر أيًا كان الوضع، وترى سالم أنه يمكن للناس أن يستغربوا حياتنا، “فهم يعتقدون أن مشاعرنا اختفت في ظل ما نعيشه، ولكن الأمر معاكس تمامًا، فنحن نتناسى الألم ونسرق الفرحة من تحت أنقاض منازلنا المتهدمة يوميًا”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :