واردات وصادرات ونار ودبابات!! اتفاقية التجارة الحرة بين دمشق وطهران
جريدة عنب بلدي – العد14 – الأحد – 6-5-2012
تسعى معظم دول العالم إلى تطوير علاقاتها الاقتصادية مع دول الجوار بإقامة منطقة تجارة حرة تهدف إلى إزالة جميع القيود أمام حركة التبادل التجاري بين الدول المشاركة في الإتفاقية. وربما تتطور هذه العلاقات مستقبلًا تمهيدًا للوصول إلى الاتحاد الاقتصادي الكامل كما حصل بين دول الاتحاد الأوربي. إذ يقوم التعاون الاقتصادي على مبدأ وقاعدة المنفعة الاقتصادية والسياسية التي يربح معها الجميع. ولكن لكل قاعدة استثناءات، فقد تنشأ هذه العلاقات على أساس تقديم تنازلات سياسة واقتصادية من الطرف الأضعف لصالح الطرف الأقوى ولو كانت على حساب مصلحة البلد والاقتصاد.
يواجه الاقتصاد السوري منذ قرابة العام حصارًا اقتصاديًا مفروضًا عليه من المجمتمع الدولي بسبب قيام النظام السوري بقتل شعبه واستخدام أمواله في مشاريع سياحة الدبابات وبناء منتجعات ومسابح تملأ بماء الدم السوري..!! فمثل هذه الاستثمارات النادرة في العالم تحتاج إلى أموال ضخمة تعجر الميزانية الحالية للحكومة عن تمويلها وخاصة مع جفاف منابع الموارد المالية للنظام. فالمنطق الاقتصادي ينص على ضرورة إيجاد شريك وممول طالما أن الفكرة موجودة والمشروع قائم، فكان لابد من اللجوء إلى شريك ممول ومستشار مالي وهندسي وعسكري لضمان إمكانية استمرار مشروع سياحة الدبابة وملئ المسابح بالدم بدلاً من الماء.
فمن هو هذا الحليف والممول المالي؟
وقّع الممول الايراني مع الشريك الأسدي في طهران في شباط الماضي على الخطة التنفيذية لاتفاقية التجارة الحرة بين دمشق وطهران. وتهدف الخطة إلى تنفيذ منطقة التجارة الحرة على مدى خمس سنوات من خلال التخفيض التدريجي للرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على السلع والخدمات المتبادلة بين الشريكين، وتعتبر الاتفاقية سارية المفعول بدءًا من 21 أذار (مارس) الماضي. فالتدرج في تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة أمر مهم وضروري حتى يتم إعطاء الفرصة الكافية للحكومة لإيجاد مصادر دخل أخرى تعوضها عن خسارة الإيرادات الناجمة عن إلغاء الرسوم الجمركية. ولكن مستثمر الدم السوري والممول الإيراني على عجلة من أمرهما، فعالم المال والجشع لايعرف الإنتظار فقد تتفتح زهور الربيع السوري وتفطف ثمارها في أي لحظة ومدة الخمس سنوات غير مجدية اقتصاديًا للمساعدة بإنجار مشروع سياحة الدبابة فكان لابد من حرق المراحل.
فقد قام وزير الاقتصاد السوري محمد نضال الشعار ووزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني مهدي غضنفري بتوقيع اتفاقية تختصر كامل مدة الخمس سنوات لتحقيق اتفاقية التجارة الحرة وتخفيض الرسوم الجمركية إلى نسبة 4% فقط على السلع المتبادلة بين طهران ودمشق وبدء التطبيق فورًا اعتبارًا من تاريخ 28 نيسان. فأصبح بمقدور البضائع السورية دخول الأسواق الإيرانية دون أي ضرائب أو رسوم جمركية مع استثناء عدد قليل من المستوردات التي ستعفى في غضون شهر.
هل هذه الإتفاقية فعلاً حرق للمراحل أم حرق للشعب السوري وإنعاش للنظام؟
يبلغ حجم المبادلات التجارية بين سورية وإيران حسب تصريح الوزيرغضنفري بـ 700 مليون دولار وأنه نظرًا لتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة فإن حجم التبادل سيصل إلى ملياري دولار خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
من خلال إلقاء نظرة على حجم الصادرات والواردات السورية مع إيران نلاحظ من المخطط البياني أدناه أن الميزان التجاري السوري-الإيراني عاجز بشكل فاضح لصالح إيران وأن سورية تستورد أضعاف ما تصدره لإيران. فلن تصب هذه الإتفاقية إلا في مصلحة إيران التي تعاني هي أيضًا من حصار اقتصادي مفروض عليها من الغرب، إذ لم تدرك طهران أن الحملة العسكرية ضد الشعب السوري المدعومة من قبلها إلى جانب الصين وروسيا أدت إلى تراجع الإنتاج السوري وتوقفت العديد من المنشآت والورش عن العمل فلم يعد هناك إنتاج يكفي لسد حاجة السوق المحلية فكيف ستصدر دمشق لطهران من أجل الاستفادة من هذه الفرصة الذهبية. فما سيحدث هو العكس تمامًا سوف تزداد المستورادت السورية من إيران ويزداد العجز التجاري لصالح طهران.
الصادرات والواردات السورية مع إيران
وأخيرًا تقديم إيران تنازلات اقتصادية لسورية ليس من أجل إنعاش الشعب السوري، بل من أجل إنعاش الرجل المريض وإرسال رسالة معنوية ومادية تساعده على الإستمرار بسياحة الدبابات وملىء مسابح الدم. إنها إتفاقية متاجرة حرة بالدم السوري ولكن سينقلب السحر على الساحر.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :