سكان الغوطة يطالبون بملاجئ المؤسسات المدنية والفصائل.. هل من مجيب؟
عنب بلدي – الغوطة الشرقية
لا توجد ملاجئ إلى أين نذهب؟ سؤال يتدواله القاصي والداني في مدينة دوما، ممن فقدوا بعضًا من أفراد عائلاتهم إثر القصف، بينما تتخذ المؤسسات والهيئات المدنية من الأقبية مقرات لها، ويجلس مقاتلو الفصائل العسكرية داخل أخرى، في المناطق القريبة من جبهات القتال.
تغيب مشاريع تأسيس وإعادة تأهيل الملاجئ عن مدن وبلدات الغوطة الشرقية، رغم استهدافها بشكل يومي، ومع التصعيد الأخير على مدينة دوما خاصة، ومقتل العشرات من المدنيين خلال الأسبوعين الماضيين، طفت إلى السطح مطالب الأهالي بتأمين ملاجئ لحمايتهم، مطالب لم تلق آذانًا صاغية منذ سنوات حتى اليوم.
المجالس المحلية عاجزة
يقول المهندس خليل عيبور، رئيس المجلس المحلي لمدينة دوما، إن المجلس يدرس حاليًا أوضاع الأقبية والملاجئ في المدينة، من خلال مسحها بشكل كامل وتقييم إمكانية أن تكون ملجأً، إلا أنه يقر بعجز القائمين عليه على إدارة هذا الملف.
ويرى عيبور، في حديثه إلى عنب بلدي، أن المجلس لم يأخذ دوره الحقيقي، “لغياب الإمكانيات المتاحة ولأن كلفة هذه المشاريع عالية جدًا”، لافتًا إلى أن المجلس “في ظل الوضع الحالي مع قلة الدعم، يقف عاجزًا أمام تخديم الملاجئ في المدينة”.
ويؤكد رئيس مجلس دوما المحلي أن التنسيق مستمر مع المدنيين لتقييم أوضاع الملاجئ، وينسّق معهم بخصوص فتح مخارج طوارئ لها في حال تعرضها للقصف، من خلال الدراسات الفنية التي يقدمها، لافتًا إلى أن المكتب التعليمي ومكتب الخدمات والورشات في المجلس “يبحث عن ملاجئ قريبة من المدارس، بالتنسيق مع مديرية التربية والتعليم التابعة لوزارة الحكومة المؤقتة”.
مشروع متوقف
جمعية السلام تأسست عام 1999 في مدينة بون الألمانية، وعملت على العديد من المشاريع الاجتماعية والإغاثية، ولديها مكتب في مدينة دوما بالغوطة الشرقية. |
بدأت جمعية “السلام” الألمانية من خلال مكتبها في مدينة دوما، مشروعًا لإعادة تأهيل نحو مئة ملجأ في الغوطة الشرقية، إلا أن الاقتتال بين الفصائل قبل أشهر، أوقف العمل في المشروع، وفق حسان النجار، نائب مدير مكتب الجمعية.
ويقول النجار لعنب بلدي إن المشروع بدأ في كانون الأول من العام الماضي، بعد أن ازداد القصف على مدارس الغوطة وبالأخص مدينة دوما، مشيرًا إلى أن المستهدف الأول منه هم أطفال المدارس، إلا أنه لم يتمّ مراحله حتى اليوم، بعد أن استأجر ملاجئ وأقبية من أصحابها بعقد إيجار سنوي، وعمل على تأهيل بعض الأقبية العامة كأقبية المدارس.
أعاد القائمون على المشروع تأهيل 17 ملجأً، معظمها (70% منها) استهدف المدارس، وفق النجار، ويؤكد أن كادر المشروع وجد خلال الفترة الماضية عددًا من الملاجئ التي رُدمت تحت الأنقاض واستطاع إعادة تأهيل بعضها من خلال توفير الماء والكهرباء والتهوية وتجهيزها للسكن، وتزويد بعضها بالطاقة الشمسية.
ومع اقتتال الفصائل توقف العمل في المشروع حتى اليوم، بعد إنجاز عشرة ملاجئ في دوما، وملجأين في كل من سقبا وحرستا، وواحد في كل من منطقة الريحان وحمورية، وزملكا، وفق نائب مدير الجمعية الألمانية. وعزا تجهيز العدد الأكبر في دوما لتعدادها السكاني الكبير مقارنة بباقي مدن وبلدات الغوطة.
يحاول كادر الجمعية إعادة العمل في المشروع، ويشير النجار إلى أن الفريق واجه صعوبات عدة خلال فترة عمله الماضية أبرزها العثور على الملاجئ تحت الردم، ويقول إن بعض الأهالي تخوفوا من فكرة وجود ملجأ بالقرب منهم، “كي لا يستهدفه النظام ويتضرر من يجاوره”.
حلول فردية.. غرف تحت المنازل
رغم قلة الملاجئ إلا أن الغوطة لا تخلو منها، ولكنها غير مهيأة للاستخدام، كما يقول من استطلعت عنب بلدي آراءهم، في الوقت الذي توجّه فيه أصحاب البيوت العشوائية أو العربية، ممن ليس لديهم أقبية، إلى حلول فردية، وسط غياب الدور الفاعل للمجلس المحلي والمؤسسات المعنية الأخرى.
سعيد فليطاني، يقطن في حي شعبي بدوما، ويقول إنه بدأ بحفر غرفة بعمق سبعة أمتارٍ تحت الأرض قبل أيام، مشيرًا “كنت أضع عائلتي داخل الحمام خلال القصف، إلا أنني قررت حفر غرفة تحت الأرض، تقينا القنابل العنقودية على الأقل”.
تبلغ تكلفة حفر المتر الواحد أربعة آلاف ليرة سورية، ويدفع من يحفر غرفة واحدة (ممرًا ومدخلًا ومخرجًا) مبلغًا قدره 120 ألف ليرة، بحسب فليطاني، ويؤكد أن نسبة من الأهالي بدؤوا بحفر غرفٍ تحت منازلهم، بينما يعتمد آخرون ممن لا يملكون المال على أقبية الأبنية السكنية والمساجد.
ويرى محمد عدنان، من سكان مدينة دوما، أن الملاجئ أولوية للأهالي في الغوطة، مشيرًا إلى أن المؤسسات المدنية تستخدم الأقبية كمستودعات ولها الأفضلية، بينما لا يجد الأهالي ملجأً يحتمون به من القصف.
يقطن عدنان في الطابق الرابع داخل أحد الأبنية السكنية، ويؤكد وجود بعض الملاجئ القريبة منه في السوق، إلا أنها تغلق أبوابها مع غروب الشمس، “ولا نستطيع فتحها في حال القصف ليلًا”، مطالبًا المجلس المحلي والجهات المعنية بتأمين ملاجئ “ربما تخفف من ضحايا هذا القصف المجنون”.
يتابع فليطاني حفره، ويتكرر مشهد هرولة عدنان وعائلته إلى الطوابق السفلية مع كل قصف حتى اليوم، بينما لا يبدو أن حلًا يلوح في الأفق، من الممكن أن يمنح أهالي الغوطة الشرقية، ملاذًا آمنًا يقيهم زحمة الصواريخ والقذائف.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :