عنب بلدي – العدد 80 – الأحد 1-9-2013
أسامة نعناع
في أواخر الستينيات من القرن المنصرم، بدأت يظهر على الساحة العربية زعماء عرب لبسوا لباس العفة وانتحلوا شخصية القائد الفذ والعروبي والشهم وحامل قضية فلسطين وقضية الدفاع عن الشعب المظلوم على عاتقيه.
برز هؤلاء «القادة» في فترة كان الشعب العربي فيها متعطشًا لرد الاعتبار العربي على الإهانات المتكررة من المحتل الإسرائيلي، فتأله هؤلاء ابتداءً بتأليههم أنفسهم ومن ثم من حاشيتهم وصولًا إلى الشعب المكلوم.
في طبيعة الدكتاتور الداخلية حب الذات ونكران الآخر، وعادة ما يكون هذا الدكتاتور صاحب نرجسية سادية ويحب من يشعره بعظمته وقوته وبطولاته وحتى ذكورته.
فانبرى حينها اصحاب الأقلام المسيّسة وكتبوا أقوى الشعارات والخطابات مدحًا في هذا الزعيم أو ذاك، ففي مصر مثلًا قال أحدهم: «على البطون العربية أن تصوم عن الإنجاب دهورًا لتنجب مثل عبد الناصر»، وفي سوريا وصل أحدهم للكفر حين قال: «يا الله حلك حلك يقعد حافظ محلك»، استغفر الله. وفي ليبيا قال آخر: «يا معمر دونك ثلاث ملايين، حالفين ما يدنس ترابها خاين» أي يا معمر يفدونك ثلاثة ملايين وهو عدد الشعب الليبي آنذاك. وفي مصر، في عهد مبارك، قال آخر: «هو الريس بموت؟»
ثم أتى الشعار الأقوى على الاطلاق وعمم في جميع أرجاء تلك الجملوكيات العربية «بالروح بالدم نفديك يا زعيم»، وما أن حقت الحقيقة حتى تشبث كل من نادى بهذا الشعار بروحه ودمه، فلا فدا الزعيم بروحه ولا بدمه، وذهب الزعيم وبقي الشعب.