د. أكرم خولاني
يشكو بعض الناس من آلام في قاعدة إبهام إحدى اليدين أو كلتيهما ناجم عن التهاب غمد وتر هذا الإبهام، وهو ما كان يعرف بـ “متلازمة دي كورفان” نسبة للجراح السويسري فريتز دي كورفان الذي عرف الحالة في عام 1895، كما يعرف أيضًا بـ “إبهام الأم” بسبب كثرة مشاهدته عند الأمهات اللاتي لديهن العديد من الأولاد.
لكن هذا المرض ازداد انتشارًا لدى مستخدمي أجهزة الهواتف الجوالة التي لها لوحات مفاتيح فيها أزرار صغيرة لا تحتاج إلا للإبهام لاستخدامها، ولأن جهاز “بلاك بيري” هو أشيع هذه الأجهزة وأشهرها فقد سمي المرض “إبهام بلاك بيري BlackBerry thumb”، ومع انتشار أجهزة الاتصال الحديثة التي تتوفر فيها تقنية الدردشة، والانتشار الواسع لبرامج التواصل الاجتماعي والمحادثة وعلى رأسها برنامج “واتساب”، ازدادت مشاهدة مرض إبهام بلاك بيري بشكل ملحوظ.
ما هو مرض “إبهام بلاك بيري”
هو التهاب يصيب أوتار عضلات إبهام اليد نتيجة تعرضها للإرهاق بشكل عال ومتكرر ومستمر، وهو يندرج تحت ما يسمى بـ إصابات الإجهاد المتكررة، فالتكرار المستمر لحركة سريعة تستخدم مجموعة معينة من العضلات، والضغط على السطوح الصلبة، كل ذلك يؤدي لتأثر الجسم، وعادة ما يتأثر الجهازان: الجهاز الحركي (العضلي العظمي) ويشمل العظام والمفاصل والعضلات والأوتار والأربطة، والجهاز العصبي الطرفي (الأعصاب المحيطية).
ما هي الأعراض التي يعاني منها المصاب؟
- في البداية يحدث ألم، تصلب، تنميل في الإبهام.
- ثم تورم حول المعصم أو في اليد.
- وتصاب اليد بالحماقة، بمعنى أنها قادرة على الحركة مع فقدان للمهارة، ويظهر ذلك كضعف في القبضة وعدم القدرة على حمل الأشياء الصغيرة كالخرز.
- ثم يحدث التهاب غمد الوتر في قاعدة الإبهام، فالغمد يفرز سوائل مرطبة تحمي الوتر من الاحتكاك، لكن مع كثرة استخدام الوتر وحركته تنتهي هذه السوائل، ولا يتم تصنيعها بالجودة والسرعة اللازمتين للحركة المتكررة، فإذا توقفت الحركة المتكررة فسيستعيد الغمد قدرته على إنتاج السائل، لكن مع استمرارها يحدث الاحتكاك ويصل الأمر إلى عجز دائم.
ويمكن أن يحدث أيضًا:
- الإبهام القافز أو الزنادي، وهو ببساطة أن يتوقف الإبهام فجأة في مكانه محنيًا، وعند محاولة بسطه باليد الأخرى فإنه يتحرك مع إعطاء طقة يمكن سماعها والشعور بها.
- متلازمة النفق الرسغي، وفيها يحدث تنميل في الإبهام وأصابع اليد (ماعدا الإصبع الصغير) وضعف في العضلات.
- التهاب المفاصل.
- تلف الأعصاب (نادرًا ما يحدث)، مثل تدني مستوى الإشارات العصبية المغذية للمنطقة، الأمر الذي يضعف حاسة اللمس وقوة عضلات اليد، ومع مرور الوقت يشكو المصاب من عدم إمكانية التفرقة بين الملمس الناعم والملمس الخشن، أو بين البارد والساخن.
- عدم الراحة في النوم وتقطعه بسبب الآلام.
- الحالة النفسية السيئة، خاصة بسبب عدم القدرة على متابعة الدردشة أو استخدام الجهاز.
ما الذي يزيد احتمالية تعرض الشخص للإصابة؟
- التقدم في العمر، لما يصاحبه من تغيرات تنكسية في المفاصل.
- معدل تكرار الحركات، وطول المدة.
- استخدام أجهزة كبيرة الحجم لا تناسب حجم يد المستخدم، لذلك يكثر هذا المرض لدى النساء.
- حمل الجهاز بطريقة خاطئة، كأن يكون المعصم منحنيًا للأمام أو للخلف.
- الحالة النفسية.
ما الحل؟
يجب عدم إهمال علاج إبهام “بلاك بيري”، لأن هذه الحالة يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، لذلك من الضروري اتباع الإرشادات الآتية:
- الاعتدال في الكتابة على الهاتف الجوال.
- تجريب استخدام أصابع أخرى غير الإبهام، أو استخدام قلم خاص لشاشات اللمس.
- التوقف من فترة لأخرى (كل 5 دقائق) وإراحة الإبهام، وعدم الكتابة لفترات طويلة دون انقطاع.
- حمل الجهاز بالقرب من الجسد وعدم مد الذراع بعيدًا أثناء الكتابة، وكذلك مسك الجهاز بالوضع الطبيعي للمعصم.
- استخدام جهاز بحجم مناسب لحجم يد المستخدم، مما يقلل من التمدد الذي يحتاجه المعصم أثناء الكتابة.
- استخدام خاصتي التنبؤ والتدقيق الإملائي، وهي خاصيات موجودة في الجهاز تتنبأ بالكلمة التي تريد أن تكتبها وتكملها لك وتصحح الأخطاء اللغوية، فتقلل من عدد الحروف التي ستضطر لكتابتها.
- عند الحاجة لكتابة نصوص طويلة فيمكن استخدام لوحة مفاتيح أخرى كبيرة يتم وصلها بالجهاز، أو يمكن كتابة هذه الرسائل على جهاز الكمبيوتر ومن ثم نسخها إلى الهاتف الجوال.
- استشارة الطبيب في حال استمرار الألم في الإبهام.