عنب بلدي – خاص
دخلت معركة الباب مرحلة جديدة تبدو أكثر تعقيدًا من ذي قبل، عقب تحالف معلن بين حزب “الاتحاد الديمقراطي” (الكردي) بفصائله العسكرية، وقوات الأسد وحلفائه من ميليشيات أجنبية ومحلية، للوقوف سدًا منيعًا أمام فصائل “الجيش الحر” المدعومة تركيًا من دخول المدينة.
الكرد من الشرق، ويحالفهم الأسد من الغرب، و”الحر” المدعوم تركيًا من الشمال، في تسابق محموم لدخول عاصمة تنظيم “الدولة” في حلب، وسط حسابات معقدة، زادتها تعقيدًا غارات جوية لطائرات النظام، استهدفت مواقع أنقرة قرب الباب وقتلت جنودها، لتقول الصحافة التركية في الحادثة: إنها أوامر روسية.
تحالف “قسد” والأسد
تزامن إعلان “قوات سوريا الديمقراطية” سيطرتها على قرى بابنس، وتل شعير، وحليصة، والشيخ كيف، وجوبة، والنيربية، غرب مدينة الباب، الخميس 24 تشرين الثاني، مع إعلان مماثل لقوات الأسد، قالت فيه إنها سيطرت على ذات المناطق بالتعاون مع وحدات “الحماية الكردية العربية”.
مصدر إعلامي مطلع من مدينة عفرين، تحدث إلى عنب بلدي عن صفقة سرية بين “الاتحاد الديمقراطي” الكردي والنظام السوري، تقضي بالقتال معًا بهدف السيطرة على مدينة الباب، ومنع فصائل “درع الفرات” من الوصول لها، وأن هذا التعاون جاء ثمرة جهود روسية أقنعت الطرفين بضرورة التنسيق المشترك.
الجمعة 25 تشرين الثاني، نشر حساب “الإعلام الحربي” التابع لقوات الأسد، تسجيلًا مصورًا يظهر المناطق التي سيطر عليها الجانبان شمال شرق حلب، وغرب الباب، فيما تهافت إعلاميو النظام والمواقع الموالية له، ليباركوا التعاون “الكردي- العربي” في وجه “الأتراك”، بحسب وصفهم، مؤكدين أن هدفهم الرئيسي هو مدينة الباب.
ويذكّر التعاون الأخير بين مقاتلي “الاتحاد الديمقراطي” الكردي والنظام السوري، بتصريحات القيادي في الحزب ريزان حدو، حينما أعلن أواخر الشهر الفائت عن تأسيس “المقاومة الوطنية السورية”، موضحًا أن التشكيل الجديد يحضر عمليات عسكرية لمحاربة التدخل التركي في سوريا، وكاشفًا عن ارتباط مشروعه بالنظام في دمشق “نحن نرحب بالجيش السوري الشرعي ودعمه بالسلاح والأفراد”.
الأسد إذ يضرب الأتراك
في حادثة هي الأولى من نوعها، استهدفت مقاتلات تابعة لقوات الأسد جنودًا أتراكًا قرب مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، الخميس 24 تشرين الثاني، بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لإسقاط المقاتلة الروسية “سو 24” في ريف اللاذقية الشمالي.
اتهمت رئاسة الأركان التركية، طيران الأسد بشن الهجوم، ما تسبب بمقتل ثلاثة جنود وإصابة نحو عشرة آخرين، لتنفذ المقاتلات السورية غارات مماثلة في اليوم الذي يليه دون معرفة حجم الأضرار، في وقت تشارك فيه هذه القوات ضمن عملية عسكرية واسعة شمال وشمال شرق حلب، إلى جانب فصائل “الجيش الحر”، تهدف إلى طرد تنظيم “الدولة الإسلامية” من المنطقة.
قبل عام (24 تشرين الأول 2015) استهدفت مقاتلة تركية من طراز “F16” طائرة حربية روسية “سوخوي 24” في ريف اللاذقية الشمالي، ما أدى إلى مقتل طيار واحد وإنقاذ آخر، وتسببت الحادثة حينها بقطيعة دبلوماسية واقتصادية بين أنقرة وموسكو لعدة شهور، قبل أن يعاد تطبيع العلاقات منتصف العام الجاري، وتعتذر تركيا عن إسقاط المقاتلة الروسية.
ربطت صحيفة “يني شفق” التركية في تقرير لها اليوم بين الحادثتين، وقالت إن هناك علاقة واضحة بينهما، وحذرت من عواقب الحادثة ومخاطر اندلاع حرب إقليمية وجب عدم الانجرار لها، إلا أن رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، توعد بالرد على الهجوم “من الواضح أن بعض الناس غير راضين عن هذه المعركة التي تخوضها تركيا ضد داعش، بالتأكيد سيكون هناك انتقام من هذا الهجوم”.
ورغم تعقيدات المشهد الميداني في الباب، ماتزال حظوظ “الجيش الحر” في دخولها هي الأوفر حتى اللحظة، لاقترابه الجغرافي من المدينة، واستمرار عملياته في محيطها ضد “داعش” و”قسد” على حد سواء، في ظل تنبؤات باقتراب الصدام المباشر بين “درع الفرات” وقوات الأسد، الأمر الذي من شأنه زعزعة العلاقة بين موسكو وأنقرة مجددًا.