وليمة حلب

  • 2016/11/25
  • 10:36 ص
مهند الحاج علي

مهند الحاج علي

مهند الحاج علي – المدن

قبل أيام قليلة، وصف الرئيس السوري بشار الأسد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بـ”الحليف الطبيعي“ في حال وفى بوعوده بـ”قتال الإرهابيين“. كلام الأسد جاء في مقابلة مع التلفزيون البرتغالي الحكومي. التلفزيون ذاته نقل بالوقت نفسه تصريحاً أكثر أهمية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال زيارة رسمية للبرتغال، ربط فيه محاربة ”داعش“ بدعم الجيش السوري. أجاب السيسي على سؤال عن إرسال قوات مصرية إلى سوريا، بأن أولوية بلاده تكمن في ”دعم الجيش الوطني، على سبيل المثال في ليبيا لفرض السيطرة على الأراضي الليبية والتعامل مع العناصر المتطرفة وإحداث الاستقرار المطلوب، ونفس الكلام في سوريا … ندعم الجيش السوري وأيضاً العراق“.

هذا التصريح لم يكن بريئاً بطبيعة الحال، بل يبدو توقيته أمنياً، إذ تلاه كشف صحيفة لبنانية موالية للنظام السوري، أن 18 طياراً مصرياً باتوا في مطار حماه العسكري.

التحول المصري البطيء باتجاه النظام السوري، يأتي أيضاً في اطار تحولات دولية بدأت ولم تنته بانتخاب ترامب، وتشمل صعود فرنسوا فيون مرشحاً شبه محسوم لليمين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية. وكان فيون طرح التعاون مع موسكو والأسد لمواجهة تنظيم ”داعش“، كما فعل مرشحون بارزون عن اليمين المتشدد في أنحاء أوروبا. ولو استثنينا الرئيس الحالي الفاقد للشعبية فرنسوا هولاند، تتجه فرنسا بمرشحيها الأوفر حظاً إلى موقع سياسي أقرب للأسد سياسياً. على سبيل المثال، تنتخب النمسا رئيساً الشهر المقبل في انتخابات يميل المُرشح الأوفر حظاً فيها إلى التفكير الروسي حيال الأسد. هولندا أيضاً ستحذو حذو النمسا على الأرجح في انتخاباتها العامة بعد شهور.

حتى دونالد ترامب جونيور، الابن البكر للرئيس الأميركي المنتخب، ناقش الشهر الماضي في باريس مع مجموعة من 30 ديبلوماسياً وسياسياً، مسألة التعاون مع روسيا من أجل ايجاد حل نهائي للحرب في سوريا، بما يؤشر الى جدية المرشح الجمهوري حيال التقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذا الملف تحديداً.

كما تحصل هذه التغييرات والصين تُعزز تدريجياً وجودها العسكري الذي يقتصر حالياً على مستشارين وخبراء أسلحة، فيما تتردد أنباء عن احتمال نشر بكين صواريخ مضادة للدروع في محافظة اللاذقية حيث يُقاتل الحزب الاسلامي التركستاني إلى جانب تنظيمات سورية وإسلامية.

وسط كل هذه التغييرات المواتية، تواصل روسيا عملياتها العسكرية، وبدأت بالتنسيق المباشر مع قياديي ”حزب الله“ في الميدان، من أجل السيطرة على الشطر الشرقي من حلب. ولم يعد القصف على حلب وحصارها في أعلى قائمة الأخبار. سيُواجه 275 ألف مدني في الشطر الشرقي المحاصر، شتاء قارساً، في ظل سوء التغذية نتيجة صعوبة دخول قوافل المساعدات اليها، رغم الوعود المتكررة. وإذا أضفنا إلى ذلك، عملية تدمير آخر مستشفيات حلب الشرقية عمر بن عبد العزيز، تبدو الأزمة الانسانية مشرعة الأبواب.

العالم كله سيُطبق على شرق حلب، سياسياً وعسكرياً، أرضاً وجواً وحتى بحراً.

عدم التكافؤ في هذه الحرب وصل حداً غير مسبوق، يستدعي التفكير أكثر بأوصاف جديدة للصراع.

في إطار الحملات الإعلامية السابقة لتجنيد مقاتلين جدد، دعا أحد القياديين الآذربيجانيين في تنظيم ”داعش“، في فيديو نُشر على موقع ”يوتيوب“، أبناء جلدته للسفر إلى سوريا. لكنه لم يحمل رأساً مقطوعاً، أو استعرض قوته وترسانته من السلاح، بل حمل سيخ كباب أعده على الطريقة الآذربيجانية، والمعروف بإسم الشيشليك. ”هنا نأكل كباب الشيشليك يومياً“.

سوريا أكثر من حرب. إنها وليمة، والدعوة مفتوحة للجميع.

مقالات متعلقة

صحافة عربية

المزيد من صحافة عربية