جريدة عنب بلدي – العدد 14 – الأحد – 6-5-2012
حين انطلقت الثورة السورية لم يكن كثيرون يتوقعون أن يمتد عمر النظام حتى يقيم انتخابات بلدية ثم انتخابات تشريعية. وحين خرج بشار الأسد في خطابه الأول عقب أحداث درعا تحت قبة مجلس الشعب، الذي أصبح منذ ذلك الحين يعرف بجدارة باسم مجلس المصفقين، لم يتوقع كثيرون أن يرى السوريون مجلس شعب جديد في ظل النظام القائم. فقد كان الخطاب نفسه، الذي تأمل الكثيرون حينها أن ينزع فتيل الأزمة المتصاعدة ويقدم حلولًا حقيقية وسريعة، سببًا اضافيًا في اشتعال الثورة واقتناع قطاعات إضافية من الشعب السوري أن النظام عصي على الإصلاح أو التغير الذاتي.
لكن اليوم بعد أكثر من عام على انطلاق الثورة تطالعنا صور المرشحين ولافتاتهم في مسرحية جديدة يحاول النظام من خلالها أن يقنع مؤيديه وربما العالم بأن «سورية بخير» وأن مسيرة الإصلاح والديمقراطية ماضية في سوريا رغم المؤامرات!
أما عموم الشعب السوري فحقيقة المهزلة واضحة لديهم وإن اختلفت تفاعلاتهم معها. فمنهم من تجاهل الأمر برمته باعتباره لا يقدم ولا يؤخر، ومنهم من دعا إلى مقاطعة الانتخابات وفضح المرشحين وصولًا إلى تهديد بعضهم، ومنهم من اختار القيام بحركات رمزية كتمزيق صور المرشحين أو تشويهها، أو إلصاق صور شهداء الثورة السورية، الممثلين الحقيقيين للشعب السوري الثائر، بدلًا من صور المرشحين، أو الدعوة إلى الإضراب في يوم الانتخابات المزعومة في السابع من هذا الشهر.
ويمضي الشعب في ثورته غير عابئ بهذه المسرحية سيئة الإخراج، بل انه يتفوق على نفسه فيسجل في جمعة «إخلاصنا خلاصنا» 830 مظاهرة على الاقل في 627 نقطة تظاهر في مختلف أنحاء سورية، حسب المركز السوري المستقل لإحصاء الإحتجاجات، وهي الجمعة الأكبر من حيث التوزع الجغرافي (627 نقطة تظاهر) في دلالة أكيدة على رسوخ الثورة واستمرار زخمها رغم كل القمع والخذلان والتحديات.
ترى هل سيتعلم بشار الاسد في خطابه أمام مجلس المصفقين الجديد من أخطائه في خطابه الأول أم سيقدم لنا هدية جديدة تدفع بالثورة خطوة أخرى إلى هدفها المنشود!