عنب بلدي – خاص
غابت الفعاليات المدنية عن ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي، طيلة سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على معظم مدن وقرى هذه المنطقة المتاخمة للحدود مع تركيا لأكثر من عامين، لتظهر مؤخرًا فعاليات احتضنتها مدينة جرابلس المحررة حديثًا، بدعم من لجنة “إعادة الاستقرار”.
وتأسست اللجنة بقرار من مجلس محافظة حلب “الحرة”، مطلع كانون الأول من العام الفائت، وتحدث الأستاذ مناح ديب، مسؤول الدراسات والإعلام في اللجنة، عن عملها، مطلعًا عنب بلدي على أعمالهم المستمرة حتى اليوم.
تقييم الاحتياجات وفعاليات لإعادة الحياة
تتكون اللجنة من عدة مكاتب، هي: الهندسية والتعليمية والقانونية والطبية والقانونية، إضافة إلى مكتب الدراسات والإعلام، ومن أولويات عملها في المناطق المحررة المساعدة في إطلاق عمل المجالس المحلية وتفعيلها، أو المساهمة في إعادة تشكيلها في حال لم تكن موجودة، بما يكفل تمثيل جميع الشرائح الاجتماعية والدينية الموجودة.
وأوضح ديب أن اللجنة تهدف في عملها إلى إعداد تقييمات ودراسات حول الحاجات الملحة والإسعافية للمدن والقرى والمراكز السكنية التي يتم تحريرها من تنظيم “داعش” في ريفي حلب الشمالي والشرقي، مشيرًا إلى أنهم ينشطون حاليًا في الريف الشمالي وفي مدينة جرابلس وريفها، مبديًا أمله بامتداد عملهم نحو مدينتي الباب ومنبج وريفيهما القريب.
تعمل لجنة “إعادة الاستقرار” بتعاون وثيق مع الحكومة التركية، ممثلة بوزارة الخارجية، وكذلك مع الجهات المانحة الأخرى، بحسب الأستاذ ديب، ودعمت مؤخرًا حملة أطلقها ناشطو الحراك الثوري في مدينة جرابلس، هدفت إلى إزالة آثار تنظيم “الدولة” من المدينة، عبر إعادة طلاء كل الأماكن التي تحتوي على شعارات وكتابات التنظيم، وإعادة طلاء الجدران والواجهات واللافتات ذات اللون الأسود، ورفع أعلام الاستقلال في الساحات وفوق المباني العامة، وانتهت الخميس 10 تشرين الثاني.
مراحل الدراسات والتقييم
يقسم عمل اللجنة إلى مرحلتين: الأولى تضمنت إعداد دراسات وتقييمات للمراكز السكنية الواقعة تحت سيطرة “داعش”، وتشمل السكان ووضع البنية التحتية من مخابز ومياه وكهرباء ونظافة، وأعدت اللجنة دراسات لـ 565 مدينة وبلدة وقرية في المنطقة.
وأوضح ديب أن المرحلة الثانية تأتي بعد طرد التنظيم، وتتضمن دراسة تفصيلية للبنى التحتية وتقديم مشاريع إسعافية سريعة، تضمن تأمين أبسط مستلزمات الحياة، كتوفير الخبز والماء، مشيرًا إلى اهتمام خاص بإعادة إطلاق العملية التدريسية، وتأمين الخدمة الصحية والبيئية.
ونوه عضو اللجنة إلى أن عملها لا يشمل مشاريع إعادة البناء، وإنما تقديم حلول إسعافية سريعة “في حال وجود أضرار بمدرسة نقدم مشروع إصلاح وترميم، أما إن كانت مهدمة فنقدم مشروع تأمين مدرسة متنقلة عبارة عن كرفانات”، مطلعًا عنب بلدي على دراستين أعدتهما اللجنة لمدينة جرابلس وبلدة الراعي والمناطق المحيطة بالمنطقتين، وشملت ملخصًا لواقع البنى التحتية والاحتياجات اللازمة.
في بداية العام الجاري، قدمت اللجنة سيارة إسعاف وصهريج مياه ومولدة كهربائية وكرفانة متنقلة كمدرسة في منطقة حوار كلس، ولاحقًا دمّرت المدرسة أثناء اقتحام تنظيم “الدولة” للقرية، كذلك أنشأت مدرسة صيفية أقيمت في مدينة اعزاز للأولاد النازحين حديثًا، لتعويدهم على جو الدراسة، نتيجة انقطاعهم عن التعليم أثناء إقامتهم تحت سيطرة “داعش”، بحسب ديب.
وتابع مناح ديب في حديثه عن المرحلة الجديدة في عملهم، “استطعنا تقديم جرار مع عربة خاصة بالنظافة لقرية كلجبرين، وسلمنا مديرية الصحة في مجلس المحافظة كرفانة متنقلة ومجهزة للعمل كنقطة طبية في قرية باب ليمون منذ أيام، وقمنا بإعداد مشاريع إسعافية خدمية لـ 81 مركزًا سكنيًا في الريفين الشمالي والشرقي”.
لكن عمل اللجنة لم ينحصر فقط في المناطق المحررة من التنظيم، إذ أشار ديب إلى أنهم استطاعوا تأمين 265 دورة مياه للمخيمات العشوائية، وتأمين دعم لفريق العمل الإنساني الذي ساعد في نقل النازحين مجانًا من قرية الخلفتلي إلى مدينة اعزاز.
عدا عن ذلك، شكلت اللجنة فريقًا للتواصل مع “قوات سوريا الديمقراطية” لحل بعض المشاكل، ونجحت بإعادة جثث مقاتلي “الجيش الحر” في معركة تل رفعت ودفنهم في اعزاز قبل أشهر، وتأمين مرور قوافل طبية وإنسانية بين الريفين الغربي والشمالي لحلب عبر عفرين، بحسب ديب، واستدرك “لاحقًا تم تجميد عمل هذا الفريق”.
يتزامن عمل لجنة “إعادة الاستقرار” مع استمرار المعارك في ريف حلب الشمالي الشرقي ضد تنظيم “الدولة”، ضمن غرفة عمليات “درع الفرات”، والتي تضم عددًا من فصائل “الجيش الحر” بدعم تركي جوي وبري، إذ كان تحرير مدينة جرابلس في 24 آب الماضي باكورة إنجازاتها.