نشرت صحيفة “الحياة” اللندنية اليوم، الأحد 27 تشرين الثاني، وثيقة رسمية أوروبية، أعدتها مسؤولة الشؤون الخارجية الأوروبية، فيدريكا موغيريني، من أربعة عناصر للوصول إلى “سوريا المستقبل”، بينها إقامة نظام سياسي يخضع للمساءلة ويقوم على اللامركزية.
المسؤولة ربطت المساهمة في إعادة الإعمار بـ “بدء تنفيذ الانتقال السياسي”، متسائلةً “هل يمكن لضمانات أو حصص مناسبة للمساعدة في ضمان تمثيل النساء والأقليات في المجتمع السوري، مثل الأكراد والعلويين والمسيحيين”.
الحفاظ على سوريا بـ”قيادة مدنية” يختارها الشعب
انطلقت الوثيقة من طرح خمسة أسئلة تتعلق بكيفية الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها، وضمان الحفاظ على المؤسسات الحكومية بما فيها القوات العسكرية والأمنية مع إصلاحها بشكل كامل، بحيث تعمل تحت قيادة مدنية يختارها الشعب السوري وتكون مسؤولة أمامه”.
وأشارت الوثيقة إلى ضرورة ضمان شعور جميع المجموعات بالحماية، وتنسيق جهود إعادة الإعمار بمجرد بدء انتقال سياسي شامل ومصداقية، وكيفية ضمان أن لا تصبح سوريا “ملاذًا خصبًا للإرهاب”.
قيادة سورية تتولى الانتقال والمفاوضات
وتضمنت الوثيقة الأهداف التي يجب العمل على تحقيقها، وهي أن يكون الانتقال والمفاوضات بقيادة سوريا في إطار قرار مجلس الأمن 2254، وصولًا إلى أن نتائج كـ “سوريا واحدة بلدًا موحّدًا، ويتمتع بسلامة الأراضي لكافة المواطنين السوريين”.
وعقب عملية الانتقال السياسي، يتم تشكيل حكومة شرعية وخاضعة للمساءلة، ونظام سياسي تعددي، مع احترام سيادة القانون والحقوق الفردية بناءً على المواطنة المتساوية وبلد متعدد ثقافيًا تشعر فيه كافة المجموعات العرقية والدينية أن هوياتها محمية، وأن لديها فرصًا متساوية في الوصول للحكم.
الوثيقة أشارت إلى وجود “دولة فعالة ذات مؤسسات عاملة، تركز على أمن وخدمة المواطن، وذات جيش وطني واحد، وشرطة وقوات أمنية خاضعة للمساءلة ونظام سياسي مستقر واقتصاد قوي، يوفر التعليم والصحة المناسبين لشعبه إضافة لكونه جذاب للاستثمار الأجنبي”.
المعارضة تفضل العودة لدستور 1950:
الوثيقة أن لفتت أن أغلب “المعارضة السورية تفضّل العودة لدستور عام 1950، الذي تم اعتماده في مرحلة الاستقلال، ويضم أحكامًا مرتبطة بحقوق الإنسان، ونظامًا حكوميًا برلمانيًا في مجمله، والذي يمكن أن يشجع أكبر عدد من اللاجئين على العودة.
وطرحت الوثيقة على الدول الإقليمية والأطراف السورية أسئلة، من بينها “كيف يمكن بناء نظام سياسي يخضع للمساءلة أكثر، ليتصرف كجهاز رقابة على السلطة التنفيذية”.
كما تساءلت الوثيقة “هل يمكن لنظام برلماني أكثري في سوريا أن يسمح لنسبة واسعة من السوريين بالمشاركة في النظام السياسي وفي اتخاذ القرار، وهل يمكن لضمانات أو حصص مناسبة للمساعدة في ضمان تمثيل النساء والأقليات في المجتمع السوري مثل الأكراد والعلويين والمسيحيين”.
وأضافت أنه “كيف يمكن تحقيق التوازن بين وجود سلطة كافية على قوات الأمن الوطنية والمساءلة الكافية أمامها، وهل بالإمكان تصميم نظام سياسي متعدّد الأحزاب من شأنه أن يتجنّب خطر تشجيع الطائفية العرقية، أو المناطقية، أو الدينية، وإمكانية تمثيل مختلف هذه الجماعات”.
حكومة لا مركزية في سوريا
وطرحت الوثيقة حلًا بأنه “لاستكمال النظام البرلماني، يمكن لشكل من أشكال اللامركزية الإدارية للمحافظات، والمجالس المحلية أن يضمن وحدة البلاد، والحفاظ على الخدمات المقدّمة حاليًا، بينما يتم تجنُّب خطر تقسيم سوريا”.
ويشمل هذا النوع من اللامركزية الإدارة وخدمات الشرطة، بحيث يسهل من إعادة دمج الميليشيات المحلية، والخدمات الصحية، ووجود منهج تعليمي وطني، ولكن ربما يتم توفير خيار التعليم باللغات المختلفة، مثل الكردية والآرامية.
إعادة الإعمار حافزًا قويًا للاتفاق:
تحدثت الوثيقة عن آفاق إعادة الإعمار، والتي تشكل حافزًا هامًا للتوصُّل لاتفاقية سلام، ولا بد من البدء بالتخطيط منذ الآن، للتمكن من التنفيذ السريع.
وهذا الإعمار يتطلب “إشراك الجماعات السورية، باعتبار أن إعادة الإعمار من الأسفل للأعلى ستكون أساسية للنجاح ولتفادي الفساد وعدم الكفاءة، وسيكون الاتحاد الأوروبي مستعدًا لتقديم مساهمته لكل من الاستقرار السريع في مرحلة ما بعد الصراع وإعادة إعمار على المدى الطويل في مرحلة ما بعد الصراع، لدعم عمل المؤسسات السورية”.
وتساءلت الوثيقة “هل يجب بدء العمل لإعادة الإعمار بمجرد تنفيذ الانتقال السياسي، وما هي المشاركة التي تخططون لها في مرحلة ما بعد الصراع لتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار، وما هو نوع الموارد التي بالإمكان حشدها، وفي أي قطاعات ستشاركون”.
والتقى رئيس “الائتلاف الوطني” السوري المعارض، أنس العبدة، موغريني في بروكسيل في 18 من الشهر الجاري، ويعتقد أنها سلمت وفد المعارضة السورية نسخة من هذه الورقة، التي نوقشت أيضًا خلال جولة المسؤولة الأوروبية في الشرق الأوسط.