عفاف جقمور – إدلب
داخل بيت صغير من ثلاث غرف، يتجمع يوميًا عشرات التلاميذ والطلاب، بعد أن غدا البيت معهدًا للتعليم ومحو الأمية تحت اسم “معهد الكندي”، فتحولت غرفه إلى صفوف، تديرها أختان من مدينة معرة النعمان في ريف إدلب.
تدرس المعلمات في المعهد ثلاث لغات رئيسية، هي الإنكليزية، والفرنسية، والتركية، إضافة إلى برامج لمحو الأمية، يدرنها بطرقهنّ الخاصة.
عادت الأختان علا ورجاء الأسعد إلى مدينتهما معرة النعمان، في ريف إدلب، بعد سيطرة المعارضة عليها صيف عام 2012، لتؤسسا المعهد الذي يُقدّم خدماته لأهالي وطلاب المدينة مجانًا حتى اليوم.
في ذلك الوقت تركت الأختان تعليمهما في كلية الآداب بجامعة حلب، تحت وطأة ضغوط أمنية وخوفًا على نفسيهما، إلا أنهما وجدتا فراغًا تعليميًا “كبيرًا”، لذلك كرّستا عملهما لترقيته و”لخدمة مجتمع أثرت عليه الحرب”، على حد وصفهما.
وتقول علا (25 عامًا)، طالبة أدب فرنسي ومديرة المعهد، لعنب بلدي إنها تألمت بعد توثيق عشرات الطلاب المتسربين من المدرسة، والذين لا يعرفون كتابة اسمهم رغم كبر عمرهم، إضافة إلى من لم يكونوا يستطيعون الالتحاق بدورات التأهيل للشهادتين الأساسية والثانوية العامة، لقلة الإمكانيات المادية في ظل الحاجة للدروس الخصوصية.
بعد مرور أشهر انضم للأختين خمس معلمّات، وتزايدت أعداد المستفيدين منه بشكل تدريجي من المرحلتين الابتدائية والإعدادية، إلى ما يقارب 400 طالبٍ وتلميذٍ حاليًا، وتتابع المعلمات عملهن كمتطوعات منذ أربع سنوات حتى اليوم.
آمنة العريض، إحدى المعلمات المتطوعات في المعهد، تقول لعنب بلدي إنها أحبت أن تتطوع لمساعدة الطلاب وتعويض النقص بعد دوامهم المدرسي، ولدعم النساء غير المتعلمات.
وتؤكد مديرة المعهد أن بعض الطلاب يعملون ويعتمدون على المعلومات التي يحصلون عليها منه، مشيرة “بدأنا مع بعضهم من مرحلة مسك القلم، وقبل أيام أخبرني أحدهم أنه قرأ النشرة المرفقة في دواء أمه دون أي صعوبات، وهذا أمر أسعدني”.
رجاء الأسعد (20 عامًا)، أخت مديرة المعهد وطالبة الأدب الإنكليزي، تدير نشاطات مختلفة بين الفينة والأخرى، وتتنوع بين الأغاني والمسرحيات باللغة الإنكليزية، إضافة إلى نشاطات أخرى ترعاها المنظمات الإنسانية، وإحداها شبكة “أمان”، ويقول مديرها رياض العزو، لعنب بلدي، إن فريقها يُحضّر لنشاط تعليمي وترفيهي داخل المعهد خلال الأيام المقبلة.
نظّمت الأسعد ثلاث مسرحيات خلال الأشهر الستة الماضية، لزيادة مهارة الطلاب في اللغة الإنكليزية، وتشير في حديثها إلى عنب بلدي إلى أن “كفاءة المعهد في التدريس وكونه مجانيًا جعل الجميع يتوافدون عليه من كافة أنحاء معرة النعمان”.
تطمح الأختان لتوسعة المعهد وزيادة مساحته وعدد صفوفه، وتحاولان مع المعلمات تأسيس منهاج خاص بمحو الأمية، وإدخال اللغة التركية بشكل أكبر إلى ثقافة المدينة، ليكون داعمًا للمؤسسات التعليمية المنتشرة في محافظة إدلب.