“بدّلها” من الخيمة للبيت.. مشروع لبناء وحدات سكنية في درعا

  • 2016/11/20
  • 1:38 ص
مشروع بلدها (فيس بوك)

مشروع بلدها (فيس بوك)

محمد قطيفاندرعا

تجاوز عمر بعض المخيمات في الجنوب السوري، ثلاث أو أربع سنوات، ومع استمرار الثورة وتصعيد قوات الأسد المستمر، تزداد أعداد المخيمات بشكل متصاعد، وتزدحم الخيام بقاطنيها، ومع غياب شبه تام لحلول إعادة الإعمار، أصبح من الضروري البحث عن حلول جذرية تساهم في رفع المعاناة الشتوية المتكررة، ليبرز إلى الواجهة اليوم، مشروع “بدّلها” الإعماري، الهادف إلى بناء 80 وحدة سكنية، تستهدف 500 شخص من المهجرين في المخيمات والسهول.

وتتواصل جهود الهيئات الإغاثية والإنسانية في الجنوب السوري لاستقبال فصل الشتاء، بشكل متسارع، حيث تعمل على التخفيف من معاناة سكان المخيمات، عبر توفير المساعدات الإغاثية، وإعادة تأهيل ما يمكن تأهيله من المخيمات والطرقات الواصلة إليها، ولكن تصطدم هذه الجهود دائمًا بواقع تفرضه طبيعة الخيم وكثافة النازحين إليها، ما يستوجب البحث عن بدائل جذرية، وحلول غير مؤقتة.

ويعتبر المشروع الذي تشرف عليه رابطة “أهل حوران”، بالتعاون مع منظمة “عيد” الخيرية، الانفراج الأول من نوعه لمأساة المخيمات في الجنوب السوري.

السيد أسامة النجار، مدير المكتب الإعلامي لرابطة أهل حوران، تحدث إلى “عنب بلدي” موضحًا أن الرابطة عملت بجهد للتجهيز لاستقبال فصل الشتاء، والتخفيف من قساوته على المتضررين، وقال “قمنا بخطوة استباقية بالبدء بتجهيز الوحدات السكنية، التي تبلغ مساحة الواحدة منها 53 مترًا مربعًا، تتضمن غرفتين ومنافعهما، تستوعب أسرة من ستة أفراد”.

وأوضح النجار أن هذه الوحدات السكنية ستكون مجهزة بتمديدات المياه والصرف الصحي، “ولكن لن يغطي المشروع في مرحلته الحالية، التجهيز الداخلي للوحدات السكنية على مستوى المفروشات وغيرها، ولكن هناك مشاريع قادمة لتوزيع المدافئ ومواد التدفئة ومشاريع البطانيات، بالإضافة لمشاريع الألبسة الشتوية”، لتضاف هذه المشاريع الطارئة، لجملة مشاريع الطحين والمواد الغذائية والعيادات المتنقلة، و”قائمة طويلة من مشاريع المخيمات”، حيث تعتمد الرابطة في عملها على دراسة المشاريع وخطط المعالجة وتقديمها للهيئات والمنظمات المانحة ليصار إلى اعتمادها لاحقًا، حيث تتقدم مشاريع الشتاء أولوية عمل الرابطة اليوم، بحسب النجار.

ويطرح العدد المحدود للوحدات السكنية، مع الكثافة العالية للمخيمات، السؤال عن أولوية المستفيدين من هذا المشروع، وأجاب النجار في هذا الصدد، أن الرابطة وضعت مخيمات القطاع الأوسط الذي يضم مخيم ومساكن زيزون، بالإضافة لمخيمات الأمل وجباتا والبريقة في القنيطرة على رأس الأولوية، “يلي هذه المخيمات، تجمعات الأهالي الهاربين من القصف في المناطق الساخنة، والمقيمين في الخيام على أطراف القرى والبلدات، وفي بعض المدارس، بالإضافة للعائلات المتعففة والفقيرة”.

فرق الإغاثة في الرابطة عمدت إلى إجراء مسح مبدئي، أظهرت نتائجه وجود أكثر من عشرة آلاف عائلة بحاجة للاستفادة من هذه المشاريع، بحسب النجار، مضيفًا “العدد قابل للارتفاع أو الانخفاض، تبعًا للظروف الأمنية، ونحن نعمل بالشراكة والتنسيق مع المجالس المحلية، ضمن المناطق التي تستهدفها مشاريعنا، وبالتالي فإن هذه المجالس، ستكون مسؤولة عن وضع آليات ومعايير إسكان المهجرين، حسب الأولوية المعتمدة”.

التوجه نحو هذه المشاريع الإعمارية، لا يعني بحسب النجار، أن مرحلة إعادة الإعمار قد بدأت، “بل تندرج هذه المشاريع في إطار الخطط الإسعافية لتخفيف معاناة المهجرين قسرًا من بيوتهم”، ولم تغفل الرابطة في دراستها لهذا المشروع، قيام النظام بقصف هذه الوحدات السكنية، لتعمد الرابطة إلى دراسة الأخطار بشكل مسبق، “أخذنا بعض التدابير للتخفيف من أثر قصف النظام”.

ولم يكن التخوف من هجمات النظام المتكررة، هو التحدي الأكبر أمام هذا المشروع، إذ يعتبر الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء، التي تصل للمناطق المحررة، قادمة من مناطق سيطرة قوات الأسد، واحدًا من جملة التحديات التي تواجه المشروع، وأكّد النجار “يمكننا التغلب على هذا الارتفاع في الأسعار، بزيادة التكلفة التأسيسية للمشروع، ولكن المشكلة الأكبر التي يصعب وجود حل لها حتى اللحظة، هو العدد الكبير من المهجرين والنازحين، في معظم مناطق الجنوب السوري عمومًا… لا تتوفر القدرة على استيعاب جميع المهجرين ضمن هذه الوحدات السكنية، وعلينا ألا ننسى أن القصف المستمر للنظام، والخوف الدائم لكثير من الأهالي، يدفعهم نحو النزوح عن منازلهم بشكل متكرر”.

يبدو أن الجلوس في انتظار انفراج “الأزمة السورية” لم يعد يروق لأهل المخيمات، ومع قدوم فصل الشتاء في كل عام، تتصاعد نبرة الخوف والتحذير، من كوارث مقبلة، فأصبح لزامًا على الجهات المسؤولة، والهيئات الإغاثية توجيه التركيز للبحث عن الحلول الجذرية التي ترفع هذه المعاناة عنهم، وسط تساؤلات يطرحها أهل المخيمات أنفسهم، هل استبدال الخيام، بالمساكن المؤقتة، هو الخطوة الأولى نحو إيجاد المخيمات الدائمة، البديلة عن المساكن الأصلية، وهل نحن اليوم بصدد تكرار سيناريو مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ومخيمات النازحين الجولانيين؟ الإجابة فيما تحمله الثورة في مقبل الأيام.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية