أحمد الشامي
في العشرين من كانون الثاني المقبل، سوف يؤدي الرئيس الخامس واﻷربعون للولايات المتحدة القسم الدستوري في “واشنطن”. اسم هذا الرئيس العتيد: دونالد ترامب.
مع اﻷسف هذه ليست مزحة ولسنا في أول نيسان… نعم، لقد اختار اﻷمريكيون رجلاً لا يفقه في السياسة شيئاً كرئيس للقوة اﻷعظم.
الزلزال السياسي المسمى “ترامب” بدأ منذ عام 2011 حين طرح الرجل علناً السؤال حول “أمريكية” الرئيس “باراك أوباما”.
“ترامب” طلب من “أوباما” أن ينشر شهادة ولادته لكي يتأكد اﻷمريكيون أن رئيسهم قد ولد فعلاً في “هاواي” وليس خارج الولايات المتحدة، علماً أن الدستور اﻷمريكي يقضي بأن يكون الرئيس المنتخب أمريكياً وأن يكون مسقط رأسه في الولايات المتحدة.
بالمقابل، “أوباما” انتهز فرصة اجتماع مندوبي وسائل اﻹعلام في البيت اﻷبيض أواخر عام 2011، لكي يسخر علناً من “دونالد ترامب” ويهين الرجل بعبارات لا تليق برئيس دولة.
حسب البعض، فقد قرر “ترامب” يومها أن ينتقم من الرئيس اﻷسمر و”يشرشحه” وهو ما يحصل حالياً، يكفي رؤية تعابير وجه “أوباما” وهو يستقبل خليفته في البيت اﻷبيض لكي ندرك مدى خيبة الرجل.
يحق للسوريين أن يشمتوا بالرئيس اﻷسمر الذي واجههم بالاحتقار والازدراء، لكن خليفته لن يكون أفضل.
بحسب البعض، لن يصل للبيت اﻷبيض رئيس أكثر سوءاً من “أوباما” فيما يخص السوريين.
في رأيي، قد يكون “ترامب” أسوأ من “أوباما”… لن يكون الفارق كبيراً، ففي أسوأ اﻷحوال، ستتم ٳضافة الصواريخ الأمريكية ٳلى قنابل “بوتين” وبراميل “اﻷسد”. سيقول قائل، عن حق، إن الشاة المذبوحة لا يؤلمها السلخ، المشكلة أن “الشاة” في هذه الحالة هي الشعب السوري الذي ابتلاه الله بأسوأ البشر وبأنذل اﻷصدقاء وبأحقر القيادات في تاريخ البشرية.
لن يكون السوريون وحدهم من “يتمتع” بفضائل القيادة الحكيمة في البيت اﻷبيض. سوف يتمتع اﻷمريكيون أيضاً بخيرات انتخاب السيد “ترامب”، الذي سوف تبدأ مشاكله منذ اليوم اﻷول لدخوله البيت اﻷبيض.
نخشى أن يتحوّل مقرّ الرئاسة اﻷمريكية إلى “سيتكوم” لبرامج تلفزيون الواقع وأن تكون المنافسة على أشدها ما بين برنامج “عائلة كارداشيان” وبرنامج “الصعلوك اﻷشقر في البيت اﻷبيض”.
أحد الخبراء في الحياة السياسية اﻷمريكية يتوقع أن تهطل الدعاوى والاتهامات على السيد “ترامب” مثل المطر، وربما يتم اتهامه بالتخابر مع دولة أجنبية وبقبض الرشاوى والفساد. هناك احتمال أن تتم ٳقالة الرجل قبل انتهاء ولايته ٳن لم يخرج السيد “ترامب” من جلده ويفاجئنا بواقعية ورصانة لم نعهدهما منه، ويصغي لنصائح مستشاريه وكبار مسؤولي الحزب الجمهوري.
ليست الولايات المتحدة وحدها هي التي تدخل في مرحلة اضطراب سياسي وقلاقل سوف تتصاعد مع تزايد إحباط اﻷمريكيين ومع الفشل المتوقع لسياسة السيد “ترامب” الغوغائية واللاعقلانية.
العالم كله سوف يدخل في مرحلة من الاضطراب السياسي والجيوستراتيجي، سوف نشهد سباق تسلح محموم بدأت بوادره في الظهور مع صفقات السلاح الضخمة التي نالتها “فرنسا” ذات السياسة المستقلة عن الولايات المتحدة.
“النظام العالمي” الذي يحتضر منذ صفقة الكيماوي المشينة سوف يتم إشهار وفاته، وسنشهد نهاية نظام “السلبطة” الدولي المسمى زوراً “مجلس الأمن”.
كل القيادات السياسية المسؤولة والتي تحترم نفسها سوف تسارع للتزود بالسلاح خاصة الاستراتيجي والنووي وسنرى سياسات اقتصادية أنانية وإجراءات حمائية سوف تدخل الاقتصاد العالمي في مرحلة من الركود والتراجع.
بدل أن تندمج سوريا في المجتمع الدولي، يبدو أن المجتمع الدولي “يتسورن”…
سؤال أخير، من كان يتحجج “بفيتو أوباما” المفروض على تسليح السوريين، ما هي الحجة التي بقيت لديه الآن وهو يرى “الرئيس اﻷسمر” يحزم حقائبه بمذلة؟