تحالفات المصالح تفرض نفسها على “غضب الفرات”
براء الطه
جاء إعلان قوات سوريا الديمقراطية بعد مد وجذر، وضغوط مورست على الإدارة الأمريكية بضرورة مزامنة معركة الرقة مع معركة الموصل، حتى يتم تقسيم مهمة اجتثاث التنظيم على عاتق البلدين بالتساوي تقريبًا.
الأمر الذي يجب نقاشه هنا هو ما صرح به بريت مكجورك، المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف، عن أن المعركة ستكون على عدة مراحل، يهدف أولها إلى عزل مدينة الرقة ومن ثم الإطباق عليها، فما هي إمكانية ذلك؟
معنى العزل هو التطويق بشكل كامل (شمال، وجنوب، وغرب، وشرق)، وهذا الأمر مستحيل جملة وتفصيلًا، إذا ما ألقي على عاتق قوات سوريا الديمقراطية منفردة، فالريف الجنوبي للرقة لا يوجد به أي وجود لتلك القوات على الأرض ولا لأي قوة أخرى، فكيف يمكن أن يتم ذلك.
لا تقل أهمية معركة الرقة عن معركة الموصل التي اشتركت فيها جميع القوى العراقية الموجودة على الأرض رغم التحفظات على بعضها، لكنّ استعداد التنظيم والتجهيز الجيد لمثل هذا اليوم حتّم توحد كل الأطراف لإنهاء وجوده من الأراضي العراقية بالشكل الظاهري الذي نراه اليوم.
كذلك ستتطلب معركة الرقة توحد جميع الأطراف لهذا الغرض وإنهاء وجود التنظيم سوريًّا، ولذلك من البديهي أن تكون المهام مقسمة على الشكل التالي: إذا ماكان العمل ذا “طابع جدي”، وليس مجرد صرف نظر عن معركة أخرى كما حدث في معركة منبج.
ففي الجنوب:
الجيش الذي خاض غمار تجربة التقدم باتجاه الطبقة مازال موجودًا في منطقة أثريا التي تبعد عن مطار الطبقة حوالي 114 كيلومترًا، لذلك ستكون مهمته في حال العمل الجدي على معركة الرقة هي التطويق من الجنوب الذي لن يجد فيه أي صعوبة تذكر، فخط السير من أثريا إلى الرصافة خط صحراوي لا توجد فيه أي كتل إسمنتية تساعد في عملية المقاومة أو التحصين، لذلك لن يحتاج إلا إلى عملية إسناد جوي بسيط لضرب الأرتال المتقدمة أو الكمائن الموجودة على خط التقدم. وما يسهل هذه العملية بشكل أكبر هو فتح عملية موازية تنطلق من أراك باتجاه السخنة لتشتيت قوة التنظيم وإرباك قادته العسكريين.
أما في الشمال والشمال الشرقي والغربي:
الوجود بالمطلق للقوات الكردية والقوى المؤازرة لها وستنطلق العمليات من محوري الهيشة وعين عيسى، وتبعد عن مدينة حوالي 47 كيلومترًا خطّ نظر.
يتميز الريف الشمالي بوجود كثيف للقرى والمدن، مقارنة بالريف الجنوبي، يعتمد فيها التنظيم على نصب الكمائن للقوات المعادية لإبطاء تقدمها باتجاه المدينة، حيث جهز العدة لخوض معركة طويلة الأمد قد تمتد أشهرًا في حال نجاحها.
للسيطرة على مدينة الرقة أهمية إعلامية فقط يمكن استخدامها لتعويم هذا الطرف أو ذاك ليس إلا، ولا يمكن استثماره في ميدان المفاوضات، إضافة إلى ذلك فإن أهميتها العملياتية لا تقارن بأي شكل من الأشكال بمدينة الطبقة صاحبة السد المائي الأهم في سوريا والمنطقة.
أما عن الدور التركي في المعركة فسيكون كما هو واضح من تحت الطاولة عن طريق ضخ المعارضة المسلحة التي تلقت تدريبات في الأراضي التركية، بجسد قوات سوريا الديمقراطية، وهو ما بدا واضحًا بعد التعنت الكردي في عدم إشراك تركيا بشكل مباشر.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :