في عملية بربرية غير مسبوقة قوات الأسد تنتهك حرمة المدينة الجامعية في حلب وتوقع فيها العشرات بين قتيل وجريح ومعقتل
جريدة عنب بلدي – العدد 14 – الأحد – 6-5-2012
دمار شامل يعم أرجاء المكان، غرف محطمة مكسرة وأشياء مبعثرة هنا وهناك، جثث ملقاة داخل الغرف أو في الممرات أو خارج المبنى والعديد من الجرحى… صراخ يعلو ويعلو وصيحات التكبير وشهقات البكاء تطاول عنان السماء في ظلمة الليل ووحشة الاغتراب عن الأهل….
هذه الكلمات ليست مقتبسة من إحدى أفلام الرعب أو روايات الجدّات، إنها المدينة الجامعية في حلب، جامعة الثورة، التي انتفضت منذ ما يربو عن ثلاثة أشهر وعمّتها مظاهرات تطالب بإسقاط النظام وبالحرية… أبطالها طلاب لازالوا على مقاعد الدراسة يرسمون خطوط مستقبلهم ويحلمون بغد أفضل لهم وللوطن السليب.. آلمهم القصف والقتل والتهجير الذي طال المدن الجريحة فانتفضوا رفضًا للذل وسعيًا للحرية والعدالة والكرامة، وسقط الشهيد تلو الشهيد واعتقل العشرات من الطلاب، فاستمر زملائهم بالخروج للمطالبة بالإفراج عنهم وإعادتهم إلى مقاعد الدراسة التي اشتاقت لهم ونظموا اعتصامات كبيرة داخل أروقة الجامعة وحطموا تماثيل الأسد الأب ورموها أرضًا، فكان أن اقتحم شبيحة الأسد الوحدات السكنية بالرصاص والسكاكين وعاثوا فسادًا داخل المدينة الجامعية، حطموا الغرف وأضرموا النار فيها بعد أن نهبوا مقتنيات الطلاب الخاصة، وانهالوا عليهم بالرصاص فأسقطوا 6 شهداء، ألقوا اثنين منهم من الطابق الخامس في الوحدة 17 بكل وحشية، وجرحوا العشرات منهم أثناء هذه الحملة البربرية، كما غصت باصات الأمن والشبيحة بأكثر من مئتي طالب معتقل… أجبر أحفاد هولاكو طلاب الجامعة على الخروج من الوحدات السكنية وأمروهم بخلع ثيابهم وأوقفوهم عراةً في الساحة أمام وحدات البنات لزيادة إهانة الطرفين.. وبعد أن انتهوا من مجزرتهم البربرية، أجبروا كافة الطلاب على إخلاء الوحدات السكنية التي تضم حوالي 5000 طالب ورموهم في الشوارع.. الظلام دامس، والطلاب واقعون بين ظلمتين، ظلمة الليل الموحشة وظلم المستبد، دون مأوىً ولا يعلمون ما يفعلون من هول المصيبة، شباب وشابات يفترشون الطرقات، وشلالات من الدموع لم تتوقف… فالمناظر المأساوية لا يمكن أن تفارق مخيلة أحد منهم.. منهم من عاد إلى أهله ليلاً ومنهم من آوتهم بعض العائلات وبقي البعض في الشوارع..
وفي يوم الخميس، خرج طلاب الجامعة في مظاهرة عارمة منددين بالمجزرة التي حصلت ليلة الأربعاء وطالبوا بإطلاق سراح أصدقائهم المعتقلين، ولمّا كان من واجب إدارة الجامعة الرد، أصدرت قرارًا بتعليق الدوام في الجامعة حتى 13/5/2012 وأغلقت المدينة الجامعية حتى إشعار آخر.. أغلقت كي لا يرى أحد أو يسمع بالمآسي التي ارتكبها الطغاة داخل أروقتها ولتموت الثورة «حسب زعمهم» وحيدة دون سند أو معين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :