مراد عبد الجليل – عنب بلدي
مايزال سوق الذهب نشطًا في مدينة إدلب، شمال سوريا، بالرغم من استمرار القصف اليومي الذي تتعرض له المدينة عقب سيطرة فصائل المعارضة السورية عليها في آذار العام الماضي.
سوق للذهب يضم حوالي عشرين محلًا وصائغًا في المدينة، إضافة إلى المناطق الأخرى التي ينشط فيها البيع والشراء، كمدن وبلدات الدانا، سراقب بنش وخان شيخون، وذلك يشير إلى استمرار المواطنين في اقتناء الذهب بالرغم من ارتفاع أسعاره ووصول الغرام إلى حدود 19 ألف ليرة سورية.
جمعية خاصة لتسعير الذهب
عقب خروج المدينة عن سيطرة النظام السوري، قرر مجموعة من التجار والصاغة في إدلب تشكيل جمعية مصغرة، خاصة بضبط الأسعار وتحديد كيفية تصدير واستيراد الذهب من مناطق النظام وتركيا، حسبما يقول عضو الجمعية، إبراهيم مصطفى عوض.
وأكد أن الجمعية كانت تتبع بشكل أساسي في عملها إلى الجمعية الرئيسية الموجودة في مناطق النظام في حلب، لكن تم قطع التعاون معها منذ وقت طويل، وبعدها قام الصاغة باختيار صائغين من أصحاب الخبرة الكافية في هذا المجال من أجل تسعير الذهب بالاعتماد على سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية بشكل يومي، إضافة إلى سعر الأونصة عالميًا.
طريقان مختلفان لوصول الذهب إلى المدينة
الذهب يصل إلى إدلب من خلال طريقين، الأول عن طريق تركيا، حيث يدخل “الذهب الخام” بشكل نظامي عن طريق معبر باب الهوى الحدودي، ثم يتم تهريبه إلى مناطق النظام في حلب وتبديله بـ”ذهب مصنع”، الأمر الذي يجعل سعره في إدلب أقل من مناطق النظام بقليل.
وقد وصل سعر الغرام عيار 21 قيراطًا إلى حدود 18700 ليرة سورية، في حين بلغ سعر الغرام 18 قيراطًا 16028 ليرة، أي أرخص من السعر الصادر عن جمعية الصاغة التابعة للنظام، التي أعلنت أن سعر الغرام عيار 21 بلغ، السبت 12 تشرين الثاني، 18900 ليرة، في حين بلغ عيار 18 قيراطًا 16200 ليرة.
ويقوم البعض بتهريب الذهب بين إدلب ومناطق النظام، لكن هذا الطريق يلاقي صعوبات كثيرة نتيجة الحواجز الأمنية التابعة للنظام المنتشرة على طول الطريق الواصل بين حلب وإدلب.
انتشار التزوير والإقبال مستمر
لا يكاد يخلو الذهب الذي يدخل إلى المدينة من التزوير، وخاصة القادم من مناطق النظام، فالقطع الذهبية التي تحتوي على ختم جمعية صاغة النظام تكون سليمة، في حين هناك بعض التجار في حلب يقومون ببيع قطع غير مختومة بأسعار أقل وتكون بعضها مزورة.
لذلك فإن صاغة إدلب يقومون بالكشف عن قطع الذهب المزورة بحرقها ثم وضعها بروح الملح (حمض كلور الماء)، ويعمد بعض الصاغة إلى حرقه أكثر من مرة، لأن القطع الذهبية تكون في بعض الأحيان “ملبسة” بسماكة كبيرة، ما يصعّب كشفها.
أما فيما يخص حركة البيع والشراء، على خلاف المتوقع نتيجة الأوضاع، مازالت نشطة في المدينة، إذ يباع شهريًا مقدار 500 كيلو ذهب، بحسب عوض، عضو جمعية الصاغة في إدلب، ويعود ذلك إلى انتشار “تجارة الذهب” من خلال تجار يشترون كميات منه ويحتفظون بها إلى حين ارتفاع الذهب.
أما المناسبات، وخاصة الزواج، فقد تغيرت العادات كثيرًا، حسبما قالت سهام الدباغ، نازحة من مدينة حماة إلى أريحا بريف إدلب، “العادات والتقاليد المرتبطة بالذهب تغيرت حاليًا، فبينما كان يشترى للمناسبات والهدايا، أصبح الأمر مقتصرًا على الزواج فقط والشراء للعروس حين زواجها ويكون بمثابة مهر لا بمثابة هدية”.
وأكدت الدباغ أن بعض الأشخاص يقومون بشراء الذهب، عند توافر المال، لتخبئته وبيعه في المستقبل والاستفادة منه في حال الوقوع في ضائقة مالية.
كما أشارت إلى انتشار قطع خفيفة الوزن من الذهب في الأسواق حاليًا، يتم شراؤها من أجل “المنظر” فقط، وأحيانًا لا تكون لها قيمة مادية كبيرة.
استمرار الحياة هو عنوان المواطن السوري في مناطق المعارضة بالرغم من كل المعاناة التي يتعرض لها والقصف المستمر من طيران الأسد وحليفته روسيا، وما الإقبال على شراء الذهب إلا دليل واضح على هذه الاستمرارية في تحد واضح لنظام الأسد ومن يدعمه.