عنب بلدي – العدد 80 – الأحد 1-9-2013
وكان لعنب بلدي جولة في بعض المراكز الامتحانية التقت خلالها مدير دائرة الامتحانات في الغوطة الشرقية، الذي نتحفظ على ذكر اسمه بناءً على طلبه، وهو المشرف العام على سير العملية الامتحانية هناك، وقد تحدث إلينا، رغم انشغاله الشديد، عن واقع تلك الامتحانات في الغوطة.
كذلك التقت عنب بلدي أفرادًا من الكادر المسؤول وعددًا من الطلاب المتقدمين، ورصدت مشاركتهم في المشروع وآراءهم حوله.
ومن الجدير بالذكر أن من جميع من التقيناهم أثناء التغطية أدلوا برغبتهم بعدم نشر أسمائهم خشية للنظام، وإصرارهم ألا ينشر هذا التقرير قبل آخر يوم من الامتحانات خوفًا من ردة فعل وحشية، كما لم نستطع التقاط صور للقاعات الامتحانية أو لأحد من الطلاب.
التجهيز للامتحانات:
أفاد مدير الدائرة أن عدد الطلاب الذين سجلوا في دائرة الامتحانات بلغ 840 متقدمًا من الصف التاسع و 540 متقدمًا من طلاب الشهادة الثانوية، وزعوا على 21 مركز امتحاني في كافة أنحاء الغوطة الشرقيّة، و “القائم على هذه الامتحانات هو مجمع التربية والتعليم في الغوطة الشرقية وهو الجهة المسؤولة عن الامتحانات العامة في جميع المناطق المحررة في القطر السوريّ» وأضاف «حصلنا على دعم من منظمة (هيئة علم المستقلة) ومن هيئة التربية والتعليم العالي التابعة للائتلاف الوطني السوريّ».
وتحدث أيضًا عن سير العملية الامتحانية موضحًا آلية اختيار الأسئلة ونقلها فقال: «تم انتقاء الأسئلة من قبل لجان خارج القطر لضمان الأمانة والسرية، ثم كانت ترسل لي شخصيًا ليلة امتحان كل مقرر بشكل سرّي عبر سكايب»؛ كما وصف مستوى الأمانة والسرية في الأسئلة بالـ «ممتاز»، فقد كان هناك لجنة خاصة تقوم بالطباعة والتغليف، وبعدها يتم إيصال الأسئلة في مغلفات مختومة مؤمّنة بواسطة مدير المركز نفسه قبل بداية كل امتحان بنصف ساعة ثم تفتح أمام الطلاب في قاعاتهم. وأشار إلى أن «الأسئلة كانت موحدة لجميع طلاب الشهادة الثانوية في الغوطة، ودرعا، وبقية مناطق الداخل السوري المحرر، بالإضافة إلى مخيمات اللاجئين في دول الجوار، وقد كان مستواها مهنيًا يتناسب والمعلومات الحريّ بطالب الثانوية الإلمام بها».
عقبات:
ذكر المشرف أن أبرز العقبات التي واجهت الكادر كان «عدم وجود كهرباء، وارتفاع أسعار الوقود اللازم لتوليدها لطباعة الأسئلة ولإنارة المراكز الامتحانية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الورق والحبر»، وعلاوة على ذلك القصف اليومي من قبل النظام، لا سيما يوم الحادي والعشرين من آب والذي شهد قصف الغوطة بالسلاح الكيماوي، ما أدى إلى «استشهاد بعض الطلاب وذويهم، كما استشهدت مديرة أحد المراكز الامتحانية في مدينة عين ترما مما اضطر المركز إلى تأجيل الامتحان إلى يوم آخر».
الأجواء الامتحانية:
وللاطلاع أكثر على أجواء الامتحانات، ومدى نجاح المراكز في توفير محيط من الهدوء يشعر الطلاب بالأمان ويمكنهم من التركيز توجهنا إلى مديرة أحد المراكز الامتحانية، والتي ذكرت أن الالتزام فاق التوقعات «الأسئلة كانت تأتي في الموعد المحدد، كل امتحاناتنا كانت في مواعيدها تمامًا، التزام الطلاب والمراقبين، الجوّ الامتحاني المنضبط والأعداد المثالية في كل قاعة، والحرس على باب كل مركز والبطاقات المخصصة لكل الطلاب، والعاملون ضمن المراكز لضمان عدم دخول أحد سوى الطلاب والكادر الاداري بالإضافة إلى استقلال هيئة التعليم عن أي فصيل عسكري». وقد أبدت المديرة فخرها بما تم تحقيقه رغم الظروف التي تمر بها الغوطة الشرقية من انتشار الحواجز على طريق المراكز الامتحانية، بالإضافة إلى الهواجس الأمنية من تسرب أسماء المعلمين والمراقبين والإداريين والطلاب للنظام، «ﻷن ذلك يشكل خطورة كبيرة علينا بتعميم أسمائنا في لوائح المطلوبين، لا لشيء، إلا ﻷننا تحدينا الظروف وسعينا لبناء العقول» حسب قولها.
تنظيم وانضباط ذاتي:
كما التقت عنب بلدي مُدرسة تعمل في المراقبة والتصحيح في المجمع التعليمي، حدثتنا عن تجربة مشاركتها في العملية الامتحانية. المُدرسة التي بدت فخورة بكونها جزءًا من هذه الخطوة «الحضارية» وبمساهمتها في الوصول إلى اليوم الأخير بسلاسة أوضحت «لم أتوقّع أن تجري الأمور على هذا المنحى من التنظيم أبدًا، قمت بتقديم طلب للمجمع التعليمي برغبتي في المراقبة، وتم تسليمي بيان تكليفي قبل الامتحانات بأسبوع، ثم دعينا لاجتماعات تنظيمية في اليوم السابق للامتحانات كل في مركز مراقبته، تمّ تعريفنا بالقوانين وشرحها لنا، تجولنا في القاعات الامتحانية، استلمنا جداول الامتحانات لنقوم بمهامنا في الأيام اللاحقة على علم ودراية، وكان الجو لطيفًا مريحًا ومحبّبًا بين المراقبات والإدارة».
وذكرت المدرسة أنها لم تضبط أية عملية غش في المركز الذي كانت تراقب فيه، وأن «الانضباط كان ذاتيّا لدى الطلاب والطالبات» وأضافت «لعلّها المرة الأولى التي أشعر فيها بأن العلم لدينا يطلب لذاته لا لعلامة ولا لشهادة ولا لتخصص جامعي، العلم ﻷجل العلم، وربما هذا ما جعل الطلاب يقدّمون ما لديهم دون البحث في أوراق زملائهم». وبالنسبة للتصحيح فأوضحت أنه تم اختيار مدرسات مجازات من كافة الاختصاصات بدأن بالتصحيح فور الانتهاء من كل مقرر في مركز مجمع التربية والتعليم حصرًا، حيث الأجواء «مؤمّنة والحراسة مشددة، كما هو الحال في المراكز الامتحانية كافّة».
«علا»، الاسم الذي عرفت به طالبة تقدمت لامتحان الشهادة الثانوية للمرة الأولى عن نفسها، قالت أن مستوى الأسئلة كان «جيّدًا ومتناسبًا مع مستوى الطلاب العام» وأضافت أن الإدارة «تفانت لتأمين الهدوء للطلاب وحاولت بشتى الوسائل خفض ضجيج مولّدات الكهرباء وتخفيف توتّر الامتحان وأجواء القصف» وأوضحت أن المراقبات لعبن دورًا في تهدئة الطلاب وتخفيف الضغط النفسي عنهم . «شعرنا -حقيقة- أنّنا على درجة كبيرة من الأهمية، وأن كل هذه الجهود وكل هؤلاء الاشخاص مجتمعون لخدمتنا … وقد لازمنا بالفعل شعور أننا سنكون منصَفين في التصحيح»؛ وربما ساعدت هذه الأجواء، كما تقول «علا»، أكثر الطالبات شغبًا على التزام القواعد الامتحانية احترامًا للجهود المبذولة من قبل المنظمين.
شهادة معترف بها:
ولعل أكثر ما يهم الطلاب معرفته عن العملية الامتحانية هو التصريح الذي اختتم به مدير دائرة الامتحانات لقاءه مع عنب بلدي، إذ أعلن: «نبشّر طلّابنا بأن الهيئة الوطنية للتربية والتعليم العالي في الائتلاف الوطني وعدتنا بتقديم منح دراسية لحاملي الشهادة المعترف بها حيث ستكون المنح الجامعية من تركيا والأردن وبعض الدول الأوروبية».