قدّمت جمعية “شيربا” الفرنسية غير الحكومية شكوى قضائية في باريس، الثلاثاء 15 تشرين الثاني، ضد شركة “لافارج- هوسليم” لإنتاج الإسمنت ومواد البناء، بسبب الدور الذي لعبته في “تمويل الإرهاب” و”الشراكة في ارتكاب جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية” و”تهديد حياة لآخرين”، بحسب الجمعية.
ووفقًا لصحيفة “الشرق الأوسط”، فإن الشكوى قدمت بالشراكة مع المركز الأوروبي لـ “الدفاع عن الحقوق الإنسانية والدستورية”، وقدامى موظفي شركة “لافارج- سوريا” التابعة للشركة الأم.
وتأتي الدعوى القضائية ضد الشركة تتمة لتحقيقات أجريت بشأن نشاطاتها في سوريا، وطريقة تعاملها مع “تنظيمات إرهابية” بين عامي 2013 و2014، بحسب الصحيفة.
وأوضحت ميريام سعاج معاب، مديرة القسم القانوني في المركز الأوروبي، أن حالة “لافارج” في سوريا “تبين كيف أن شركات متعددة الجنسية العاملة في مناطق تشهد اضطرابات، يمكن أن تغذي النزاعات المسلحة، وتساهم في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”.
وأضافت ميريام أن شركات مثل “لافارج- سوريا” يجب أن تحاسب بسبب “مسؤوليتها في تغذية النزاعات وتمويل تنظيمات إرهابية”.
في حين أشارت مديرة جمعية “شيربا”، ليتيسيا ليبير، إلى أنها “المرة الأولى التي تقدم فيها جمعيات شكوى ضد شركة متعددة الجنسيات، بتهمة تمويل الإرهاب والشراكة في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
ووفقًا للتفاصيل التي سردتها “الشرق الأوسط” فإن “لافارج” أخرجت موظفيها الأجانب، وغالبيتهم من مصر والصين، من سوريا عام 2012، بعد أن اقتربت الحرب من الرقة وحلب والشمال، فيما استمر عمالها المحليون في تشغيل المصنع.
وفي عام 2013، عندما نجح تنظيم “الدولة الإسلامية” في السيطرة على المنطقة، وعلى الطرقات التي يوجد فيها مصنع “جلبية” التابع للشركة، أقيم نوع من الاتفاق بين “لافارج” والتنظيم، من أجل تسهيل عمل المصنع والمحافظة على إنتاجه، بحيث لا يتعرض العمال للمضايقة أو الخطف.
وتتمكن “لافارج” بالمقابل من الحصول على المواد الأولية الضرورية لإنتاج الإسمنت، ومنها المشتقات النفطية، والتمكن من إيصاله إلى الأسواق مقابل مبالغ مالية كبرى، ما يعد مساهمة في تمويل “داعش”.
تتهم “شيربا” الشركة بتهديد حياة العمال والموظفين، وعدم اتخاذ التدابير الكافية لحمايتهم من الخطف أو القتل، ونقلت شهادات لعمال سابقين في المصنع أكدوا فيها أن إدارة الشركة “استخدمتهم كدروع بشرية لحماية إنشاءاتها ومصالحها”.
وأشار التقرير إلى أنه وبحسب شهادات إدارة الشركة في سوريا والشركة الأم في باريس، فإن إيصال الأموال تم عبر فراس طلاس، والذي تضاءلت حصته مع الوقت من 20% إلى نحو 1%، وهو من كان “يقوم بإيصال الأموال إلى التنظيمات المسلحة بعد أن انشق عن النظام وأقام في دبي”، وساهم في “تمويل النشاطات العسكرية لعدد من الفصائل”، لكن الأخير ينفي أن يكون قد تعامل مع “داعش”، بحسب “الشرق الأوسط.
وكانت عنب بلدي سلطت الضوء على تقرير لصحيفة “لوموند” الفرنسية، في 22 حزيران الماضي، يشير إلى تورط “لافارج” في دفع أموال لتنظيم “الدولة”.
ويقع مصنع “لافارج” الإسمنتي في قرية “جلبية” الواقعة قرب مدينة عين العرب (كوباني)، وإلى الشمال الغربي من بلدة عين عيسى في محافظة الرقة، على طريق حلب- الحسكة، واشترته الشركة الفرنسية عام 2007 من شركة “أوراسكوم” المصرية.
وقدرت قيمة المصنع حين شرائه بحوالي 600 مليون يورو، وهو ما جعله المشروع الأكثر أهمية في الاستثمارات الخارجية لـ “لافارج”، وهي أضخم شركة إسمنتية في العالم.
واضطرت الشركة إلى منح نسبة من أسهم الشركة إلى رجل الأعمال السوري المقرب من النظام آنذاك فراس طلاس، تماشيًا مع القانون السوري، وأطلق على الفرع السوري اسم “Lafarge Cement Syria”.