مراد عبد الجليل
بعد أربعة أيام من المناقشات تحت قبة مجلس الشعب في سوريا، الأسبوع الماضي، صوّت أعضاء المجلس على إحالة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2017 إلى لجنة الموازنة والحسابات ليتم الوقوف على بعض النقاط والثغرات.
الأعضاء ناقشوا الموازنة بعدما أحالها رئيس النظام، بشار الأسد، الشهر الماضي، إلى المجلس من أجل تقديم الاقتراحات والانتقادات حولها.
وأعلن وزير المالية في حكومة النظام، مأمون حمدان، عن اعتمادات مشروع الموازنة العامة لعام 2017، والتي قدرت بمبلغ 2660 مليار ليرة سورية بزيادة مقدارها 680 مليار ليرة عن العام الماضي، التي بلغت 1980 مليار ليرة، بنسبة زيادة 34.34%.
حمدان أوضح أن اعتمادات العمليات الجارية (مخصصات الإنفاق كالشراء والمبيع والاستيراد وبدلات الاستملاك والاستثمار) بموازنة العام المقبل، قدّرت بمبلغ 1982 مليار ليرة سورية، بينما قدرت اعتمادات العمليات الاستثمارية بـ 678 مليار ليرة، في حين وصل حجم الدعم الاجتماعي في الموازنة إلى 423 مليار ليرة سورية.
وبحسب بيان الحكومة عن الموازنة الجديدة، فإن اعتماداتها تقوم على تنشيط الدورة الاقتصادية وتحسين المستوى المعيشي، وخلق فرص عمل للمواطنين تصل إلى 56499 فرصة في العام المقبل.
الموازنة “الأكبر” في سوريا.. هل هناك تطور؟
موزانة 2017 تعتبر الأضخم في تاريخ سوريا، بالنظر إلى موازنات السنوات الماضية، لكن ذلك لا يدل على تطور اقتصادي في سوريا، بحسب الخبير الاقتصادي، محمد حسام حلمي، الذي قال لعنب بلدي إن “ذلك لا يعود إلى زيادة حقيقية ناتجة عن تطور أو توسع بالاقتصاد السوري، الذي أصبح مدمرًا، وإنما يعود إلى تضخم قيمة النفقات الناجمة عن الارتفاع الكبير بالأسعار نتيجة انهيار قيمة الليرة أمام الدولار”.
ورغم ارتفاع الموازنة، إلا أنه بحساب قيمتها الحقيقية مقارنة بسعر صرف الدولار خلال السنوات الست السابقة، نجد أن الموازنة انخفضت بشكل كبير.
وبالعودة إلى عام 2010، بلغت قيمة الموازنة نحو 750 مليار ليرة، ما يعادل 16.4 مليار دولار باعتبار سعر صرف الدولار 45.5 ليرة، أما في 2011 (بداية الثورة)، بلغت قيمة الموازنة 835 مليار ليرة ما يعادل 18.3 مليار دولار باعتبار سعر الصرف نفسه.
وإذا ما أردنا حساب قيمة الموازنة على سعر صرف 45.5 فمن المفروض أن يصل حجم الموازنة في 2017 إلى 56.5 مليار دولار، لكن مع استمرار انهيار الليرة السورية وتدهور سعر صرف الدولار خلال السنوات الماضية والبالغ حاليًا نحو 517 ليرة مقابل الدولار (بحسب تسعيرة المصرف المركزي)، يكون حجم موازنة العام المقبل 5.1 مليار فقط، وبالتالي تعتبر الأدنى خلال السنوات العشر الأخيرة.
أي أن قيمة الموازنة في 2010 أكثر من الموازنة الحالية، بحسب الباحث الاقتصادي يونس الكريم، الذي قال إن قيمة الكتلة النقدية التي أعلن عنها هي أقل من موازنة 2010 بثلاثة أضعاف ونصف بسبب استمرار انهيار البنية التحتية للدولة السورية.
وأكد الكريم أن قيمة الموازنة الحالية لا تحقق أبسط التغطية للمستوردات السورية، ما سيؤدي على الأغلب إلى الوقوع في عجز بالنصف الثاني من 2017.
التمويل بالعجز وتضارب التصريحات
تضاربت تصريحات مسؤولي النظام، بين الادعاء بقوة الدولة السورية بمؤساستها وبين تلبية الموازنة المقبلة للطموحات والآمال.
البداية كانت من وزير المالية، مأمون حمدان، الذي قال إن إقرار مشروع الموازنة العامة للدولة يعبر عن قوة الدولة السورية بمؤسساتها في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
كما أكد رئيس لجنة الموازنة والحسابات في مجلس الشعب، حسين حسون، أن تقديم الحكومة بيانها المالي لمشروع الموازنة ضمن المهلة الدستورية ووفقًا للمعطيات والإمكانات المتاحة، يمثل إنجازًا مهمًا ورسالة للداخل والخارج بأن الاقتصاد السوري ومؤسسات الدولة بخير رغم ما طالها على يد الإرهاب من غدر وإجرام.
وأكد حسون في تصريح لصحيفة “الوطن” المقربة من النظام، في 31 تشرين الأول، أن الموازنة ستكون ملبية للآمال والطموحات، لكنه في تصريح آخر للصحيفة نفسها، الأربعاء 2 تشرين الثاني، اعترف أن من يطلع على البيان المالي الحكومي للوهلة الأولى يشعر بأنها موازنة بضخامتها ستكون ملبية للطموحات والآمال إلا أن 27.88% منها ممول بالعجز في الواقع… حملت لنا عجزًا ماليًا يقدر بـ741.16 مليار ليرة”.
والتمويل بالعجز هو استدانة الحكومه من الجهاز المصرفي (البنك المركزي)، لسد العجز الذي يحدث في ميزانية الدولة.
وسيكون للتمويل بالعجز تداعيات خطيرة العام المقبل، فالدولة لن تستطيع الاستيراد وبالتالي ستعود الحكومة إلى التقشف، بحسب الكريم، ما يؤدي إلى استمرارية ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم.
وأكد الكريم أن المواطن السوري سيكون فريسة لتجار الحرب، الذين سيغطون حاجيات السوق الأساسية بأساليبهم الخاصة، وبالأسعار التي يريدونها، وبالتالي ستتجه الليرة السورية نحو مزيد من الانهيار والمواطن السوري إلى مزيد من المعاناة.
وفي ظل الحجج التي تضعها حكومة النظام السوري كالعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا وتراجع الاستيراد، يزداد الشرخ بين الطبقة الفقيرة والغنية، لتتوسع شريحة المواطنين القابعين تحت خط الفقر، التي تتجاوز 85% بحسب دراسات اقتصادية حديثة.
العام | قيمة الموازنة بالليرة السورية | قيمة الموازنة بالدولار | سعر الصرف |
2010 | 750 مليار | 16.4 مليار | 45.5 ليرة |
2011 | 835 مليار | 18.3 مليار | 45.5 ليرة |
2012 | 1326 مليار | 24.1 مليار | 55 ليرة |
2013 | 1383 مليار | 20.4 مليار | 67.5 ليرة |
2014 | 1390 مليار | 9.9 مليار | 140 ليرة |
2015 | 1554 مليار | 15.36 مليار | 150 ليرة |
2016 | 1980 مليار | 7.9 مليار | 250 ليرة |
2017 | 2660 مليار | 5.1 مليار | 517 ليرة |