مراد عبد الجليل – عنب بلدي
بأسعار منخفضة تصل إلى 40% عن أسعار الفروج السوري، غزا الفروج المجمّد الداخل إلى مناطق النظام عبر تركيا، الموائد السورية خلال الأشهر الماضية رغم تحذيرات مسؤولي وزارة الاقتصاد، وجمعية حماية المستهلك.
الفروج بأنواعه المختلفة (كامل، صدر، فخاذ، دبوس) أصبح حديث الإعلام الموالي للنظام ومسؤوليه خلال الأشهر الأربعة الماضية، بعد انتشاره بكثافة في الأسواق السورية، مطلقين تحذيرات بعدم صحيته وتسببه لأمراض كثيرة، إضافة إلى تساؤلات كثيرة حول طريقة إدخاله من تركيا، ومن هم المسؤولون عن إدخاله، لكنها بقيت مفتوحة دون أجوبة.
وإلى جانب مناطق النظام السوري انتشر الفروج في إدلب وأريافها الخاضعة للمعارضة، ليغدو المصدر الأساسي لمائدة السوريين، وسط تراجع في انتشار المداجن لأسباب أمنية واقتصادية، بحسب ما رصدت عنب بلدي.
شكاوى وتحذيرات
صحيفة “تشرين” الحكومية، التابعة للنظام السوري، نقلت في آب الماضي، شكاوى عدد من المواطنين الذين يشترون الفروج المجمّد (المعروف بالتركي) بأسعار مرتفعة دون معرفة مصدره إن كان مستوردًا بطرق نظامية أو تهريبًا، إضافة إلى صلاحيته للاستهلاك.
كما أطلق رئيس فرع نقابة الأطباء البيطريين في حماة، ظافر الكوكو، الشهر الماضي، تحذيرات من وجود أنواع من الفروج المجمّد الذي يدخل إلى حماة عن طريق تركيا، يسبب عدوى للأمراض كالإسهالات والحمى التيفية وغيرها، “فهو غير مضمون النتائج صحيًا”.
وأكد الكوكو أن الهدف من “إدخال الفروج هو التأثير على الاقتصاد الوطني والمضاربة على الثروة الحيوانية السورية من دول الجوار وخاصة تركيا”.
رواج الفروج المجمّد بين المواطنين يعود إلى سعره المنخفض البالغ 625 ليرة سورية، في حين تتفاوت أسعار الفروج المقطع (دبوس وفخاذ) بين العرض والطلب، بينما يبلغ سعر كيلو الفروج السوري المذبوح 1035 ليرة سورية، حسبما حددت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السعر، بحسب نشرتها الصادرة في 1 كانون الأول، ما يجعل الفروج المهرب أقل سعرًا وطلبًا لدى المواطنين.
أما عن طريقة الدخول، فقد أكد أمين سر جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها، محمد بسام درويش، في تموز الماضي لصحيفة “الوطن”، أن الفروج المهرب يدخل عبر سيارات من تركيا إلى المناطق المعارضة في إدلب وريفها ثم “يدخل إلى مذابح في حماة ويتم وضعه في الماء حتى يفك التجميد عنه، ويعاد تغليفه على أساس أنه فروج مذبوح محليًا وتسويقه في أسواق حماة، وباقي المحافظات، وخاصة مدينة دمشق الأكثر طلبًا على الفروج”.
من المسؤول عن تهريب الفروج؟
حكومة النظام السوري بالرغم من معرفتها طريق التهريب، إلا أنها لم تكشف عن أسماء المسؤولين القائمين على الطريق في حماة وريفها.
مراسل عنب بلدي في إدلب أكد أن قرية “أبو دالي” في ريف حماة الشمالي الشرقي، الخاضعة لسيطرة عشائر موالية للنظام السوري برئاسة الشيخ أحمد درويش، عضو مجلس الشعب، هي بوابة دخول الفروج المجمّد القادم من تركيا.
وأكد أن هناك تجارًا في شمال سوريا يستوردون الفروج المجمّد من تركيا ويدخلونه إلى مستودعات في مدينة حماة، بعد تعاقدهم مع جماعة الشيخ درويش، ودفع مبالغ مالية له مقابل مرور الشاحنات على الحواجز الأمنية.
وتكون حماية الشاحنات للوصول إلى وجهتها دون مضايقات، بحسب المبالغ المالية التي تدفع إلى جماعة الشيخ، فإذا كانت المبالغ كبيرة يرسل الشيخ سيارات مرافقة للشاحنات من أجل منع الحواجز من تفتيشها.
ويعد طريق “حماة- أبو دالي- المناطق المحررة”، شريان حياة للتجار والمهربين على حد سواء، ويعمل بموجب تنسيق واتفاقات متبادلة بين مختلف الأطراف لتسهيل الحركة، إذ لا يوجد حواجز للتفتيش، ولا مظاهر عسكرية تشي بأن هناك نقاط رصد أو مراقبة للجبهات التي لا تبعد كثيرًا عن الطريق. ويستخدم الطريق لعدد من الأغراض، أهمها التبادل التجاري بين مناطق النظام والمناطق “المحررة”.
وكان قائد كتيبة الأبرار التابعة لتجمع أجناد الشام في المنطقة، محمد شكري، أوضح في تقرير سابق لعنب بلدي أن، الشيخ أحمد درويش، لم يتعرض له النظام أبدًا رغم معرفته بكل ما يقوم به هو وجماعته،”لأنه يستفيد من جميع المواد التي تأتي عن طريق القرية”.
معبر باب الهوى يرفض التصريح
الفروج المجمّد يدخل إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في إدلب وريفها عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وحاولت عنب بلدي التواصل مع مسؤولي المعبر ومكتبه الإعلامي عبر الهاتف والإيميل، للاستفسار حول الكميات التي تدخل وآلية فحصها وهل هي صالحة للاستخدام، إلا أن الردّ جاء بطلب القدوم إلى إدارة المعبر شمال إدلب.
أحد أعضاء المكتب الإعلامي السابقين في المعبر، ثائر حاج حمدان، قال لعنب بلدي إن الفروج المجمّد يفحص من قبل أطباء بيطريين مختصين وفق معايير دولية بالتعاون مع مديرية الصحة في إدلب.
وتواصلت عنب بلدي مع الدكتور البيطري، جمعة عمر، الذي كان من المشرفين على فحص الفروج قبل إدخاله مع عدد من الأطباء البيطرين الذين أنشأوا مخبرًا لفحص الفروج، إلا أنه رفض التصريح عن آلية العمل بسبب تركه العمل في المعبر قبل شهر ونصف، بحسب قوله.
ورغم إيقاف التبادل التجاري رسميًا بين البلدين، إلا أن تركيا أصبحت مصدر الكثير من المواد الأساسية والغذائية التي تصل إلى سوريا، على اختلاف الجهات التي تسيطر على الأرض.
وقد استحوذت على الحصة الأكبر من واردات سوريا المتضمنة مختلف المواد، بقيمة 1.5 مليار دولار بعدما كانت 1.8 مليار دولار في 2010، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة النظام، التي نشرتها في 28 تشرين الثاني الماضي.