عنب بلدي – فريق التحقيقات
توفرت الخامات الرياضية عالية المستوى في سوريا على مدار عقود، وكان الوصول إلى مراحل متقدمة في منافسات دولية محصورًا بالألعاب الفردية، التي تعتمد على جهود اللاعبين وصقل خبراتهم ذاتيًا، وسط سيطرة المحسوبيات على التعيينات الإدارية والاستدعاءات إلى المنتخبات، وسطوة المؤسسة العسكرية على الهيئات الرياضية.
هذه الحال كانت قبل الثورة السورية، ورغم تحرّر بعض المناطق من سيطرة النظام، إلا أنّ الواقع الرياضي داخل سوريا ازداد قتامةً، خاصةً مع ما أسفرت عنه الحرب من تدمير البنية التحتية للمرافق الرياضية، كالملاعب والصالات، بالإضافة إلى غياب الأمان المطلوب لممارسة العديد من الرياضات، وسط اعتقال ومقتلٍ عددٍ من نجوم الرياضة السورية، ولجوء آخرين إلى بلادٍ يبحثون فيها عن إيقاف تدهور مستواهم ولياقتهم.
وشهدت هذه المناطق تجارب تحاول مقاومة ما خلفته المرحلة، فتشكلت هيئات واتحادات رياضية، ونظمّت دوريات وبطولات محليةً بجهود محدودة، تعتبر بصيص أملٍ بين ركام الحرب.
الهيئة العامة للرياضة..
محاولات البحث عن مؤسسة جامعة
تدرّج العمل الرياضي “الحر” في سوريا على مدار الأعوام الخمسة الماضية، وبدأ بجهود “رابطة الرياضيين السوريين الأحرار”، التي تأسست في مدينة القاهرة المصرية عام 2012، ليتشكل بعدها “الاتحاد الرياضي السوري الحر” في آب 2015، والذي وسّع تمثيله لتتشكل الهيئة العامة للرياضة والشباب، لتغدو الكيان الأوسع تمثيلًا في الداخل السوري.
ولم تكن الهيئة التشكيل الوحيد خلال السنوات السابقة، فتشكلت كيانات كان من بينها “هيئة الرياضيين السوريين الأحرار لألعاب القوة” مطلع العام 2015، وضمت 400 رياضي، وشكّلت اتحادات ولجان انتسبت للهيئة، كما تأسست منظمة “رياضيون من أجل سوريا” في القاهرة عام 2014.
وشكّل الرياضي أيمن قاشيط، الموجود في السويد حاليًا، “الاتحاد السوري الحر” منتصف العام 2015، وضمنه “منتخب شباب سوريا”، والذي رعى بعض النشاطات في ريف حلب والغوطة الشرقية وحي الوعر، ليتوقف عن العمل بعد أربعة أشهر، وينتسب جزء من رياضيي الاتحاد للهيئة، ويستقل آخرون.
ما هي الهيئة العامة للرياضة والشباب؟
رعت “الهيئة العامة” الحركة الرياضية في الداخل منذ آذار 2014، بالتعاون مع الاتحادات الرياضية التي تتبع لها، ووفق نظامها الداخلي، الذي حصلت عنب بلدي على نسخة منه، فإنها تتكون من الجمعية العمومية، ويتبع لها المكتب التنفيذي المكون من 13 عضوًا، إضافة إلى لجانٍ فنية وتنفيذية على الأرض، جميعها تدير الأندية المنتسبة للهيئة وبطولات الألعاب الرياضية، بالتعاون مع المجالس المحلية، وبعض المنظمات السورية، كالدفاع المدني، والهلال الأحمر السوري، والشرطة السورية الحرة، كما تعاونت الهيئة في وقت سابق، مع بعض الإذاعات والصحف والمواقع السورية.
وتتكون كل لجنة تنفيذية من 11 عضوًا، بينما يضم كل اتحاد من خمسة إلى سبعة أعضاء.
وقدّر عروة قنواتي، رئيس الهيئة العامة للرياضة والشباب، في حديثٍ إلى عنب بلدي، عدد الشخصيات الرياضية القائمة عليها بحوالي 150 شخصًا، عدا اللجان الفنية والتي يرتفع العدد مع أعضائها إلى أكثر من 200 شخص.
تتوزع التنفيذيات على خمس مناطق في سوريا: حلب، وإدلب، وريف دمشق، وحمص، ودرعا، وتعمل معها اللجان الفنية لكل لعبة، وتدير اللجان التنفيذية مراكز التدريب وبعض البطولات في مخيمات الداخل السوري.
ويتبع للهيئة 11 اتحادًا، هي: كرة القدم، اليد، الطاولة، السباحة، الطائرة، الجودو، الكاراتيه، المصارعة، الووشوكونغ فو، الكيك بوكسينغ، واتحاد ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويقول قنواتي إن الهيئة حاولت العمل ضمن منطقة ريف حمص الشمالي وريف حماة، “إلا أن حدة المعارك أوقفتنا”، مقرًا بالتقصير في ريف حماة على وجه الخصوص، والذي تتنافس بعض الفرق والأندية فيه ككرة الطائرة مع فرق محافظة إدلب، بينما يلعب ناديا سحم والجولان من ريف القنيطرة مع الأندية التي تديرها الهيئة في درعا.
مذكرة تفاهم لا تكفي مع “المؤقتة”.. والائتلاف “سن عكسي”
وقّعت الهيئة مذكرة تفاهمٍ مع الحكومة المؤقتة عام 2015، وتبعت بموجبها إداريًا إلى وزارة الثقافة، ووفق قنواتي، فإن الهيئة التقت برئيس الحكومة المؤقتة الجديد، الدكتور جواد أبو حطب، الذي شكّل الحكومة في تموز 2016، وأكد أن ملفات الوزارة قائمة ومستمرة ريثما تنجز الحكومة ما يسمى بـ “هيئة الثقافة والآثار”، ومهمتها إتمام عمل الوزارة.
منحت الحكومة الصفة الرسمية للقرارات والكتب التي تعتمدها الهيئة، وتنتظر الأخيرة الإجراءات الجديدة للكيان الذي سيؤسس ضمن حكومة “أبو حطب”. لكنّ ذلك ليس كافيًا، فمايزال الائتلاف السوري المعارض يدير ملف النقابات والاتحاد، بإدارة محمد يحيى مكتبي، وهو ما تعتبره الهيئة تشتيتًا للعمل المشترك.
ويقول عبد الرؤوف الأمير، منسق الهيئة في دولة قطر، إن العمل لن يتنظم حتى يكون الاعتراف مشتركًا من الحكومة المؤقتة والائتلاف، كما يجب تخصيص ميزانية كبيرة للعاملين في الداخل، وإعادة إعمار الملاعب حسب الإمكان، مؤكدًا “العائق الأكبر بنظري هو الائتلاف وقراراته الدورية المتباينة”.
الائتلاف يُصادق على لجنة أولمبية ويلغيها في ثلاثة أشهر
صادق الائتلاف السوري المعارض في 3 حزيران 2016 على تشكيل اللجنة الأولمبية السورية المؤقتة، “بهدف انتظام كافة الهيئات الرياضية والرياضيين السوريين في داخل سوريا وخارجها ضمن اللجنة، لتمثيل سوريا رياضيًا في المحافل العربية والدولية”، إلا أنه ألغاها في 29 من الشهر نفسه، “للحفاظ على وحدة العمل الرياضي السوري”.
عنب بلدي تحدثت إلى محمد يحيى مكتبي، المكلف من قبل الائتلاف بملف النقابات والاتحادات، واستفسرت عن سبب الإلغاء، وقال إنها ألغيت “بعد أن تحققنا من أنها لن تستطيع القيام بالشيء الذي أسست من أجله”، معتبرًا أنها كانت “محاولة لإعاقة مشاركة النظام في بطولة ريو دي جانيرو التي جرت في البرازيل آب 2016، كلجنة أولمبية مؤقتة لمدة ثلاثة أشهر”.
ويرد رئيس الهيئة العامة، قنواتي، أن” جميع الدول تستعد للأولمبياد قبل أربع سنوات، وإن كانت حديثة العهد رياضيًا فعلى الأقل لمدة عام كامل، ولكن الائتلاف شكّلها قبل ثلاثة أشهر، وضمّنها أشخاصًا عليهم إشارات استفهام، وهذا ما تأكد لاحقًا”.
مؤسسة تُظل الهيئة الرياضية أم اندماج للخبرات فيها؟
تجمع الهيئة العامة عددًا كبيرًا من الرياضيين، وهناك آخرون يحملون خبرات رياضية لا ينتمون إليها، لذلك تسعى الهيئة لعقد مؤتمر جامع لتوسعتها واستقبال أولئك الرياضيين، كما تعقد اجتماعات دورية مع مدير النقابات والاتحادات في الائتلاف الوطني، يحيى مكتبي الذي يرى أن الملف الرياضي، يجب أن تديره مؤسسة وطنية حسب المعايير والأصول.
“لا يمكن أن تُبنى المؤسسة بأناس ليس لديهم خبرة وبجهود مبعثرة”، يقول مكتبي، مشيرًا إلى أن المؤسسة يجب أن تقودها شخصيات تسلسلت في وقت سابق بالعمل القيادي الرياضي وانشقت عن النظام ولها سمعتها ومكانتها، معتبرًا أن الهيئة العامة للرياضة والشباب، هي المؤسسة الأم التي لها عمل رياضي جيد، “ولكنها ليست الوعاء الأكبر فهناك شخصيات مهمة خارجها كالكابتن خالد الفرج، وهو بطل عالمي في المصارعة والبطل السوري والعربي الملاكم عدنان قدور وغيرهم”.
في ظل المعوقات الكثيرة أمام الملف الرياضي في سوريا “تذلل المؤسسة العقبات”، وفق مكتبي، الذي يصف الملف بـ”المهم باعتباره يبرز أحد الوجوه الهامة في العمل المدني، بعد اتهامات للثورة والثوار بأنهم في خانة التطرف والإرهاب”، مؤكدًا أن “المهمة صعبة ودورنا تسهيل تلاقي وجهات النظر والوصول إلى الكيان الجامع البناء على المشتركات وليس نقاط الخلاف”.
من وجهة نظر رئيس الهيئة العامة، فالظروف الاستثنائية في سوريا، تتطلب النظر بشكل جيد للملف الرياضي، داعيًا أي رياضي أو إداري للمشاركة في توسعة الهيئة، “لتكبر ويأخذ أيٌ منهم مكانه في الاتحادات واللجان وقيادة الهيئة، فإعادة إنتاج الأفكار لا توصل لنتيجة، والمشاهدة من بعيد لا تحل إشكالية”، على حد وصفه.
ويختم قنواتي حديثه “عملنا في ظروف صعبة وتجربيبة وعايشنا الفشل والنجاح وأخطأنا في بعض الأحيان حتى وصلنا إلى نجاح مشترك”، مؤكدًا “سيأتي يوم ونسلم مهامنا لنصبح أعضاءً عاديين في الهيئة ولكن ليس من الصواب أن يقبّح ويُفشّل كل من يخرج من الهيئة بعمل كوادرها، فهذا الأسلوب لا يبني سوريا ولا يغني الثورة بأي شيء”.
خلافٌ مع الائتلاف يظهر في غياب الاعتراف الدولي
لا يوجد اعتراف دولي بالهيئة أو أي مؤسسة رياضية بعيدًا عن النظام السوري حتى اليوم، إلا أن وجهات النظر تحتلف بهذا الخصوص، فيرى مكتبي أن بناء مؤسسة قوية معترف بها من قبل الائتلاف، “يجعلها تخوض محاولة جلب الاعتراف وإفساح المجال أمام الرياضيين المنتمين للثورة، والمشاركة في البطولات الإقليمية والدولية”.
بينما يعتبر رئيس الهيئة، عروة قنواتي، أن الاعتراف الدولي مرتبط بالشأن السياسي حصرًا، “فالقضية ليست ملفات ترسلها للاتحادات الدولية التي لن تتدخل إلا في حال صدر قرار سياسي”، مؤكدًا “أرسلنا وثائق عديدة للاتحادات الدولية للألعاب منذ عام 2014، وضمت أسماء شهداء ومعتقلين وقضايا أخرى، ولكننا لم نتلقّ أي رد”.
يتحدث البعض عن إمكانية طلب الاعتراف كونه “قضية قانونية”، من خلال التعامل مع محامين، ولكن الأمر يكلف عشرات الآلاف من الدولارات، ويلفت قنواتي إلى أنه “لا يمكن لأي منظمة أن تدعمنا بهذا الخصوص، فليس لدينا مكتب قانوني لأننا لا نستطيع تفريغ كوادره ومنحهم رواتب شهرية”.
الدعم المالي وعقود الرعاية للهيئة العامة للرياضة
دعمت بعض المنظمات والإذاعات المحلية المستقلة مشاريع الهيئة منذ نشأتها، وأولهم إذاعة “نسائم سوريا”، التي رعت نشاطاتٍ رياضية في حلب وإدلب، كما أسهم راديو “وطن” بإطلاق بطولة في إدلب، وقدمت مجموعة “مبادر”، مبلغًا لمنتخب كرة القدم المتوقف حاليًا، في حين رعت منظمة “اليوم التالي” بطولةً بكرة القدم في مدينة كلّس التركية، ودعمت منظمة “فسحة أمل” منتخب الووشو كونغ فو في بطولة أدرنة الدولية (البلقان) في حزيران 2016.
لا استدامة في مبالغ الدعم من المنظمات المانحة، وفق رئيس الهيئة، عروة قنواتي، والذي يقول إن المؤسسة تقدم مجموعة من المشاريع، ويختار منها الداعم ما يشاء، “فهو لا يهمه وجود نقص في مكان دون آخر، كما أن جميع المؤسسات هي مانحة إنسانية، وليست مختصة بالشأن الرياضي، وبالتالي نحن ننفذ المشروع ونسلم المتفق عليه من الفواتير وغيره للمانح”.
“عندما نستلم مبلغًا للمشاركة في بطولة أو تأسيس أكاديمية، لا يمكننا أن نستخدمه في أمر آخر دون موافقة المانح، وفي حال رفض نعيد المبلغ”، يضيف قنواتي، ويشير إلى أن الهيئة “تصطدم” أحيانًا بروتين المنظمات التي ربما تتأخر بمنح الدعم لظروف خارجة عن إرادتها، “ما يخلق نوعًا من التوتر البسيط مع رياضيي الداخل”.
وليس لأعضاء الاتحادات أي تعويضات مالية، ولا للمكتب التنفيذي، الذي يحصل عضوه على تعويض في حال إشرافه على مشروع داخل سوريا فقط، وفق قنواتي، الذي أوضح أن التعويض يتراوح بين 100 و 125 دولارًا شهريًا.
أبرز المنظمات الداعمة للهيئة العامة للرياضة
البرنامج الإقليمي السوري
رعى “البرنامج الإقليمي السوري” الذي تديره شركة “كومينيكس”، مهرجاني الوعر والغوطة عام 2016، وبطولتين خارج سوريا في الكاراتيه والسباحة، إضافة إلى بطولة لوكسمبورغ للكاراتيه في نيسان 2016، ومعسكر منتخب الكاراتيه في هولندا، تموز 2016.
ويلفت قنواتي النظر إلى مشاريع قيد الدراسة مع المانحين، لإنشاء ثلاثة اتحادات، ورياضات لذوي الاحتياجات الخاصة في ثلاث مناطق: اعزاز والأتارب ودرعا، ومراكز شطرنج موزعة في أنحاء المناطق المحررة السورية، إضافة إلى تنظيم الدوري العام لكرة القدم (درجتين أولى وثانية)، وثمانية مراكز تدريبية للأطفال بكرة القدم، “جميع هذه المشاريع كان من المفترض أن تبدأ مطلع تشرين الأول 2016، إلا أنها ماتزال في طور التحضير”.
منظمة “السنكري”
يؤكد المدير التنفيذي لمؤسسة السنكري، عبد الرحمن ددم، في حديثٍ إلى عنب بلدي، أن المنظمة دعمت مشروع منتخب كرة القدم في بدايته وتوقفت عن دعمه مطلع العام الجاري.
ويقول قنواتي إن المنظمة أوقفت الدعم بما هو متفق عليه بشكل كامل، متطلعًا لإعادة تفعيل المنتخب، والذي تشكل في مدينة كلّس التركية، في أيار 2015، بقرار مشترك بين الاتحاد السوري لكرة القدم والهيئة العامة، “بعد مشاكل إدارية وغياب الدعم الكافي لتطويره، والذي تسبب بخلافات إدارية وتنظيمية أدت الى عرقلة مسيرة عمله”.
ودعمت المنظمة اللجان التنفيذية منذ نشأتها، إلا أنها توقفت عن الدعم قبل شهرين، “بسبب التضييق على التحويلات المالية”، وفق ددم، الذي يضيف “الهيئة لم تكن تتلقى أموالًا، بل كانت تعمل وسيطًا للجان التنفيذية التي نحوّل لها”.
منظمة “بيتنا سوريا”
دعمت منظمة “بيتنا سوريا” مراكز رياضية للأطفال، ضمن أربع مناطق في محافظة حلب، وفق أسعد العشي، مدير المؤسسة، ويقول لعنب بلدي إن الدعم جاء “لتأمين أماكن بعيدة عن الخطر والقصف وتنمية مهارات الأطفال بشيء مفيد”، في حين لم ترعَ المؤسسة مشاريع ونشاطات للهيئة خارج سوريا.
ويوضح العشي أن المؤسسة ستطلق المنحة الجديدة منتصف كانون الأول المقبل، “والتي يمكن أن تستفيد منها منظمات عدة ومن ضمنها الهيئة”، مشيرًا إلى أن توزيع المنح على المستفيدين، من المقرر أن يبدأ منتصف شهر كانون الثاني من العام المقبل، في حين تسعى الهيئة لإدخال مشروع الطفل الرياضي السوري إلى ثمانية مراكز في محافظة إدلب.
وفي أفق جديد توسّع الهيئة تعاملها مع المنظمات السورية المختصة بشؤون التعليم، لطرح حصص رياضة داخل المدارس، وفق قنواتي، ويوضح “يمكن أن يكون مدرّس مادة الرياضة من الهيئة، على أن تدفع المؤسسة تعويضاته”، إلا أن المشروع لم يُفعّل حتى اليوم.
الرياضة السورية بعيون مسؤولي الاتحادات واللجان
للاتحادات التي تتبع الهيئة أنظمة داخلية مستقلة، وليست ملزمة بالنظام الداخلي لها. عنب بلدي تحدثت إلى رؤساء بعض الاتحادات ومسؤولين فيها، عن تجربتهم خلال السنوات الماضية، وعن الواقع الرياضي في سوريا ورؤيتهم لتطويره.
مأمون الشون، رئيس الاتحاد السوري للرياضات الخاصة، يقول إن الاتحاد تشكل وانتسب للهيئة في آذار 2016، وشارك في عدة بطولات بألعاب مختلفة، داعيًا إلى دعم الهيئة وإنشاء ملاعب وصالات رياضية داخل سوريا لتمكين الرياضيين من متابعة نشاطهم الرياضي، وتأسيس مدارس ومعاهد رياضية متكاملة، كما طالب “بتفويض الهيئة من قبل الائتلاف لتكون الناطق الرسمي باسم الرياضيين الأحرار وتتواصل مع الاتحادات الرياضيية لتأمين مشاركات خارجية”.
ويرى الشون أن تأسيس الاتحاد “ضرورة”، خاصة بعد ازدياد أعداد معوقي الحرب، مشيرًا إلى أن “من حرمه القصف الأسدي أحد أعضائه، لن يبقى عاجزًا، بل سيستمر في العطاء”.
“للهيئة دور كبير خلال السنوات الثلاث الماضية”، وفق عضو الاتحاد السوري لكرة القدم، يوسف ربيع حسن، ويعتبر الرياضة في الداخل السوري “إنجازًا” في ظل القصف اليومي، مؤكدًا أن العام المقبل “سيكون أكثر تنظيمًا بعد وضع خطة عمل مدروسة لتطوير كرة القدم”.
وتمنى أن يستطيع الاتحاد إتمام العمل داخل سوريا لتلبية متطلبات الأندية خلال الأيام المقبلة.
ويقول ثائر العوض، عضو المكتب التنفيذي في الهيئة، ورئيس الاتحاد السوري للكيك بوكسينغ، إن الاتحاد مازال يحاول أن يكون أكثر تنظيمًا وفهمًا للعمل الإداري، رغم تباعد المسافات وتقطع سبل الوصول بين المحافظات، “وهذه المشكلة لم تمر بها أي مؤسسة رياضية في العالم إلا في سوريا”، معبرًا عن فخره بالإنجازات الماضية، “ستواجهنا صعوبات كثيرة فقد لا نجد تعاونًا مع مخطط عملنا الرياضي، إلا أننا سنعمل على إعادة إنتاج الهوية الحقيقية الرياضية لشباب سوريا الأحرار بعيدًا عن الحالة الأمنية والعسكرية”.
ميسر محمود، أمين سر الاتحاد السوري للسباحة والألعاب المائية، يرى أن الهيئة استطاعت جمع أكبر عدد ممكن من الرياضيين، وربط الكيانات الرياضية ببعضها لتكون مؤسسة وطنية قادرة على قيادة الرياضة نحو الأمام، معتبرًا أن الدعم المادي يقف في وجه النشاط الرياضي سواء داخل أو خارج سوريا.
ويصف عضو اللجنة التنفيذية في محافظة درعا، موسى أبو عون، عمل الهيئة بـ “الإنجاز الذي يشهد له التاريخ”، داعيًا إلى أن تشكل الهيئة لجانًا تنفيذية في جميع المناطق المحررة، ومؤكدًا “رخصنا 30 ناديًا ضمن اللجنة، والعدد في تزايد، وهذا إن دل على شيء فهو نجاح التعاون بين الكوادر والرياضيين”.
صعوبات في تنشيط كرة اليد السورية
يواجه اتحاد كرة اليد صعوبات كبيرة في إعادة تنشيط اللعبة، التي كانت قبل سنوات من أبرز الألعاب في سوريا، ويقول رئيس الاتحاد رافع بجبوج، لعنب بلدي، إن الصعوبات تتجلى بوجود معظم لاعبي وخبرات اللعبة خارج سوريا، أو في مناطق سيطرة النظام.
وقد جنسّت دولة قطر عددًا من أعلام اللاعبين السوريين في كرة اليد، ومن بينهم ثلاثة مثلوا المنتخب القطري في أولمبياد ريو دي جانيرو، هم كمال الدين ملاش، وأمين زكار، وهادي حمدون.
عوائق إعادة اللعبة تتمثل بأنها كانت منتشرة في المدن، وليست في الأرياف، “فهي بحاجة إلى صالات وتجهيزات وإمكانيات، فمدن دير الزور والرقة وحماة كانت معاقل كرة اليد في سوريا سابقًا”، بحسب بجبوج، موضحًا أن النشاط الوحيد بكرة اليد جرى في مدينة درعا بتنظيم مباريات بين ناديين في المدينة.
ينتظر اتحاد اليد ردًا من الاتحاد القطري، الذي أبدى استعداده للتعاون ومحاولة تشكيل منتخب لسوريا، وفق بجبوج، ويقول إنه لم يتلق ردًا حتى نهاية تشرين الأول 2016.
يقدّر عدد الرجال والشباب المنتسبين للاتحاد بأكثر من مئة لاعب، ويدرس حاليًا بعض المشاريع التي وعدت الهيئة بتأمين تكاليف تغطيتها.
أبرز الرياضيين المنتسبين لـ “الهيئة” والمنسحبين منها خلال عامين
تضم الهيئة العامة للرياضة أكثر من خمسة آلاف رياضي، وفق القائمين عليها، انتسبوا خلال العامين 2015 و2016.
ينتسب للهيئة مدرب منتخب سوريا سابقًا ونادي الجيش في الكاراتيه عماد زين العابدين، وبطل الكاراتيه علي البارودي، ومدرب كرة اليد عبد الرؤوف الأمير، ولاعبا كرة القدم فراس تيت ويوسف ربيع حسن، والحكم الدولي محمد وائل جبارة، إضافة إلى ثائر العوض، أمين سر الاتحاد العربي والسوري للكيك بوكسينغ، عضو اتحاد “الووشو كونغ فو” لدى النظام سابقًا، ومسؤول اللعبة في سوريا علاء الدين تمر دان، ورافع بجبوج نجم سوريا بكرة اليد سابقًا، ووليد مهيدي، عضو اتحاد كرة القدم السوري سابقًا.
انسحب من الهيئة لأعمال رياضية أخرى أو بعيدًا عن الرياضة، كل من الإعلامي الرياضي عقيل حسين، وشخصيات من اتحاد الكرة سابقًا، أبرزهم الحكمان مراد كيخيا وشاكر حميدي، والمدرب عبد القادر عبد الحي مطلع عام 2016، وشكّل حميدي وعبد الحي “رابطة الأندية السورية” في تركيا، مع الرياضي أحمد العلي، إلا أنها توقفت ولم تستمر، كما انسحب لاعبو كرة القدم احتجاجًا على “ممارسات الهيئة”، وفق بيانهم.
معتقلون وضحايا رياضيون
بدأت رابطة “الرياضيين السوريين الأحرار” التي تأسست في القاهرة عام 2012، بتوثيق الانتهاكات بحق الرياضيين، من قتل واعتقال قسري، وما لحق بالمنشآت الرياضية والصالات والملاعب، ثم انتقل العمل إلى “المكتب الإعلامي في الاتحاد الرياضي السوري الحر”، والذي توسع ليصبح “الهيئة العامة للرياضة والشباب”، وكان لبعض الكيانات الرياضية فضل في عملية التوثيق، أمثال “رابطة المجاهدين الرياضيين”، و”منظمة رياضيون من أجل سوريا”، خلال عامي 2013 و2014.
ووفق آخر إحصائية حصلت عليها عنب بلدي، وصل عدد الضحايا من الرياضيين إلى 390 رياضيًا، منذ انطلاقة الثورة السورية حتى نهاية تشرين الثاني 2016، من مختلف الاختصاصات والأعمار والمهام الرياضية والإدارية، قسم منهم قتل في المعتقلات، أمثال لاعب نادي الوحدة بكرة القدم إياد قويدر، ولاعب ومدرب منتخب سوريا برياضة الجودو عبد القادر حجازي، ولاعب منتخب سوريا ونادي الكرامة بكرة القدم جهاد قصاب، وبطل سوريا بسباق الدراجات أحمد لحلح، ولاعب كرة السلة في نادي الوحدة وائل وليد كاني، ولاعب كرة السلة في ناديي الكرامة والجيش رودين عجك، وبطل الجمهورية في المصارعة مالك خليل الحاج حمد.
لاعب كرة القدم عن فئة الشباب في نادي الشعلة، محمود الجوابرة، كان أول الضحايا من الرياضيين وقتل في درعا في 18 آذار 2011، تبعه العشرات خلال المظاهرات السلمية وأبرزهم: جمعة الدوري من مؤسسي “رابطة الرياضيين السوريين الأحرار”، السباح السوري عبد السلام فايز الحمد، لاعبا كرة القدم في نادي الاتحاد سالم حجازي وزكريا اليوسف، ولاعب نادي الشعلة والمنتخب الوطني بكرة الطائرة رزق قطيفان، ولاعب نادي الوثبة بكرة القدم طارق عنتبلي، والحكم السوري بكرة الطاولة سمير سويد، ولاعب منتخب سوريا بالكاراتيه فارس مصاروة، والإعلامي الرياضي حسام الموس، والمصارع السوري الدولي مصطفى نكدلي، وغيرهم.
لا يمكن إحصاء عدد المعتقلين الرياضيين، فبعضهم اعتقل وخرج على اختلاف مدة احتجازه، ووفق إحصاءات الهيئة العامة للرياضة والشباب، فإن قرابة 100 معتقل رياضي مازالوا قيد الاحتجاز، وأبرزهم بطلة سوريا والعرب في لعبة الشطرنج، الدكتورة رانيا العباسي مع زوجها وأطفالها الخمسة، ولاعب كرة السلة سامح سرور، ولاعبو كرة القدم والمنتخبات الوطنية عامر حاج هاشم، وطارق عبد الحق، ومحمد حاج سليمان، وأحمد العايق.
كما اعتقل وأفرج عن كلٍ من: المدرب الوطني بكرة القدم هشام خلف، ولاعبي كرة القدم زين الفندي وفراس تيت، ومحمد كنيص، وأفرج بعد 21 عامًا من الاعتقال التعسفي عن قائد منتخب سوريا بالفروسية، عدنان قصار منتصف عام 2014.
عشرة أطفال رياضيين قتلتهم الطائرات الروسية في حلب
منذ مطلع العام الجاري وحتى تشرين الثاني 2016، قتل عدد من الأطفال الرياضيين في حلب وريفها، ممن انتسبوا لمراكز ومدارس رياضية:
الأطفال مؤيد الحجي، ومحمد رياض طالب، وغزوان علي خليل، من مركز تدريب كرة القدم في ريف حلب، قتلوا في 25 كانون الثاني 2016.
الشقيقان عبد الباسط وأحمد ملص، من مركز تدريب الجودو، قتلا في أيار 2016.
الشقيقان زكريا وعبد الله الجميلي، من مدرسة “الرواد” لتعليم “الووشو كونغ فو”، قتلا في 31 أيار 2016.
الطفل أحمد مريمني، من مركز تدريب الكاراتيه، قتل في 18 آب 2016.
الطفلتان لجين وملك عنجريني، من مركز تدريب التايكواندو، قتلتا في 13 تشرين الأول 2016.
المنشآت الرياضية المستهدفة في سوريا خلال الأشهر الستة الأخيرة
صوّرت عدسات الكاميرات الدمار الواسع الذي لحق بالمنشآت الرياضية في سوريا منذ مطلع الثورة السورية، وشملت ملاعب وصالات في إدلب وريفها، وكان أبرزها في ريف دمشق ملاعب حرستا ودوما، بينما حوّل النظام السوري ملعبي العباسيين والجلاء في دمشق، وملعب الحمدانية في حلب، وملاعب درعا ودير الزور، والمدينة الرياضية في اللاذقية، إلى مراكز اعتقال أو مهابطَ للطائرات المروحية.
ووفق آخر حصيلة للمنشآت المستهدفة منذ منتصف عام 2016 وحتى تشرين الثاني، فقد استهدفت صالتا التربية وكرة الطاولة في مدينة إدلب، وملعب سراقب في ريف المدينة، وبعض المراكز التدريبية في حلب، ومكتب اللجنتين التنفيذيتين في كل من حلب وإدلب، إضافة إلى كل من صالة تدريب الووشو كونغ فو (أكثر من مرة)، ومقرها مدرسة “رواد السلام” للفنون القتالية، وصالة تدريب الكاراتيه في أحياء حلب الشرقية، ومركز لعبة الشطرنج خلال مهرجان حي الوعر في حمص، وملعب حرستا الصغير بكرة القدم، وصالة تدريب الكيك بوكسينغ والألعاب القتالية في سرمدا، بريف محافظة إدلب.
عدي الحسين، عضو مجلس إدارة نادي سراقب الرياضي في محافظة إدلب، رأى في حديثٍ إلى عنب بلدي، أن المنشآت الرياضية تضررت بشكل كبير في ظل القصف المستمر، مؤكدًا “تعرض ملعب كرة القدم في المدينة للقصف من قبل الطيران ثلاث مرات، وتعرض مبنى النادي للقصف المدفعي من قبل معمل القرميد”.
وأضاف “رغم ذلك إلا أننا نعمل كعائلة واحدة متمثلة بالهيئة العامة، وحققنا نجاحًا على مستوى الشمال السوري”.
الإنجازات الدولية للمنتخبات السورية “الحرة”
حقق المنتخب الوطني للسباحة، الذي يتبع للهيئة العامة للرياضة والشباب، ثلاث ميداليات برونزية خلال مشاركته في بطولة قطر الدولية للفئات العمر عام 2015، كما حصل اللاعب الدولي أنس محمود في قطر على فضية بطولة المياة المفتوحة عام 2016.
منتخب “الووشو كونغ” حصد ميداليات وفيرة عام 2016، بحصوله على ست ميداليات (ذهبية وفضية وأربع برونزيات)، في بطولة البلقان منتصف عام 2016، وذهبت الميدالية الذهبية إلى الرياضي علاء الدين مصطفى في رياضة “التاولو”، بينما حصل رودي خليل على الميدالية الفضية عن رياضة “الساندا”، وحصد كلٌ من أسامة المكاري ومحمد الكادري برونزيتين عن “الساندا”.
حصاد بطولة “سامسون” الدولية في تركيا، التي جرت في تشرين الأول من عام 2016، كان كبيرًا لمنتخب “الووشو كونغ فو”، وحصل خلالها اللاعبون على 13 ميدالية توزعت على اللاعبين شيار علي (ذهبيتين وبرونزية)، وعلاء المصطفى (ذهبية)، والطفل محمد شرم (ذهبيتين)، ومحمد مصطفى (فضية)، والطفل مجد شيخ نايف (فضية)، ومحمد زهير المصطفى (برونزية)، كما حصل اللاعبان محمد مصطفى وعصام عائشة، على ميداليتين فضيتين عن رياضة “الساندا”، ونال اللاعب أسامة المكاري ميدالية فضية.
في الكاراتيه حقق المنتخب السوري “الحر”، ميدالية ذهبية عن طريق اللاعب علي البارودي، في بطولة أثينا الدولية الودية عام 2013، وحصلت السورية إلهام عبد الغفور على برونزية في البطولة نفسها، ثم عاد البارودي وحصل على برونزية في بطولة لوكسمبورغ الدولية عام 2016، وحصد لاعبون سوريون متضامنون مع الثورة السورية، ميداليات متنوعة مع أنديتهم في السويد وبلجيكا وألمانيا، أمثال: محمد نور شنن، وعمار أيوب، وزاهر السيد أحمد.
رياضات يمارسها المقاتلون وتشاركهم المعارك
لا يكتفي بعض المقاتلين بالتمرينات الصباحيّة المترافقة مع معسكراتهم، فتمرينات الضغط والإحماء تعينهم على استمرار لياقتهم البدنية، لكن هؤلاء فضّلوا أن تكون لديهم بنية يستطيعون فيها المنازلة والمصارعة أيضًا.
بين المسابقات والنزال
تنتشر الرياضات القتالية بين الفتيان في سنوات الشباب الأولى، لا سيما “الكاراتيه”، و”كيك بوكسينغ”، و”الجودو”، إضافة إلى ألعاب القوى وبناء الأجسام.
مع بداية الثورة في سوريا والانتقال إلى القتال المسلّح انقسمت رغبات هؤلاء الشبّاب، بين من هاجر لحصد المزيد من الجوائز والميداليات، وبين من وظّف تلك المهارات في ميادين القتال، ومنهم من لقي حتفه في الطريق.
محمود عدنان قدور، رياضي ومقاتل في آنٍ معًا، من كفرنبل في ريف إدلب، قتل أثناء مشاركته على إحدى الجبهات، ونحن نعدّ هذا الملف، في 12 تشرين الثاني الجاري.
الشأن الرّياضي يستقطب المقاتلين
تأسست هيئة عامّة للرياضة في الشمال السوري، في منتصف عام 2015، كان لهذه الهيئة دور في إعادة تفعيل 32 ناديًا رياضيًا لرياضات مختلفة، وشكّل المقاتلون نسبة كبيرة من مرتادي هذه النوادي. يقول الحكم محمد مرعي شيخ الحدادين بعد تحكيمه لإحدى المباريات في إدلب، إن المقاتلين شكّلوا نسبة عظمى من المشاركين.
وأجمع المقاتلون الذين استطلعت عنب بلدي آراءهم على ممارسة الرياضة، وخاصة كرة القدم، في أيام الرّاحة بسبب شعبيتها، كنوعٍ من الترفيه والحفاظ على لياقة الجسم التي تنعكس في المعارك. يقول المقاتل عبد الرحمن (23 عامًا) إن “أكثر ما أفادني في معارك اللاذقية هي كرة القدم، فقد كنا نجري مسافات طويلة، كنّا نمشي ثلاثة أو أربعة أيّام”.
يجري تدريب المقاتلين داخل المعسكرات على حركات رياضيّة تزيد من اللياقة البدنية وقدرتهم على القتال كرياضة الجري وحمل الأثقال، وتختلف بحسب عمل المقاتل، بين انغماسي أو قاذف هاون أو “بي كي سي”، أما الرّياضات القتالية فقلّما يتمّ التدريب عليها بسبب غياب الالتحام المباشر في أغلب المعارك.
عبيدة مقاتل (29 عامًا)، حائز على الحزام الأزرق في الكاراتيه، يقول “خبرتي وأصدقائي بالكاراتيه ساعدتنا في عمليات القبض على الأسرى، بداية الثورة، حين كنّا نمارس قتال الشوارع داخل المدن، كانت ضربة احترافيّة واحدة كفيلة بفقدان الخصم لوعيه ووضعه في صندوق السيّارة”.
في المعسكرات الخاصة كالانغماسين، لا يقبل أي شخص، بل لا بد من امتلاكه جسمًا رياضيًا بطول وعرض ومقاس خصر معينين، وهو ما دفع أحمد خشيني، القادم من داريا إلى ريف إدلب، وهو خبير برياضة “مواي تاي” (قتال الشوارع)، للعدول عن فكرة تأسيس نادٍ بهذا الفن القتالي مؤقتًا، ريثما ينتهي من تدريب مقاتلين في معسكرات لفصائل طلبت منه ذلك.
وكان خشيني افتتح ناديًا صغيرًا في داريا أثناء الحصار، شارك فيه قرابة 40 شابًا، ويقول إن اللعبة تساعد المقاتلين في تفريغ الضغوط التي يواجهونها، مؤكدًا “جميع لاعبي هذه الرياضة يتميزون بهدوئهم وشعورهم بالراحة النفسية، إلى جانب اللياقة البدنية العالية”.
يعتبر بعض المقاتلين أن قتالهم يتطلّب بعض الأمور الضروريّة كالجري، أما الرّياضات القتاليّة فهي نوع من التّرف، بينما يؤكّد آخرون أن الرّياضات “القتاليّة” تؤدّي دورها في القتال المسلّح أكثر من أي وقت مضى.
هل تمارس النساء الرياضة في الشمال “المحرر”
“أيّ رياضةٍ تلك؟ وهل يوجد رياضات مثاليّة للرجال كي توجد مثيلتها للنساء؟”، جوابٌ تكرر أثناء إعداد هذا التقرير، ما جعل حوله هالة من الغموض لا تبشر بخير.
سابقًا، كان التنسيق يتم بين النوادي الرياضية والمراكز الموجودة بين المحافظات والمركز الرئيسي للاتحاد الرياضي الذي يضم رياضات مختلفة، وكان للنساء مشاركة فيها، وإن اقتصرت في معظمها على غير المحجبات بسبب اعتبارات دينية ومجتمعية.
اشتهرت أسماء كثيرة لبطلات سوريات، كغادة شعاع، ومنى شحيبر، وليلى درويش، شاركت بعضهن في بطولات وصلت لجوائز عالمية. وتعدّ مشاركة المرأة من إيجابيّات الاتحاد الرياضي رغم انتقادات كثيرة توجهت له بسبب انحيازه وفساده أثناء عمليّة الاختيار.
السباحة يسرى مارديني (18 عامًا) وصلت لأولمبياد “ريو دي جانيرو” في صيف 2016، بعد اجتيازيها مياه البحر اليونانية ولجوئها في ألمانيا، وتذكر مارديني كيف ساعدت المركب التي استقلّته وأختها ليصل إلى شواطئ اليونان بعد 30 دقيقة سباحة في عرض البحر وإنقاذ حياة 20 راكبًا كانوا برفقتهما.
يعتقد كثيرون ممن قابلناهم أن لباس المرأة ومظهرها يشكل عائقًا يمنع من مشاركتها في المجالات الرّياضية، فممارسة الرياضة “تفقد المرأة حشمتها المطلوبة”، وإن استطاعت المشاركة بحجابها إلا أنه من الصعب أن تشارك في امتحانات عالميّة.
تقول هاجر (30 عامًا)، وهي مدربة حالية في أحد نوادي مدينة إدلب، إنّ لديها رغبة في ممارسة رياضة الجمباز، لكن ذلك غير ممكن لكونها امرأة منقبة.
في العموم لم تشارك النساء في النشاطات والمسابقات الرّياضيّة التي أجريت في المناطق المحررة.
يقول عروة قنواتي، رئيس الهيئة العامة للشباب والرياضة، إن مناطق محدودة في الشمال “المحرر” تشهد أنشطة رياضية نسائية، كمنطقة معبر باب السلامة، وتقتصر الأنشطة في المعبر على فئة الأطفال والناشئات (13-14 سنة)، وتشرف على تدريبهن سيدة، وهو التثميل النسائي “الوحيد” داخل سوريا، أما خارج البلاد، فقد شاركت رياضيات سوريات في بطولات دولية عديدة.
مراكز التدريب الرياضي للنساء في المعبر، تضم أندية اللياقة البدنيّة، التي تحوي أجهزة “جِيم”، حركية وهوائية، و”آيروبيك”، لكنها بدون الملحقات الإضافية المعتادة، كالساونا وغيرها، نظرًا لما تتطلبه من طاقة ووقود.
المدربة “أم سلوان”، تعمل في نادٍ مخصص للنساء في معرة النعمان بريف إدلب بتمويل من منظمة “دارنا”، كمشروع تشغيل للشباب، وتقول إن النادي يقدّم مجموعة أجهزة رياضية وهوائية وكهربائية، إضافة لتمرينات “الآيروبك”، وتوضح أن النادي يفتح خمس ساعات يوميًا على الأقل.
هاجر، المدربة في ناد مماثل في إدلب، تعتبر أن قلة الحركة والنشاط التي تعيشه النساء حاليًا، زادت من وزن معظمهن وأصبح لا بدّ من إنشاء مراكز ونواد كهذه، ليجدن فيه متنفّسًا، ويحافظن على لياقتهن.
الرياضة كنشاط عضلي، لا تشبه النشاطات التثقيفية والدورات تعليمية، إذ تتطلّب جهودًا وممارسات منتظمة ربّما يصعب تنفيذها مع الظروف الحاليّة، فهل نجد يومًا إجابة مختلفة لسؤال “أيّ رياضة تلك؟”، حين يتعلق الأمر برياضة النساء.
مهرجانات وبطولات للكبار والصغار
قلب الغوطة الشرقية ينبضُ بالنشاطات الرياضية
كما يوقف القصف اليومي حياة عشرات الضحايا فيها، ينبض قلب الغوطة الشرقية بالنشاطات الرياضية، التي ترعاها مؤسساتٌ وهيئاتٌ وأنديةٌ، تضم رياضات فردية وجماعية، وتشاركُ فيها جميع الفئات العمرية، رغم معوقاتٍ يحملها الحصار في وجه تنظيم هذه الفعاليات.
ترعى بعض الأندية نشاطاتٍ دورية لطلاب المدارس والفئات الأخرى، وتُشاركُ مؤسسات داعمة في رعاية بعضها، ويدير رياضيون نوادي لتنمية المهارات، بينما تشغل نشاطات اللجنة التنفيذية، التي تتبع للهيئة العامة للرياضة والشباب في سوريا، حيّزًا من فعالياتٍ متنوعة توّجت باختتام فعاليات أكبر مهرجان رياضي في الغوطة الشرقية مطلع تشرين الثاني 2016.
الهيئة العامة للرياضة تجمعُ أغلبَ أندية الغوطة
قبل نحو تسعة أشهر تأسست اللجنة التنفيذية في الغوطة الشرقية، وبالتحديد في 27 شباط 2016، بعد انتخابات بمشاركة المجالس المحلية للمدن والبلدات، انتخبت خلالها الأندية مرشحين أعضاءً لمكاتب اللجنة، لتضم اللجنة منذ ذلك الوقت 17 ناديًا، وتشكل لكل لعبة رياضية لجنة فنية، وضعت خطة سنويةً لعملها.
باكورة فعاليات اللجنة كانت مع ذكرى انطلاق الثورة السورية في 18 آذار، ورعت خلالها كرنفالًا على مدار أربعة أيام، شارك فيه مئات الرياضيين بألعاب متنوعة، ويقول بلال غبيس، رئيس اللجنة، لعنب بلدي، إن القائمين عليها واجهوا صعوبات كبيرة في بداية التأسيس.
قبل بدء الثورة لم يكن هناك سوى خمسة أندية معروفة في الغوطة، أبرزها دوما، وحرستا، والمليحة، وبحسب غبيس فإنه مع تزايد عدد الأندية والفرق الرياضية في الغوطة، كان لا بد من هيكلتها، حتى انتسبت للهيئة بموجب شروط واستمارات، تحققت لجنة من توافرها لدى النوادي.
وفق من استطلعت عنب بلدي آراءهم من أهالي الغوطة، فإن المهرجان الأخير، الذي رعته اللجنة وبدأ في 6 تشرين الأول 2016، ”كان ناجحًا بكافة المقاييس في ظل الإمكانيات المتوفرة”، ويشير غبيس إلى أنه انطلق بعد تجهيزٍ على مدار ثلاثة أشهر، وضم 17 مسابقة رياضية، بعد إلغاء مسابقة الرماية، إثر قصف المكان الذي ضمّ مسلتزماتها، لينتهي في 3 تشرين الثاني 2016، دون حفل اختتام، نظرًا للتصعيد على الغوطة، الذي أوقف فعالياته لثلاثة أيام بعد انطلاقه بفترة وجيزة.
تنوّعت الرياضات في المهرجان، بين كرة السلة، والقدم، والطاولة، وشملت رياضات فردية أبرزها: الجودو، والكيك بوكسينغ، والكاراتيه، والتايكواندو، إضافة إلى ماراتون جري لعدة فئات وسباق للدراجات، وبطولتين في السباحة والفروسية.
لم تقتصر المشاركة في المهرجان على الأندية المنتسبة للجنة التنفيذية، بل شاركت أندية خاصة، من بينها أندية “الصمود”، و”الأمل”، و”الآن”، وهي أندية حديثه العهد، إضافة إلى أندية من برزة والقابون وجوبر.
حسب إحصائيات المهرجان فقد شارك في رياضاته 1242 لاعبًا، وتوزعت البطولات على بلدات حرستا، وعربين، وسقبا، وعين ترما، وحمورية، وكفربطنا، عربين وسقبا وعين ترما وحمورية وكفربطنا، وحصل الرياضيون الذين فازوا بالمراكز الأولى على مستلزمات بسيطة وشهادات مشاركة وتقدير.
ذوو الاحتياجات الخاصة كان لهم مشاركتهم في كل من السباحة وكرة الطاولة والشطرنج ورفع الأثقال وسباق عشرة أمتار على الكراسي الخاصة بهم، وشملت 15 رياضيًا من المعوّقين.
وعزا غبيس قلة العدد “لعدم توفر الكراسي الكافية للجميع، وعددهم 25 شخصًا”.
ناديا دوما ومسرابا ينشطان خارج اللجنة التنفيذية
رغم زيادة وتيرة النشاط في الغوطة، إلا أن بعض الخلافات تسيطر على الملف الرياضي، متمثلة برفض بعض الأندية العمل تحت مظلة اللجنة التنفيذية، وأبرزها ناديا دوما ومسرابا، وبعض الفرق في منطقة المرج.
ويقول رئيس اللجنة التنفيذية في الهيئة العامة للرياضة، بلال غبيس، إن بعض الخلافات نشأت احتجاجًا على طريقة الانتخابات، والتي شُكّلت بخصوصها لجنة انتخابات وضعت آليتها وأشرفت عليها، مشيرًا إلى أن الهيئة خاطبت الأندية، وطالبت بهيكلتها، بعد موافقة مجلس المحافظة، إلا أن نادي دوما حضر الانتخابات واقترح تأجيلها مرتين لترتيب بيته الداخلي بشكل أفضل، في حين رفضت الأندية الباقية تأجيلها للمرة الثالثة.
احتجّ نادي دوما بأنه لا يريد أن يمثله أشخاص من الخارج، وجاء رد اللجنة عليه بأن من يديرها أشخاص من الداخل، كما أنها تجمع رياضيين وأبطالًا من كافة المحافظات، وفق غبيس.
بدوره، يعتبر أمين سر النادي، فاروق حسون، أن المشكلة مع اللجنة “هي غياب المعايير لديها في توصيف الأندية والمراكز التدريبية والفرق الرياضية، وهو أساس عملها”.
ووفق رؤية حسّون فإن المراكز التدريبية لها معايير فنية ومنظمة إداريًا، إلا أنه من الممكن أن يكون بعضهما استثماريًا، إما يتبع للمجلس المحلي، أو يديره لاعبٌ صاحب خبرة، أما النادي فله صفة رسمية مؤسساتية كونه يملك ملاعب ومنشآت وعمليات مالية، داعيًا إلى “رؤية الواقع الرياضي بشكل صحيح، والانطلاق من أرضية قوية لوضع نظام داخلي يضبط عمل المؤسسات الفاعلة الرياضية في الغوطة”.
عروة قنواتي، رئيس الهيئة العامة للرياضة والشباب، يقول إن اللجنة التنفيذية تواصلت على مدار عام ونصف مع نادي دوما “بدون أي جدوى فقد حُددت مواعيد ووعود لم تٌنفذ”، مشيرًا في حديثه إلى عنب بلدي أن النادي يطلب أن يكون دعم اللجنة التنفيذية عن طريق مجلس المحافظة، “وهذا تعجيز، لأن الهيئة على مستوى سوريا، ومجلس المحافظة محلي”.
برغم الخلافات، شارك نادي دوما في مهرجان الغوطة الأخير، بإعارته لاعبين من كرة القدم لنادي حرستا، كما شارك بفنيين ولاعبين وحكامًا في الكاراتيه، وفق ملف النادي الذي حصلت عنب بلدي على نسخة منه. كما أن اللجنة التنفيذية أثنت على الكوادر الرياضية التي شاركت من دوما بشكل مستقل عن النادي، ووصفها غبيس بـ “المميزة”.
أندية “كمال الأجسام” تنبض بالحياة
بعد توقفٍ لثلاث سنوات، عادت أندية “كمال الأجسام” إلى الحياة لتغص بالرياضيين في الغوطة الشرقية، ويرصد أصحابها وجوهًا جديدة يوميًا.
وشهدت النوادي الجديدة إقبالًا ملحوظًا، في حين استفادت أخرى من اسمها قبل الثورة.
“النبلاء” و”الغوطة” الرياضي في دوما، هي من تلك الأندية التي يرتادها الرياضيون. وتختلف المبالغ التي يدفعها المتدرب بحسب البلدة وموقع النادي، إذ تتراوح بين ألف و ثلاثة آلاف ليرة سورية، بعد أن كانت بين 500 و700 ليرة، قبل الثورة.
ويُجمع أغلب أهالي الغوطة أن اللعبة، عادت بشكل لافت إلى مدنها وبلداتها، ويرون أنها حتى اليوم ماتزال نشاطًا رياضيًا، مرغوبًا بين الفئات العمرية المختلفة، وخاصة الشباب بين سن 18 و25 عامًا.
نادي دوما الرياضي.. 60 عامًا على أرض الغوطة
تأسس نادي دوما الرياضي أو نادي “الريف” عام 1957، وجهز أول ملعب كرة قدم في المدينة قرب دار الحكومة (السرايا)، وهو مكان الهاتف الآلي والمجمع الاستهلاكي في الوقت الحاضر، ثم نُقل عام 1964 إلى الجهة الغربية من المدينة.
وبعد سيطرة فصائل المعارضة على المدينة، أعاد مجموعة من رياضيي ومثقفي المدينة تفعيله، من خلال انتخاب سبعة أعضاء بينهم رئيس النادي، أشرفت عليهم هيئة الرقابة والتفتيش في المجلس المحلي للمدينة، في 23 تموز 2016، بعد أن توقفت نشاطاته أواخر عام 2012، إثر المعارك وسوء الوضع الأمني في المدينة.
ورعى النادي بطولات ودورات في رياضات مختلفة، أبرزها المهرجان الرياضي الرمضاني الأول في الغوطة، حزيران 2016، كما افتتح أول بطولة دوري للمدارس، برعاية مديرية التربية والتعليم، في نيسان من العام نفسه، وشارك فيه 12 فريقًا من مدارس المدينة.
رئيس النادي أغيد عثمان، يرى أن الأوضاع الأمنية “السيئة”، تُعيق إمكانية وضع خطط واضحة للمستقبل، واصفًا جمع اللاعبين ومعاودة بدء تدريباتهم بـ”الإنجاز”، في ظل تدمير منشآت النادي بشكل كلي إثر القصف، والتي كانت معروفة على مستوى الغوطة.
ويدير النادي حاليًا نشاطاته وتدريباته، داخل أكبر الملاعب في الغوطة، بموجب عقد استثماري مدته ستة أشهر كفترة تجريبية، ويضم أنشطة كرة القدم لكافة الفئات العمرية.
ويوضح أمين سر مجلس إدارة النادي، فاروق حسّون، أن النادي يضم 350 لاعبًا بين أشبال وناشئين وشباب، و50 آخرين من فئة الرجال، يمارسون لعبة الكاراتيه، إضافة إلى 45 لاعبًا في التايكواندو.
ثمانون طفلًا، و25 لاعبًا ناشئًا، و20 آخرون من فئة الرجال، يدربهم النادي على كرة اليد، كما يلعب كرة القدم 15 لاعبًا من فئة الشباب، و45 من الرجال، إضافة إلى 25 آخرين أعمارهم بين 12 و 15 عامًا.
وليس للنادي موارد مالية ثابتة، كما يشرح أمين سره، لكنه يتلقى دعمًا دوريًا من مجلس محافظة ريف دمشق، مؤكدًا أن الأيام المقبلة، ستشهد توقيع عقد يُخصص النادي بموجبه مركزًا خاصًا يُشرف عليه، كما يسعى لإعادة كرتي السلة والطائرة إلى المدارس، من خلال تجهيز خمسةً منها لتكون مكانًا لنشاطات اللعبتين.
نادٍ رياضي يديره “جيش الإسلام” في الغوطة
أسس فصيل “جيش الإسلام” ناديًا رياضيًا تحت مسمى “نادي الجيش”، قبل ثمانية أشهر، في تجربة فريدة عن النشاطات الرياضية الاعتيادية.
ويقول رئيس النادي، النقيب ناصر الشامي، (المعروف بـ”أبو جمال الأموي”)، لعنب بلدي، إنه بدأ نشاطاته الفردية والجماعية، في آذار عام 2016، واختص بكرة القدم واليد، إضافة إلى لعبتي الكاراتيه والجودو، تحت مظلة مؤسسة نادي “جيش الإسلام”.
يعمل 20 عضوًا إداريًا، من ضمنهم خمسة يشرفون على لعبة كرة القدم، مع الكادرين الإداري والفني على تأهيل اللاعبين بدنيًا وفكريًا، وفق الشامي، الذي يرى أن تنظيم أمور النادي، جاء بعد تشتت إداري دفع إلى حصر نشاط النادي في الغوطة، بعد أن كان ناديًا على مستوى سوريا.
ثلاث فئاتٍ عمرية ضمن النادي
يضم النادي ثلاث فئات عمرية (ناشئين، وأشبالًا، ورجالًا)، جميعهم من عناصر “جيش الإسلام” المنتسبين له من مقاتلين وإداريين وخدميين، عدا الناشيئن الذين يُدرّبهم النادي بالتنسيق مع المدارس والمعاهد الشرعية في الغوطة، ولا يُشترط انتسابهم للفصيل.
جميع رياضيي النادي غير متفرغين، وهم من الألوية التابعة للفصيل، وفق الشامي، إلا أن “الجيش” يُحدد ساعات على مدار أيام معينة للتدريبات التي يستفيد منها 28 لاعبًا في كرة القدم من الرجال، و18 لاعبًا من الشباب، ويعمل النادي على تشكيل فريق “محترف” منهم.
ويؤكد الشامي أن النادي يضم أكثر من 50 ناشئًا من المعاهد والمدارس، ويبحث كادر “الجيش” عن فنيين وإداريين ليكونوا مسؤولين عنهم، لافتًا إلى أن 12 لاعبًا في كرة اليد، وثمانية رياضيين في لعبة الكاراتيه وخمسة في الجودو، جميعهم من الرجال، ينتمون للنادي.
خلال التصعيد على الغوطة تُعلّق الرياضة “لأن حماية اللاعبين حقٌ علينا”، يقول رئيس النادي، مشيرًا إلى أن التدريبات تجري داخل صالات موزعة على عشر منشآت رياضية ضمن الغوطة، يستأجرها النادي بشكل دوري من أصحابها.
بطولتان بكرة القدم شارك فيهما النادي خلال الأشهر الثمانية منذ تأسيسه، بينما لم يستطع المشاركة ببطولة الكاراتيه، لأن بعض اللاعبين منتسبون لأندية أخرى ولم يتم تفريغهم حتى اليوم.
تملك المؤسسة الرياضية في “جيش الإسلام” نظامًا داخليًا ولوحات انضباطية يلتزم بها اللاعبون والكوادر، وفق رئيس النادي، ويشير إلى أن “النظام الداخلي ليس مبتكرًا من الجيش، وإنما يعتمد على بنود اتحاد الفيفا مع تعديلات بسيطة”.
ويعتبر القائمون على النادي أنه يواجه صعوبات مختلفة، أبرزها قصف المنشآت الرياضية، وتدريب اللاعبين وتنظيم البطولات بشكل سري بعيدًا عن أنظار وسائل الإعلام، ورغم ذلك يرون أن “لقيادة جيش الإسلام دورًا كبيرًا وتحفيزيًا”.
اقتتال الفصائل أثّر سلبًا
وطالت آثار الاقتتال بين فصائل الغوطة منذ 28 نيسان 2016، نادي “الجيش”، إذ أوقف نشاطاته الرياضية على مدار حوالي 40 يومًا.
وأصيب لاعبان خلال الاقتتال، كما خرج ثلاثة لاعبين من النادي، واعتقل ثلاثة آخرون من فريق كرة القدم، أخلي سبيلهم في وقت لاحق، كما يؤكد رئيس النادي، ويرى أنه كان حين تأسيسه أقوى من اليوم، كونه ضم لاعبين من جميع البلدات، “إلا أن الاقتتال حصره في مناطق معينة”.
يسعى القائمون على نادي “الجيش” لتأسيس منشأة رياضية على مستوى المؤسسات المدنية، يديرها كادر فني ورياضيون من جميع الألعاب، في حال استقرت الأمور أو فُكّ الحصار.
أيمن عبد الجواد..
طفلٌ نافس الكبار وحصل على المركز الأول في لعبة الطاولة
لم يكن الطفل أيمن عبد الجواد يعلم أصول لعبة كرة الطاولة قبل عام من اليوم، إلا أنه عمل بجدٍ وتدرب على يد والده، الرياضي المحترف في اللعبة، حتى غدا أصغر بطلٍ يتوج بالمركز الأول على حساب لاعبين من فئات عمرية أكبر منه.
وتوّج الطفل في مهرجان الغوطة الرياضي، الذي اختتم فعالياته، في الثالث من تشرين الثاني 2016.
من مكان إلى آخر تنقّل عبد الجواد داخل بلدته حمورية، في الغوطة الشرقية، حاملًا متطلبات منزله وأمله في الحصول على مراكز متقدمة في اللعبة، ويقول لعنب بلدي إنه تدرّب على مدار عام كامل، ولم يكن يتقن اللعبة قبل ذلك، “لفترة طويلة كنت أراقب والدي وهو يلعب كرة الطاولة، فأعجبتني اللعبة وقررت تعلمها لأصبح مثله”.
ركّز الطفل ذو الـ 15 عامًا على نصائح والده، حتى حصل على فرصته في تحقيق هدفه مع انطلاق مهرجان الغوطة، والذي كان أصغر لاعبٍ فيه، ويرى أن الأمر ساعده في التحرك بخفة “كانت لياقتي عالية”، ما مكّنه من تخطي عشرات اللاعبين من فئات عمرية وصل بعضها إلى 30 عامًا.
من أصل 72 رياضيًا شاركوا في اللعبة، تغلّب عبد الجواد على أكثر من 35 شخصًا، كما يقول والده لعنب بلدي، حتى حقق حلمه في 27 تشرين الأول 2016، وهو يوم تتويجه بالمركز الأول.
ولم يمنعه عمله مع والده في المكتبة التي يملكها، ولا الظروف الصعبة في الغوطة، ولا حتى دراسته في الصف التاسع من تحقيق ما سعى إليه.
يقول والد عبد الجواد إنه تدرّب على مدار أكثر من عام داخل مكتبته، بعد أن جهّز له طاولة صغيرة شخصية من صنعه، رغم أنه لم يكن يملك الوقت الكافي بسبب متطلبات المنزل والدراسة، إلا أنه حصل في نهاية المطاف على شهادتي اشتراك وتقدير لفوزه باللقب، وتخطيه لاعبين كبارًا.
أصبح عبد الجواد بطلًا في نظر أهالي الغوطة الشرقية بعد إنجازه الأخير، ووصفه بلال غبيس، رئيس اللجنة التنفيذية للهيئة العامة للرياضة في الغوطة، التي نظمت المهرجان، بـ”اللاعب المميز”.
ويسعى الطفل إلى تطوير مؤهلاته الرياضية للمشاركة في مسابقات مستقبلية، والفوز بلقب جديد يضيفه إلى مسيرته الرياضية المتواضعة.
الرياضة في حوران..
نشاطٌ واسع بإدارة المخضرمين
تحظى محافظة درعا بنشاط كبير للفعاليات الرياضية في المناطق المحررة، حيث تنشط في المحافظة مختلف أنواع الرياضات الجماعية والفردية، وتضم دوريًا لكرة القدم وآخر لليد وثالث للطائرة، بالإضافة إلى عدد من المنافسات الفردية كالشطرنج.
ويشارك في هذه الفعاليات 26 ناديًا، تم تقسيمها إلى مجموعتين: شرقية تضم 13 ناديًا وغربية بذات العدد، بالإضافة لوجود عدد من الأندية الصغيرة، انسحبت من منافسات الدوريات العامة لغياب الإمكانيات المادية.
وتوجهت عنب بلدي إلى السيد محمود الحريري، نائب رئيس الجنة التنفيذية للرياضة والشباب في درعا، وأوضح أنه رغم النشاط الرياضي الكبير، إلا أن المحافظة تشكو من غياب المقومات اللازمة، فالملاعب جميعها بأرضية ترابية، ويبلغ عددها 20 ملعبًا تحتضن منافسات دوري كرة القدم، أما الملاعب المؤهلة في محافظة درعا، فهما ملعبان يخضعان لسيطرة النظام، وكذلك تغيب الصالات الرياضية بشكل كامل عن المناطق المحررة.
يمتاز الجسد الرياضي في درعا، بمساهمة بارزة من أصحاب الخبرات والرياضيين السابقين، إذ تقدر الهيئة العامة للرياضة في درعا، بأن بين 60% إلى 70% من المشرفين على الرياضة في المناطق المحررة اليوم، هم من الرياضيين السابقين.
العدد الأكبر من اللاعبين الرياضيين، ينشطون في كرة القدم، إذ يتراوح عدد اللاعبين بين 400- 450 لاعبًا موزعين على الأندية، ويشرف على إدارة المباريات حكام مؤهلون يصل عددهم إلى 40 حكمًا، يواجهون تحديات كبيرة، أبرزها الأوضاع الأمنية غير المستقرة، وضعف الإمكانيات المقدمة لهم، وغياب الجهات الداعمة والمساهمة لنهوض الرياضة، عدا عن المشكلة الأكبر التي يعاني منها الحكام والمدربون، وهي غياب الدورات الرياضية الفاعلة، في مجال التدريب والتحكيم الرياضي.
واستطاعت اللجنة التنفيذية للرياضة والشباب في درعا، بالتعاون مع الهيئة العامة للرياضة والشباب، والاتحاد السوري لكرة القدم، إطلاق الدوري العام التصنيفي في محافظة درعا، وتعتبر هذه المبادرة الأكبر والأكثر نشاطًا في المحافظة، وحظيت بتفاعل في الأوساط الشعبية، وساهمت بإعادة روح الرياضة للمحافظة من جديد.
وتأمل اللجنة التنفيذية للرياضة في درعا، بالتعاون مع اللجان الفرعية المشكلة عنها، بإعادة إحياء جميع الرياضات من جديد، بالتعاون مع كافة الأندية الفاعلة، رغم اعترافها بصعوبة المهمة.
نادي الصورة الرياضي تجربة جديدة نافست الكبار
انطلق نادي “الصوّرة” الرياضي مطلع عام 2016، بثلاث ألعاب جماعية، هي كرة القدم وكرة السلة وكرة الطائرة، وبلعبة فردية واحدة هي الشطرنج، وشكلت إدارة النادي فريقًا للناشئين وآخر للأشبال، وتشرف على مسابقات ترفيهية ودورات تدريبية للأطفال لاكتشاف المواهب وانتقاء اللاعبين الصغار.
يضم النادي في صفوفه 150 لاعبًا في مختلف الرياضات، ويشرف عليهم عدد من اللاعبين والمدربين السابقين وأصحاب الخبرات الرياضية. شارك النادي في الدوري العام في محافظة درعا، وحقق المركز الخامس في البطولة التي انتهت مؤخرًا، وتأثر مركز النادي بانسحاب خمسة أندية من مرحلة الإياب، من أصل 14 ناديًا شاركوا في بطولة الدوري، ما أدى إلى خصم 17 نقطة من رصيده العام، وهو ما أثر سلبًا على تراجع النادي عن مقدمة جدول الترتيب.
مسيرة النادي كانت مليئة بالعقبات، فواجه صعوبات في تأمين المواصلات والألبسة والمعدات الرياضية، إذ تتحمل إدارة النادي أجور المواصلات على نفقتها الخاصة، ويرى القائمون عليه أن نتائجهم تعتبر ممتازة مقارنة بحجم الصعوبات والعقبات التي واجهتهم.
يطمح النادي مستقبلًا لإدخال كرة اليد إلى قائمة الألعاب الجماعية، وألعاب القوى والألعاب القتالية كالكارتية والمصارعة إلى قائمة الألعاب الفردية، وتتمنى إدارة النادي من أهالي وفعاليات بلدة الصوّرة، تقديم الدعم والتشجيع للنادي، للمساهمة في النهوض في الرياضة في البلدة.
نادي “الشعلة 18 آذار” بذكريات الرياضة الحورانية
زارت عنب بلدي مقر نادي “الشعلة 18 آذار” في مدينة درعا، وحضرت بعض الحصص التدريبية للرياضيين في ساحات غير مهيأة لتكون أماكن تدريبية، والتقت رئيس النادي، محمد محاميد.
يعد محاميد واحدًا من أبرز لاعبي كرة القدم في محافظة درعا، وتدرج في نادي الشعلة العريق من فئة الأشبال وحتى الرجال، ويتحدث لعنب بلدي عن مسيرته في “الشعلة”، “لعبنا كرة القدم ووصلنا إلى مراتب جيدة، وتدرجنا من الفئة الثالثة إلى الفئة الأولى لنجاري الفرق الكبرى في سوريا”.
وعن واقع الرياضة في المدينة مطلع الثورة، يوضح محاميد أنه “في بادئ الأمر كنا محاصرين والنظام موجود بيننا، كنا نتابع المباريات على شاشات التلفاز ونتحسر، لأن الرياضة تسري في دمنا، وبعدما تحررت المنطقة عدنا نمارس رياضاتنا ونشاطاتنا”.
وحول ظروف تأسيس “الشعلة 18 آذار”، قال محاميد “بجهود الشباب والكوادر الرياضية في نادي الشعلة سابقًا، استطعنا تأسيس الشعلة 18 آذار، ونمارس الألعاب الجماعية والفردية كافة، وشاركنا في دوري درعا، ونتطلع لتطور أكبر في الموسم القادم”.
واعتبر محاميد أن ما حققه النادي هو إنجاز كبير، في ظل ظروف المحافظة، لكن في الوقت ذاته تشكو الإدارة من نقص الدعم والمستلزمات “النظام يسيطر على كل المنشآت الرياضية، “نمارس رياضاتنا في صالات المدارس، وإمكانياتنا لا تكفي سوى لتأمين استمرارنا، ونتمنى أن يقدم الدعم اللازم لازدهار رياضة المحافظة”.
وتقف الظروف المادية عائقًا أمام عودة النجاحات لنادي الشعلة، والذي كان متميزًا على مستوى القطر في بعض الألعاب، لا سيما ألعاب القوى وكرة اليد، إلى جانب غياب الاحتكاك الخارجي، واقتصار النشاطات على مستوى المناطق المحررة في المحافظة، وهذا ما ينعكس سلبًا على الرياضيين والإدارة.
التحكيم.. لا دعم ولا رواتب في درعا
يعتبر التحكيم أحد أهم مفاصل المنظومة الرياضية بشكل عام، لكن يبدو أنه لا يعيش أجمل أيامه في درعا اليوم، فيعاني الحكّام من ضعف الاهتمام وانعدام الدعم، لتضاف مشاكلهم لجملة ما تعانيه الرياضة بشكل عام.
الحكم إبراهيم الحريري، أحد حكام الدوري العام لكرة القدم في المحافظة، أبدى لعنب بلدي أسفه للغياب الكامل للدعم في المنظومة التحكيمية في درعا، موضحًا “نعاني كحكام من قلّة الاهتمام من الجهات القائمة على الرياضة عمومًا، فلا دعم ولا رواتب”.
وأضاف الحريري أن التحكيم في درعا حاليًا قائم على الجهود الذاتية للحكام “نتحمل أعباء التحكيم على نفقتنا الخاصة، على سبيل المثال أجور المواصلات للتنقل بين الملاعب، هي بالكامل على نفقة الحكام الشخصية”، ورغم أن الحكام يحصلون على تعويض رمزي عن تحكيمهم لكل مباراة، إلا أن هذا التعويض على رمزيته لا يأتي إلا نادرًا، وتابع “نحصل على تعويض قدره 1950 ليرة عن كل مباراة، واليوم يشارف الدوري على الانتهاء، ولم نحصل إلا على تعويض أول خمس جولات فقط”.
ويبقى أكبر ما يؤرق الحكام هو الغياب الكامل لتعويضات الإصابة في حال حصولها “نحن في حقل رياضي، معرضون بأي لحظة للإصابة، والحكم الذي يتعرض للإصابة لا قدر الله، لن يجد أي تعويض عمل أو إصابة”.
تضم اللجنة التنفيذية للرياضة والشباب في درعا لجنة خاصة بالحكام، تضم 40 حكمًا خضعوا جميعًا لدورتين تدريبيتين في شؤون التحكيم، ويقتصر دور هذه اللجنة في الوقت الحالي على توزيع الحكام على جدول المباريات، والإشراف على دورات الصقل والتدريب.
ويطمح الحكام أن يتطور دور اللجنة في المستقبل لتأمين الدعم الخاص بالحكام، وهو الدور الذي تقوم فيه اللجنة التنفيذية في الوقت الراهن، كما يأمل الحكام أن تعمل اللجان الرياضية عمومًا على تأمين الضمانات المادية والصحية، التي تساهم بدورها برفع سوية المستوى التحكيمي.
أول ضحايا الثورة رياضي..
عشرات اللاعبين قتلهم الأسد في درعا
كان دور الرياضيين واندماجهم في أحداث الثورة بارزًا جدًا للمتابعين، فلا يغيب الرياضيون عن أي من مفاصل الثورة.
وكانت محافظة درعا مسرحًا لسقوط أول رياضي سوري، وهو من أوائل ضحايا الثورة السورية، إذ يغيب عن الكثيرين أن محمود الجوابرة، أول من سقط برصاص الأمن السوري في محافظة درعا هو لاعب لكرة القدم في نادي الشعلة.
نادي الشعلة، وهو أبرز أندية درعا، قدّم قائمة طويلة من الضحايا على يد النظام السوري في مختلف الرياضات، ففي كرة القدم تجاوز عدد القتلى 20 رياضيًا، أمثال عمر النجار وفادي بجبوج، وفي كرة اليد أمثال موسى الجهماني وخالد السلطي، لاعبي الفريق الأول في النادي، وصولًا إلى لاعبي كرة السلة أمثال عليوي القطيفان، وفي كرة الطائرة اللاعب أنور المسالمة، القيادي في الجيش الحر.
وعلى مستوى الألعاب الفردية في الكيك بوكسينغ، قتل اللاعب يمان الجوابرة بعدما انشق عن قوات الأسد وخاض معارك ضدها في محافظة إدلب. كما شهدت ألعاب القوى مقتل فياض أبازيد بطل سوريا في دفع الكرة الحديدة، والذي قضى في تفريق النظام لإحدى المظاهرات السلمية في مدينة درعا.
وأعدمت قوات الأسد اللاعب أنور الدغيم، أحد أبرز لاعبي درعا في المصارعة، وقتلت بطل سوريا والعرب والمتوسط في كمال الأجسام، نورس الطحيني.
وقد لا تكون النهاية في رزق القطيفان، الذي قضى في منتصف أيلول 2016، والذي يعد أحد أبرز المؤسسين والعاملين في المجال الرياضي في درعا، وسعى برفقة العشرات من زملائه نحو إعادة إحياء الفعاليات الرياضية في المناطق المحررة، بعد أن شهدت غيابًا تجاوز ثلاثة أعوام، فكان من الأسرة المؤسسة لنادي “الشعلة 18 آذار”.
رزق حاصل على شهادة في الهندسة الكهربائية، وهو عضو مؤسس في اتحاد كرة الطائرة الحر ولاعب نادي الشعلة، بالإضافة لكونه رئيس مكتب أمانة السر ولاعبًا في المنتخب السوري ونادي الوحدة سابقًا، بالإضافة لعمله التحكيمي كحكم في الدرجة الثالثة.
التحق قطيفان بصفوف فصيل “أنصار الهدى” العامل في مدينة درعا، وشارك ضمن معركة “قادسية الجنوب” التي أطلقتها فصائل المعارضة في ريف القنيطرة الشمالي، وشارك باختصاص “رشاش مضاد عيار 14.5مم”، لتتعرض سيارته لاستهداف مباشر من قبل قوات الأسد على تخوم سرية طرنجة في ريف القنيطرة، ما أدى إلى مقتله مع ثلاثة مقاتلين آخرين.
قائمة طويلة من الضحايا الرياضيين في درعا، مازالت مفتوحة حتى اليوم، تجاوز نصيب نادي الشعلة فيها 70 رياضيًا، بحسب الأرقام التي أوردها مكتب “توثيق الشهداء” في درعا.
التصعيد في حلب يصيب رياضاتها بالشلل
ينظر إلى حلب على أنها المدينة الرياضية الأولى في سوريا، قبل مشاركة جزئها الشرقي في الثورة ضد نظام الأسد، وخضوعه منذ أربعة أعوام لسيطرة فصائل المعارضة، لتتأسس نشاطات رياضية محلية في الأحياء المحررة، أصيبت مؤخرًا بالشلل جراء التصعيد الجوي والبري الواسع، المرافق للحصار البري.
تزامن إعداد الملف مع تصعيد هو الأعنف على مدينة حلب، تسبب منذ منتصف تشرين الثاني الجاري بمقتل ما لا يقل عن 400 شخص في الأحياء الشرقية، وتدمير أحياء بأكملها، لتقتصر النشاطات الرياضية على صالتي ألعاب قوى تستمر في عملها بصعوبة، وفي ظروف استثنائية.
رياضة حلب تفقد 90% من نشاطاتها
في لقاء مع سامر زيدان، مدير اللجنة التنفيذية للهيئة العامة للرياضة والشباب في حلب، أوضح لعنب بلدي أن تعيين أعضاء اللجنة التنفيذية كان في أيلول من العام الماضي، وتمت هيكلة اللجنة إداريًا، واستكملت هيكلة مكاتبها واللجان الفنية، ويقول “تواصلنا مع الرياضيين الموجودين على الأرض، واستقطبنا أكبر قدر من الرياضيين ووزعناهم على اللجان الفنية للوقوف على قدراتهم، وانطلقنا إلى بداية مشروع تأسيس صالات رياضية لتفعيل دور الرياضة في حلب”.
ويشير زيدان إلى بعض النشاطات التي توقفت بسبب التصعيد العسكري والحصار، ومنها مشروع “الطفل الرياضي السوري” الذي توقف بنسبة تتراوح بين 70و80%، كذلك فإن كرة القدم توقفت ونقلت إلى الصالات الداخلية للحفاظ على أمان اللاعبين، ولكن بعد بدء استهداف الأحياء السكنية بالصواريخ الارتجاجية أوقفت كليًا.
وطال القصف صالة التايكوندو وصالات أخرى لألعاب القوى، ما تسبب بوقوع ضحايا بين الرياضيين، وتوقف نحو 90% من النشاطات العامة.
وعن الأضرار المادية والبشرية جراء الحملة العسكرية، يوضح زيدان أن الهيئة خسرت المقر الرئيسي للجنة التنفيذية ومكاتبها، بالإضافة إلى خمس صالات وخسائر مادية كبيرة في الأصول، لكن الضربة الموجعة تمثلت بالخسائر البشرية، ففقدت رياضة حلب عددًا من المدربين والمتدربين من القواعد العمرية الجديدة، عدا عن الإصابات المتفاوتة.
لا يبدو زيدان يائسًا من واقع حلب المحاصرة، فمازالت بعض الأنشطة مستمرة، ومنها صالة التايكوندو بإدارة المدرب محمود برادعي، بعد أن نقل النشاط إلى صالة ثانية.
وكذلك تعمل صالة رياضة “وشو كونغ فو” بإشراف المدرب محمد مستو مع فئاته العمرية الجديدة، وسيعاد قريبًا تفعيل صالة الملاكمة لاستئناف التمارين.
رياضيون يواجهون الموت
توجهت عنب بلدي إلى صالة التايكوندو الوحيدة في حلب الشرقية، وحضرت جولة تدريبات لعدد من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثماني سنوات إلى 12 سنة ضمن مشروع “الطفل الرياضي السوري”، والتقت المشرف على الصالة، الكابتن محمود برادعي، والذي أوضح أن المشروع بدأ منذ نحو خمسة أشهر، ويتضمن ثماني ألعاب رئيسية.
يقول برادعي إن المشروع لاقى إقبالًا كبيرًا بالنسبة للأطفال عند الشروع به، فاضطر القائمون عليه إلى توزيعه على عدد من الصالات بإشراف أكثر من مدرب لاستيعابهم.
لكن ذلك تغير جراء التصعيد الأخير، وتابع الكابتن “في ظل الوضع الحالي يتملك الخوف أهالي الأطفال، لا سيما بعد استخدام الصواريخ الارتجاجية الجديدة، فأوقفنا جميع فعالياتنا على سطح الأرض، وأصدرت اللجنة التنفيذية قرارًا بالتدريب في صالات تحت الأرض جهزتها مسبقًا، ورغم ذلك فإن الصواريخ الجديدة طالت هذه الصالات، ما انعكس سلبًا علينا جميعًا”.
تسبب الحصار الاقتصادي والمعيشي المفروض على حلب الشرقية بانتكاسة في القطاع الرياضي، لا سيما أن أي نشاط يتطلب توفر الغذاء اللازم لتنميته، بحسب الكابتن برادعي، وأضاف “لا نسطيع إعطاء التمارين الكافية للاعبين، لأن ذلك سينعكس مباشرة على الغذاء اللازم للتعويض، وهو ما تسبب بإحجام عشرات الرياضيين عن الالتزام بتمارينهم”.
ينهي المدرب محمود برادعي حديثه بمشاعر حزن وأسى على أطفال دربهم وقتلوا بالقصف الأخير “أحد الأطفال قال لي: كيف سنلعب وصديقنا استشهد؟، وتساءل آخر: غدًا سيكون دور من فينا؟… الوضع سيئ جدًا، لكننا نحاول الاستمرار”.
حمص.. كرنفالات رياضية في ظل الحصار
في واحدة من أهم الحاضنات الرياضية في سوريا خلال عقدين سبقا الثورة ضد النظام السوري، غابت الرياضة عن مدينة حمص، مسقط رأس ناديي الكرامة والوثبة العريقين في سوريا، ولأن الحياة يجب أن تستمر رغم الحرب والحصار، احتضن حي الوعر، آخر الأحياء “المحررة” في المدينة، فعاليات رياضية رائدة على مستوى المناطق المحررة في سوريا.
وخلال فترة إعداد الملف، تعرّض حي الوعر لتصعيد عسكري عنيف من قبل قوات الأسد، برًا وجوًا، وبمختلف أنواع الأسلحة بما فيها القنابل العنقودية، ما تسبب بمقتل وإصابة عدد من المدنيين بينهم أطفال ونساء، وانعكس ذلك بشكل فوري على جميع مفاصل الحياة ما سبب صعوبة في تنفيذ الرياضات والفعاليات في الحي.
جالت كاميرا عنب بلدي في عدد من الصالات الرياضية، وحضرت حصصًا تدريبية لأطفال الحي بالرياضات الفردية وألعاب القوى، والتقت السيد عبد العزيز دالاتي، مدير اللجنة التنفيذية لهيئة الرياضة والشباب في حمص، والذي عمل سابقًا حكم درجة أولى في كرة القدم، وتعرض لاعتقال وتعذيب مطلع الثورة بسبب انحيازه لها، وما لبث أن أعلن انشقاقه عن الاتحاد الرياضي العام، وانتسابه للاتحاد الرياضي الحر.
وحول النشاط الرياضي في الوعر، يوضح دالاتي أنه في بادئ الأمر افتتحت مراكز تدريب لمختلف الرياضات بالتعاون مع رياضيين ذوي خبرة وكفاءة، بهدف إعداد جيل رياضي يكون مميزًا رغم القصف والحصار، ويحتوي الحي اليوم على رياضات: كرة القدم، جودو، كيك بوكسينغ، ملاكمة، كرة طائرة، كاراتيه، كرة طاولة، والهيئة بصدد دراسة مشروع افتتاح مركز شطرنج في الداخل.
وتمثل النجاح اللافت لرياضة حمص “الحرة” بمهرجان حمص الرياضي، بنسختيه الأولى والثانية (أيار 2015- أيار 2016)، والذي يصفه دالاتي بـ “الأولمبياد المصغر” داخل الوعر، يقول “المهرجان الرياضي الأول شارك فيه نحو 1250 رياضيًا من مختلف الأعمار، شاركوا في 11 رياضة، وكان بمثابة المشروع الأول من نوعه على مستوى المناطق المحررة في سوريا”.
وعقب المهرجان الثاني الذي أقيم قبل أشهر في الوعر، ورعته الهيئة العامة للرياضة والشباب، أقيم مهرجان مماثل في الغوطة الشرقية بريف دمشق حقق نجاحًا كبيرًا، كما يقول دالاتي، الأمر الذي اعتبره فخرًا للرياضة الحرة في سوريا.
اليوم هناك حملة عسكرية كبيرة على حي الوعر، الحياة معدومة والناس في الملاجئ، وبطبيعة الحال النشاطات الرياضية متوقفة، ولكن بمجرد أن تنتهي الحملة سيعود اللاعبون إلى مراكز التدريب والمدربون أيضًا، فالرياضة هي المتنفس الوحيد في الوعر، كما يرى دالاتي.
رياضة الجزيرة تغرّد خارج اتحاد النظام
أسوة بالمناطق السورية الخارجة عن سيطرة النظام السوري، تأسس في محافظة الحسكة كيان رياضي ارتبط عضويًا بـ “الإدارة الذاتية” المعلنة من قبل حزب “الاتحاد الديمقراطي” الكردي، وباشر نشاطاته بشكل فعلي منذ العام الفائت، بمعزل عن الاتحاد الرياضي العام في دمشق.
اتحاد رياضي بسبع لجان
وزارت عنب بلدي مقر الاتحاد الرياضي في مقاطعة الجزيرة التابعة لـ “الإدارة الذاتية”، وتحدثت إلى جميلة الشيخ عثمان، الرئيسة المشتركة للاتحاد، لتطلعها على واقع الرياضة في مدن وبلدات المحافظة.
وأوضحت الشيخ عثمان أن الاتحاد الرياضي تأسس في أيلول من العام الماضي، ويشرف على نشاطات في تسع مدن بمقاطعة الجزيرة، لكل مدينة مجلس رياضي خاص بها، ويعمل الاتحاد على تفعيل وتطوير الرياضات، وإجراء النشاطات والبطولات والمهرجانات على مستوى المقاطعة، إلى جانب الدورات الرياضية.
يتألف الاتحاد الرياضي من سبع لجان رئيسية، تضم: كرة القدم، الألعاب الفردية، الألعاب الجماعية، الرياضة الأنثوية، اللجنة المدرسية، ولجنة الإعلام.
لجنة الألعاب الفردية مسؤولة عن ألعاب القوة والقوى بشكل عام، وتقوم بتنظيم البطولات، في حين تشرف لجنة الرياضات الأنثوية على كل الرياضات التي تتوفر فيها رياضة أنثوية، مثل كرة الطائرة والسلة واليد، بحسب الرئيسة المشتركة للاتحاد، مشيرة إلى أن هناك صعوبات في تطوير لعبة كرة اليد بسبب قلة المنشآت المتخصصة بهذه اللعبة.
وتجري البطولات في 12 منشأة مرخصة من الاتحاد الرياضي، والذي أعطى ترخيصًا لـ 14 ناديًا في مقاطعة الجزيرة، أبرزها: قامشلو، كوباني، برخودان، الحرية، الخابور، ميتان، الجزيرة، هافال، وغيرها.
وأشارت الشيخ عثمان إلى صعوبات كبيرة تواجه الاتحاد في مدينة الحسكة، كون معظم المنشآت الرياضية تتبع للاتحاد الرياضي التابع للنظام السوري، وبالتالي يصعب استثمارها والاستفادة منها، لطبيعة العلاقة الندية بين الجانبين.
وأوضحت الرئيسة المشتركة إلى أن الاتحاد الرياضي ساهم في تشكيل لجنة مشرفة على مهرجان خاص لذوي الاحتياجات الخاصة، يجري التحضير له حاليًا.
وتعمل اللجنة بالتعاون مع هيئة العمل والشؤون الاجتماعية، وهيئة الصحة، وهيئة الثقافة والفن، بالإضافة إلى قناة “روناهي” المحلية.
حكم دولي اعتزل احتجاجًا على “ظلم” اتحاد النظام
التقت عنب بلدي الحكم الدولي رضوان عثمان، من مواليد مدينة قامشلي 1973، وهو أب لثلاثة أطفال، مارس التحكيم منذ عام 2000، ونال الشارة الدولية عام 2010، ليكون الحكم الدولي الوحيد في مدينته.
قاد الحكم الدولي العديد من المباريات الدولية، منها بطولة التضامن الإسلامي في أندونيسيا 2013، واختير كأفضل حكم مساعد في البطولة وقتها، كما قاد مباريات في بطولة غرب آسيا في قطر العام الماضي، إلى جانب مباريات الدوري الأردني، ومباريات تحضيرية لمنتخبات العراق والسعودية والكويت، فضلًا عن مباريات الدوري السوري.
اعتزل عثمان التحكيم خلال العام الجاري وهو في أوج عطائه، احتجاجًا على “الظلم والإجحاف” الذي لحق به لعامين متتالين، وحرمانه من الالتحاق بالنخبة الآسيوية، فلجنة الحكام في الاتحاد السوري منحت كرسي الالتحاق بالنخبة الآسيوية لحكام تابعين لها، بحسب ما أفاد.
ورغم اعتزاله التحكيم دوليًا، إلا أنه مايزال شغوفًا بمهنته، ويقود حاليًا عددًا من المباريات في مقاطعة الجزيرة، كما يعد مسؤولًا، برفقة شقيقه مروان عثمان، عن حكام المقاطعة في الدوري الكروي المحلي، وسيشرف خلال الأشهر المقبلة على دورات للحكام، وتصنيفهم إلى فئات متعددة بحسب الخبرة والأفضلية.
وانتقد الحكم الدولي واقع الرياضة في منطقة الجزيرة، فهو يراه يسير ببطء شديد، بسبب “عدم اختيار أشخاص مناسبين في أماكن مناسبة”، وقال “هناك بعض الأشخاص يعملون، لكن نوعيتهم لا تناسب الرياضة في مدينة القامشلي، والتي لها خصوصية ومستوى متميز عن باقي المناطق، فمستوى الرياضيين يفوق مستوى المسؤولين”.
ينظر عثمان إلى الواقع الرياضي في محافظة الحسكة بإيجابية، “قبل (الأزمة) كان نادي الجهاد يقوم بكل الأدوار، باعتباره الممثل الوحيد لمدينة القامشلي”، أما اليوم فهناك 12 ناديًا يتنافسون ضمن الدوري المحلي في المقاطعة، إلى جانب “الجهاد” الذي مازال يلعب في الدوري السوري العام، لكنه شدد على أن مقومات النجاح تعتمد على ملاعب ومنشآت ضخمة وسيولة مادية واختصاصات رياضية “كل ذلك لا يتم دون دعم الرياضة ماديًا.. وحاليًا هذا غير متوفر”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :