قصف الطيران الحربي لا يهدأ.. حلب “جريحة” بلا مشافٍ
عنب بلدي – خاص
بعد فشل قوات المعارضة السورية، في الأسابيع الأولى من الشهر الجاري، بفك الحصار عن الأحياء الشرقية من المدينة، وخسارتها لعدة نقاط ومناطق سيطرت عليها مؤخرًا، توجهت أنظار موسكو والنظام السوري، لبدء العملية العسكرية التي حضرت لها منذ أسابيع، مستغلة التخبط السياسي الذي يشهده العالم في مجريات الرئاسة الأمريكية وتطوراتها.
حملة عسكرية واسعة النطاق
وبعد وصول حاملة الطائرات الروسية “الأميرال كوزنيتسوف”، إلى الموانئ السورية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية حملة عسكرية واسعة النطاق، بدأتها في ريفي حمص وإدلب، لتضم إليها مؤخرًا مدينة حلب.
هذه الحملة جاءت بعد عدة مناورات عسكرية روسية في المتوسط، وإعلان مصادر عسكرية دبلوماسية روسية، أن موسكو أعدت أطقم القاذفات الاستراتيجية الروسية “تو-160″ و”تو-95” في وضع التأهب والمهام القتالية، إضافة لاستخدام صواريخ الكاليبر في مدينة حلب لتحقيق إصابات دقيقة في الأهداف العسكرية”، بحسب بيان لوزارة الدفاع.
رئيس أكاديمية الدراسات الجيوسياسية الروسية، قسطنطين سيفكوف، أعلن في سياق هذه العملية، أن روسيا تستخدم أسلحة لأول مرة في التاريخ في سوريا، منظومة “باستيون” الصاروخية التي تهدف لـ” تدمير أهداف عسكرية، والتحقق من إمكانيات المنظومة في ظروف القتال الحقيقية ضد الأهداف البرية، ودراسة إمكانيات المنظومة كافة في ظروف القتال الحقيقية”.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية استخدام هذه الأسلحة، حيث قال وزير الدفاع، سيرغي شويغو، إن النظم الصاروخية الساحلية “باستيون” نفذت إطلاق صواريخ ضد أهداف في عمق الأراضي السورية، مضيفًا أن هذه الصواريخ مزودة برؤوس “ذاتية التوجيه” ومخصصة لتدمير الأهداف البحرية وليس البرية، وفي حال ضرب الأهداف البرية يجري القصف وفق معطيات نظم الملاحة، وقد يصل خطأ الإصابة إلى نحو 150 مترًا.
مشافٍ خارج الخدمة.. وغارات جوية لا تحصى
بعد إعلان الحملة العسكرية التي بدأتها روسيا ونظام الأسد على حلب، لم تهدأ الغارات الجوية على المدينة على مدى خمسة أيام متواصلة مركزة قصفها على الأحياء السكنية والمناطق المأهولة بالسكان، الأمر الذي أدى إلى وقوع مئات الضحايا بين المدنيين جلّهم من الأطفال والنساء.
عنب بلدي تحدثت مع مدير الدفاع المدني في مدينة حلب، إبراهيم الحاج، وقال إن “حصيلة الشهداء جراء الغارات الجوية على المدينة منذ بدء الحملة، بلغت 295 شهيدًا و860 جريحًا”.
الحاج أشار إلى أن الغارات الجوية التي يشنها الطيران الحربي السوري، تستهدف بشكل مباشر الأحياء السكنية والمناطق الحيوية التي تشهد حركة بين المدنيين.
وأعلنت مديرية صحة حلب الحرة في بيان لها، مساء الجمعة 18 تشرين الثاني، خروج كافة مشافي مدينة حلب عن العمل، مشيرةً إلى أنه “لم يبقَ أي مرفق صحي في المدينة، يقدم العلاج والإسعافات الأولية للمرضى والجرحى، بعد الغارات الجوية الهمجية من الطيران الحربي الروسي والسوري”.
البيان اتهم قوات الأسد والقوات الروسية باستخدام جميع الأسلحة والآليات العسكرية في قصف المدنيين من أطفال ونساء، متعمدًا استهداف البنى التحتية والمنشآت الحيوية والملاجئ.
وأفاد مراسل عنب بلدي في المدينة عن خروج المشافي الخمسة المتبقية في المدينة عن العمل، من بينها مشفى الأطفال الحكيم، ومشفيا البيان، والزرزور، إضافةً لخروج مشفى عمر بن عبد العزيز في حي المعادي، وهو آخر مشفى كان قد تبقى في حلب، وسقط فيه عدد من الضحايا بين الجرحى الموجودين فيه.
المراسل أضاف أن الطيران الروسي والسوري، ألقى براميل متفجرة تحتوي غازًا سامًا، ما أدى إلى عدد من حالات الاختناق بين المدنيين، في ظل نقص في المعدات الطبية، وأجهزة الرذاذ المستخدمة لهكذا حالات. الأمر الذي أكدته مصادر طبية في المدينة، وأرفقت ذلك بتسجيلات مصورة لحالات اختناق أصابت عددًا من المدنيين.
وأحصى الدفاع المدني في مدينة حلب، عدد قذائف المدفعية والغارات الجوية التي استهدفت مدينة حلب، والضحايا الذين سقطوا إثرها في يوم السبت 19 تشرين الثاني، وهو الأعنف منذ بدء الحملة، حتى لحظة إعداد التقرير. إذ بلغ عدد القذائف 2000 قذيفة من المدفعية المتمركزة على أطراف الأحياء الشرقية في حلب، إضافة إلى 250 غارة جوية استهدفت المشافي الميدانية والأبنية السكنية، في أقل من 24 ساعة.
الغارات الجوية السورية والروسية تركزت على أحياء قاضي عسكر، والزبدية، والأنصاري، والفردوس، وجسر الحج، والهلك، والشعار، وسيف الدولة، وبستان الباشا، والجلوم، إضافةً إلى الأنصاري والمرجة.
ردود فعل السياسيين والمنظمات الدولية الحقوقية
الأمم المتحدة
قال مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، يان إيجلاند، إن السكان المحاصرين في الأحياء الشرقية في حلب يواجهون لحظة قاتمة جدًا.
إيجلاند عزا ذلك إلى غياب الإمدادات الغذائية والطبية في ظل اقتراب فصل الشتاء، إضافة إلى توقع هجوم عنيف من قبل النظام السوري وحليفه روسيا.
البيت الأبيض
نددت مستشارة الأمن القومي الأمريكي، سوزان رايس، بالقصف الهمجي، الذي استهدف مشافي في الأحياء الشرقية من مدينة حلب، محذرة موسكو والنظام السوري من عواقب مثل هذه الأفعال.
وقالت رايس في بيان لها إن الولايات المتحدة “تدين بشدة الهجمات الرهيبة ضد منشآت طبية وعمال مساعدات إنسانية. لا عذر لهذه الأفعال الشائنة”.
وأضافت أن “النظام السوري وحلفاءه، بالأخص روسيا، مسؤولون عن العواقب الفورية وعلى المدى الطويل لهذه الأفعال”.
المنسق العام لهيئة التفاوض رياض حجاب
دعا المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب، إلى “تكثيف التحرك الدولي للضغط على نظام الأسد وحلفائه لوقف المجازر التي تحدث في حلب”.
وأكد حجاب أن روسيا وإيران تستغلان حالة الفراغ الدبلوماسي نتيجة توقف المفاوضات الأمريكية- الروسية لتصعيد الموقف ومحاولة الحسم بقوة السلاح، مشددًا على ضرورة إلزامهما بوقف الأعمال العدائية.
الائتلاف الوطني
أدان عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، بدر جاموس، الحملة الإجرامية التي تستهدف السكان المدنيين في حلب، بهدف فرض حل عسكري خارج إرادة السوريين، وقال إن “النظام وحلفاءه ضربوا عرض الحائط كل الأعراف والقوانين الدولية، ونسفوا القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان”.
وأضاف جاموس أن ما يقوم به الأسد وروسيا هو “قتل للعملية السياسية ودفن لها”، محملًا المسؤولية للمجتمع الدولي بشكل كامل نتيجة عجزه عن القيام بمهامه الأساسية وعلى رأسها حماية المدنيين.
الحكومة السورية المؤقتة
قال وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة الدكتور، محمد فراس الجندي، إن الهجمة العسكرية الأخيرة استهدفت المرافق والكوادر الطبية بشكل ممنهج من قبل طيران النظام وروسيا، مشيرًا إلى أن ذلك أدى إلى خروج المشافي الثلاثة العاملة في ريف حلب الغربي عن الخدمة، وتدمير أحدها بشكل كامل.
ولفت الجندي الانتباه إلى أن مدينة حلب شهدت قصفًا عنيفًا أصاب منظومات العمل الطبي والإسعاف، وأدى إلى توقف كامل للخدمات الطبية والعجز عن تلبية الاحتياجات اللازمة للمدنيين المحاصرين وعددهم 300 ألف نسمة.
منظمة أطباء بلا حدود
أكدت منظمة أطباء بلا حدود أن الهجمات العسكرية أدت إلى تدمير مشفى للأطفال ومشفى أخرى خاصة بالجراحة في مدينة حلب، وأن عدد المشافي المستهدفة تجاوز الـ 130 مشفى منذ مطلع العام 2016.
ودعت المنظمة كلًا من نظام الأسد وروسيا إلى “وقف حمام الدم” في حلب التي تتعرض لغارات جوية كثيفة، وإلى وضع حد لأعمال القصف التي تستهدف المدنيين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :